يستمر وزير الطاقة والمياه اللبناني وليد فياض بمتابعة الإجراءات وعقد اللقاءات المناسبة لاستكمال جلب الفيول من الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تعرضه على لبنان مجاناً وهو “ليست هبة مشروطة” حسب ما قال فيّاض على عكس الغاز المصري الذي زعمت الإدارة الأمريكية استجراره الى البلد منذ أكثر من سنة بعد قائمة من الشروط، وعلى أيّ حال بقي الملف عالقاً بذريعة “قانون قيصر” المفروض أمريكياً أيضاً على لبنان وسوريا رغم اكتمال الإجراءات السياسية واللوجستية كافة.
في آخر تصريحاته أعلن فيّاض أن وفداً لبنانياً فنياً يتحضّر لزيارة العاصمة الإيرانية طهران لمناقشة مواصفات الفيول والكميات التي تحتاجها بيروت وللبحث بالأمور الإدارية، بالإضافة الى تجهيز الأمور اللوجستية لتأمين وصول الفيول. سبق هذا الإعلان لقاء بين فيّاض والسفير الإيراني في لبنان مجتبى اماني وقال الأخير عقب انتهاء اللقاء أن الأجواء إيجابية وبنّاءة وأوضح أن بلاده مستعدة “أيضاً في كل ما يتعلق بقطاع الطاقة عموماً وخاصة بناء محطات إنتاج الكهرباء على المدى المتوسط وفق عقود الـ BOT وإصلاح شبكات التغذية”، لافتاً الى أن “هذه الهبة ستأخذ طريقها لخدمة كل الشعب”، وتمنى أن “تشكل بداية التعاون في المجالات كافة”.
كذلك اجتمع فياض مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في 9 أيلول / سبتمبر الجاري، بحضور المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك، والمديرة العامة للنفط أورور فغالي، وجرى الحديث حول الوفد الذي سيزور طهران. وفي إطار متابعة ميقاتي للمبادرة، التقى بدوره مع رئيس مجلس النواب نبيه بري وتواصلا معا هاتفيا مع نائب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية في خطوة تؤكد أن المبادرة نالت تأييد وترحيب المستوى السياسي اللبناني.
في المقابل حاولت بعض الأطراف زرع العراقيل في طريق الفيول الإيراني بقولها إن الفيول المعروض غير مطابق لمواصفات المعامل في لبنان لكن هذه ليست بالمشكلة الكبيرة اذ يمكن مقايضة الفيول مع دولة ثالثة (على غرار الفيول العراقي)، إما تقايضه إيران أو يقايضه لبنان. وهذا الموضوع سيتم حكماً التطرق اليه خلال المباحثات مع الجانب الإيراني.
وأّكّد فيّاض أن “هذه المبادرة تكتسب أهمية استراتيجية لأنها ستوفر نقطة إنطلاق لتنفيذ خطة الكهرباء التي وضعتها الوزارة وحصلت على موافقة مجلس الوزراء وتلتها خطة الطوارئ، وهي تنطوي على زيادة ساعات التغذية تمهيدا لرفع التعرفة وتأمين التوازن المالي لمؤسسة كهرباء لبنان لكي تغطي احتياجاتها مستقبلا بنفسها، وفي الوقت نفسه تؤمن كهرباء للمواطنين بكلفة اقل من المولدات الخاصة ما يضع قطاع الطاقة على سكة التعافي والنهوض وبشكل مستدام”.
هذه المبادرة التي تلقفتها الدولة اللبنانية، كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد أطلقها صراحةً خلال مقابلته بمناسبة أربعينية الحزب حين قال “انا حاضر بأن آتي بالفيول الايراني لمعامل الكهرباء اللبنانية لكن فلتعلن الحكومة اللبنانية انها جاهزة لاستقبال هذا الفيول، لكي لا يصل ويبقى مقابل الشواطئ اللبنانية”. وعلى إثرها شدّد فيّاض ” إننا كوزارة طاقة نرحب بأي هبة تأتي من أي دولة صديقة في العالم”.
هذا العرض الإيراني هو جزء مهم من الحل الأزمة اذ سيسمح برفع ساعات التغذية بالتيار الكهربائي الى جانب زيادة كمية الفيول العراقي، فضلاً عن التواصل مع الدولة الجزائرية لأن ” معامل إنتاج الكهرباء بحاجة لكل ليتر فيول” حسب ما أوضح فيّاض.
ويغرق لبنان في أزمة الكهرباء منذ سنوات، لكنها تفاقمت في الأشهر الأخيرة وتبرزها بوضوح ألواح الطاقة الشمسية التي تغطي معظم أسطح المنازل والمباني السكنية والمنشآت بعد أن انقطعت التغذية بشكل كامل في بعض المناطق فيما حصلت أخرى على ساعة تغذية في اليوم وبعد أن ارتفعت فاتورة المولدات الخاصة التي تلتزم تسعيرة البلديات للكيلو الواط في مناطق وتتجاوزها بحوالي العشرة آلاف ليرة لبنانية للكيلو واط الواحد في بلدات أخرى، بالإضافة الى استمرار أصحاب المولدات بسياسة التقنين ما أدخل البلد فعلياً بالعتمة.