كتب داني حداد في موقع mtv:
انتُخب النائب جبران باسيل رئيساً للتيّار الوطني الحر لولاية ثالثة. هو سيبقى رئيساً للحزب لولاياتٍ كثيرة، مثله مثل معظم رؤساء الأحزاب في لبنان، حيث الديمقراطيّة وهميّة.
هناك، طبعاً، معارضة داخليّة له، لكنّها لم ترقَ يوماً الى مصاف الجديّة.
التحدّي الأول الذي يواجهه باسيل ليس الملف الرئاسي المؤجّل، طويلاً على الأرجح، بل الملف الحزبي الداخلي الذي يحتاج الى “شدشدة” في ظلّ تباينٍ في المواقف بين عددٍ من النوّاب، ومعهم قياديّين وكوادر، وباسيل. هذا التباين خرج الى العلن في مناسباتٍ عدّة، على لسان باسيل نفسه الذي هدّد نوّابه، بحضور وبركة الرئيس ميشال عون.
يقول أحد النوّاب، بصراحة ووضوح، تعليقاً على موقع عون في هذا الخلاف: “ما في شي اسمو ميشال عون. في جبران يللي بيقلّو شو يعمل”.
لسنا ندري مدى دقّة هذا الكلام، وإن كان تأثير باسيل معروفاً. ولكنّ عون ليس مسلوب الإرادة، وهو على قناعة بما يقوم به، وتحييده، غالباً، هو لحصر الاتّهام بباسيل.
مشهد التباين في “التيّار” عمره سنوات، ولكنّه تمثّل خصوصاً في الجلسة النيابيّة الأخيرة، حين أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب عدم التزامه بقرار التكتّل انتخاب جهاد أزعور، بينما رفض النائب ألان عون البوح أمام باسيل بهويّة الإسم الذي كتبه على ورقة الاقتراع، فحصل جدالٌ في إحدى قاعات المجلس، مباشرةً بعد انتهاء الجلسة.
تبع ذلك استدعاء الإثنين الى مجلس الحكماء، فرفضا الامتثال. واتّصل الان عون بخاله، الرئيس عون، الذي ادّعى أنّه ليس على علمٍ بما يجري. ولكنّ “الجنرال” كان يعرف.
الأسوأ أنّه تمّ اختيار النائب السابق ناجي غاريوس، ابن الدائرة الانتخابيّة نفسها، لإبلاغ عون. اعتبر الأخير الأمر رسالة.
أما النائب نقولا صحناوي فسمع من بو صعب، عند إبلاغه، كلاماً عن استدعاء وزير الاتصالات السابق الى لجنة تحقيق برلمانيّة بسبب اتّهامات فساد وهدر وُجّهت اليه.
سبق أن تلقّى بو صعب، منذ أشهر، كتاباً من لجنة الإعلام في التيّار الوطني الحر يتضمّن ملاحظات حول كلامٍ كان أدلى به ردّاً على موقفٍ لباسيل. مزّق بو صعب الكتاب ووضعه في المغلّف وكتب عليه “مرتجع مع الشكر” وردّه الى حامله.
مع الإشارة الى أنّ العلاقة بين باسيل وبو صعب مقطوعة منذ فترة، وقد اعترض الأخير بقوّة على كلام رئيس “التيّار” في عشاء هيئة المتن، وغادر مكان العشاء تعبيراً عن ذلك.
أدّى ما سبق كلّه الى صدور توصية بحقّ بو صعب وعون لم يُكشف عن مضمونها بعد، إلا أنّ مصادر ترجّح أنّها تتضمّن فصلاً للأول وعقاباً للثاني. علماً أنّ مصادر في تكتّل “لبنان القوي” تتحدّث عن أنّ “ردّة الفعل على هذا القرار لن تقتصر على النائبَين بل ستشمل نوّاباً آخرين يرفضون التعامل القمعي معهم”.
فهل يؤدّي ذلك الى شرخٍ في “التيّار”، أم سينجح رهان باسيل على أنّ قراره سيمرّ كما مرّ قرار فصل زياد أسود؟
وهل يستفيد باسيل من وصوله، من جديد، الى رئاسة “التيّار” ليثبت بأنّه قادر على فرض قبضته عليه؟
إن صدر القرار ستكون الكرة في ملعب النوّاب، أو بعضهم على الأقل.