حـسـان الـحـسـن – الـثـبـات
جاء خطاب رئيس المجلس النيابي نبيه بري الأخير، الذي ألقاه في
ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر في الأيام القليلة الفائتة، ليثبت مرةً أخرى استمرار الخلاف بين الرؤساء الثلاثة على تأليف الحكومة المرتقبة.
وليوضح جليًا مدى التطابق في المواقف بين الرئاستين الثانية والثالثة من الشأن الحكومي تحديدًا، وخوضهما سويُا مواجهة الرئاسة الأولى.
الأمر الذي بدأ يترك تداعياتٍ على صيغة العيش الواحد اللبنانية، خصوصًا بعد عودة بروز الاصطفافات المذهبية.
آخرها كان انعقاد جلسة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في دار الفتوى، لتأمين الغطاء المذهبي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي…
حتى ولو خالف الدستور، ومس صيغة العيش الواحد، عبر رفضه ضمنًا تأليف حكومةٍ جديدةٍ جامعةٍ قادرةٍ على تحمل مسؤولية إدارة دفة الحكم في البلاد، في حال تعذر انتخاب رئيسٍ جديدٍ للجمهورية، قبل 31 تشرين الأول المقبل.
ولا ريب أن “نهج ميقاتي التعطيلي” الراهن، سيوقع البلد في فراغين دستوريين، أولًا في حال خلو سدة الرئاسة الأولى.
وثانيًا، في حال بقاء حكومة تصريف الأعمال الميقاتية الثالثة في الحكم، وهي مستقيلة دستوريًا، عقب إجراء الانتخابات النيابية الأخيرة.
الأمر الذي أدى الى أزمة نقاشٍ دستوريٍ- طائفيٍ. فمن البديهي أن ترفض القيادات المسيحية، وعلى رأسها بكركي، تهميش موقع رئاسة الجمهورية، ومصادرة صلاحياتها..
والعودة إلى إنتهاج سياسة تحجيم الدور المسيحي في الحياة السياسية اللبنانية، الذي مورس في حق المسيحيين، إثر توقيع اتفاق الطائف في العام 1989.
ومن البديهي أيضًا، أن تواجه القوى المسيحية، محاولة تهميشها، بعدما نجحت في إعادة التوازن إلى السلطات الدستورية في البلاد، من خلال توافق غالبية هذه القوى على انتخاب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية في العام 2016.
على اعتبار أنه يحظى بتأييدٍ شعبيٍ واسعٍ لدى اللبنانيين عمومًا، والمسيحيين خصوصًا، وذلك تماشيًا مع العرف السائد في لبنان، الذي يقضي بإيصال الشخصية الأقوى والأكثر تمثيلًا لدى طائفتها، إلى موقعي الرئاستين الثانية والثالثة.
كما هو حال بري، وميقاتي اليوم، وقبلهما الرؤساء سعد الحريري وفؤاد السنيورة، والشهيد رفيق الحريري الذي حكم لبنان نحو 10 أعوام. وأرسى نهج ما يعرف بـ “الحريرية السياسية”.
أمام هذه الأجواء الخلافية في البلاد المذكورة آنفًا، يؤكد مرجع كبير في فريق الثامن آذار انزعاج حزب الله من هذه الأجواء…
خصوصًا لجهة عودة الاصطفافات المذهبية، وإثارة الخطب الطائفية، والمواقف النارية العقيمة التي برزت في الأيام القليلة الفائتة، التي لا تؤدي إلا إلى مزيدٍ من تعميق الشرخ بين اللبنانيين التواقين إلى ولادة حكومةٍ جديدةٍ…
تعمل على الأقل على الحد من تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، كما ينقل المرجع.
ويكشف أن مسار تأليف الحكومة المرتقبة، دفع “الحزب” إلى المطالبة بتعويم الحكومة الراهنة، بعدما لاقى طرح “الحكومة المطعمة بسياسيين”، رفضًا مشتركًا من الثنائي بري- ميقاتي.
وأن جل ما يسعى إليه الأخير، هو موافقة الرئيس عون على إجراء تعديلٍ حكوميٍ، يفضي إلى تبديل وزيري الاقتصاد أمين سلام والمهجرين عصام شرف الدين، لأسباب شخصية تعود لرئيس حكومة تصريف الأعمال.
في وقت يسعى فيه رئيس الجمهورية إلى ولادة حكومة موسعة عتيدة قادرة على ملء الفراغ الدستوري “الحتمي”، ودائمًا بحسب معلومات المرجع.
أمام هذه التعقيدات المذكورة، التي تعتري ملف تأليف الحكومة، لم يعد أمام “الحزب” حتى الساعة، أي خياراتٍ متاحةٍ، لتجنيب البلاد الفراغ الدستوري، والفتن المذهبية، غير تعويم الحكومة الحالية، يختم المرجع.