لا يزال انعدام التغذية بالتيار الكهربائي لساعات طويلة في مختلف المناطق اللبنانية يتصدّر قائمة أزمات لبنان ويبدو أن الكهرباء ستبقى غائبة في الفترة المقبلة مع استمرار الحصار الأمريكي للبلد وقطع طريق الحلول المجانية والعروض أمامه أو تكبيده مزيداً من السلفات المالية في ظلّ أزمة مالية خانقة أيضاً الى جانب انسداد الأفق السياسي لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة.
كشفت طيّات كلام مساعدة وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف عن مخطط أمريكي سيضطر اللبنانيون فيه الى تحمّل “المزيد من الألم”، اذ “يجب أن تسوء الأمور أكثر” على اعتبار أن الولايات المتحدة هي عرّابة الأزمة في لبنان وهي مستمرة في حصارها. ودسّت “ليف” الحل على أمام الدولة لإعادة بنائها وهو “التخلّص من حزب الله” الذي وصفته بـ “اللعنة”!
كما كشفت في لقاء نظّمه “معهد ويلسون” حول السياسة الاميريكية في لبنان وأداره السفير الأمريكي السابق في بيروت دايفيد هيل أن واشنطن أحضرت مجموعات من “المنظمات غير الحكومة” (NGOs) في لبنان و”قمنا بتدريبهم لأشهر، وأعتقد أن تمويلهم من اهم الامور حاليًا”.
وحول الدور الأمريكي في أزمة الكهرباء، فإن واشنطن التي لم تأتي بعد بما طرحته سفيرتها في بيروت دوروثي شيا، بالغاز المصري والكهرباء من الأردن بسبب الاستمرار بمفاعيل ما يسمى “قانون قيصر” ضد سوريا، فإن الإدارة الأمريكية تقطع الطريق أمام هبة الفيول الإيراني المجانية التي كانت مقررة. وكان وفد لبناني تقني قد زار العاصمة الإيرانية طهران التي وعدت بتزويد بيروت بـ 600 طن من الفيول المجاني.
هذا “الفيتو” الأمريكي وعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، يعيد لبنان الى تكاليف جلب الفيول من الدول العربية، ويُطرح الفيول من الجزائر كبديل غير مجاني عن الفيول الإيراني. ومطلع شهر تشرين الثاني / نوفمبر الحالي التقى وزير الطاقة اللبناني وليد فياض بنظيره الجزائري محمد عرقاب على هامش القمة العربية، وبحثا في مسألة الفيول، واستمرت المفاوضات لحسم الملف لكن لم توضع خطة نهائية، كذلك جرى الحديث حول مشكلة “سوناطراك” (أزمة الفيول المغشوش عبر شركة سوناطراك الجزائرية) وإنهائها بـ “ودّيّة”.
تعرقل الأزمة السياسية طريق الفيول الجزائري غير المجاني، اذ يتطلّب الأمر إقرار قانون – في مجلس النواب الذي يعقد حالياً لانتخاب رئيس للجمهورية – سلفة خزينة لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان قيمتها بين 200 و300 مليون دولار أمريكي، وهي تكفي ثمن فيول لعدّة أشهر. ولكن من أين سيؤمن المصرف المركزي هذا المبلغ؟ على حساب أموال المودعين؟ بينما الفيول الإيراني كان سيقدّم مجاناً الى لبنان!
في هذا الصدد، شدّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن “الوفد اللبناني يذهب إلى الجزائر ويتوسل للجزائر أن ترجع “سوناطراك” وتبيع فيول للبنان، ويفتل من دولة لدولة ومن بلد لبلد، صحّ أو لا؟ وسيشتري، يعني سيدفع أموال، هناك دولة أخرى صديقة ولا تريد شيء وبلا قيد وبلا شرط وبلا أي حرج وحتى بالشكل لا يقفون عند شيء لا بالشكل ولا بالمضمون، لا شيء لا شيء على الإطلاق، نريد أن نساعدكم تعالوا وخذوا هذه المساعدة، لا يسترجون لماذا؟ لأن الأميركي حذرهم ومنعهم وهدّدهم، هذا يجب أن يعرفه الشعب اللبناني”.
وتابع السيد نصر الله هذا الحصار “ينفذوه وهم جالسين في واشنطن، ممنوع اي دولة ان تقدم مساعدات الى لبنان، ممنوع اي دولة ان تأتي وتستثمر في لبنان، ممنوع اي دولة ان تمد يد العون الى لبنان، ممنوع اي دولة ان تضع ودائع في البنك المركزي في لبنان”… اليوم هذا هو الحصار، أن يضع عليك عقوبات وينفذ حصار على البلد، انهم مثلا خائفين ان يضعوا عقوبات على البنك المركزي! هم يفعلون ما هو اسوأ، ممنوع على أحد ان يساعد لبنان، الأنكى من ذلك إذا كان هناك دولة في العالم لديها الشجاعة والجرأة ان تخرج على الحصار الامريكي وتمد يد المساعدة الى لبنان ماذا يأتي الأميركان ليعملوا؟ يأتون الى الدولة اللبنانية الى الحكومة اللبنانية، ممنوع أن تأخذوا المساعدة، ممنوع! هذا ما اسمه؟ هذه هي اللعنة وهذا هو الطاعون”.
الكاتب: غرفة التحرير