ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية أن عدد الفلسطينيين الذين قضوا برصاص جيش الاحتلال في الضفة الغربية منذ بداية هذا العام بلغ 81 شهيداً وهو “أعلى رقم قياسي منذ 7 سنوات”، اذ تتضاعف اعتداءات وانتهاكات كيان الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني بما يرتقي الى مستوى جرائم الحرب التي لا تقتصر على الضفّة إنما أيضاً في قطاع غزّة.
ويرى الصحفي، روغل الفر، في مقاله في الصحيفة أن ضبّاط الجيش يحرّضون الجنود على “الاستمتاع بقتل العرب” غير مكترثين بمصير هؤلاء الجنود الذين هربوا من غزّة عام 2014 بعد أيام من القتال وهم مصابون بالصدمات النفسية الدائمة.
المقال المترجم:
اسم العقيد افينوعم امونة تصدّر مؤخرا الى العناوين على خلفية اعلانه عن تقديم استقالته من الجيش بعد عدم حصوله على الترقية التي كان يطمح اليها، وكان امونة قد أعلن في عملية “الجرف الصامد” (العدوان الإسرائيلي على غزّة عام 2014) بأن عملياته في ساحة المعركة نجحت بفضل “معجزات” تدل على عناية الهية. في نهاية الحرب تم اعطاء وسام للكتيبة الخاضعة لامرته.
البيبيون (أنصار رئيس حكومة الاحتلال الأسبق بنيامين نتنياهو) ينسبون قطع طريقه امام الوصول الى هيئة الاركان الى مؤامرة لليسار ضد افكاره اليمينية وايمانه الديني المعقّد. وبهدف الاثبات للشعب أي شخص عسكري هو فقد تم تنزيل افلام من بطولته في الشبكات الاجتماعية. في أحد هذه الافلام، التي تم تصويرها في اليوم الذي جرى فيه الدخول الى غزة في عملية “الجرف الصامد”، ظهر امونة وهو يخطب امام الجمهور. وبابتسامة غريبة ودائمة لم تغادر وجهه قال لهم، ضمن امور اخرى، “من غير اللطيف أن تكون عربي في هذه الليلة”. وقد اجيب بالضحك والتصفيق. “أنتم سترونهم طوال الوقت وهم يهربون”، وعدهم، كأنه يعرض رؤية توراتية. بعد ذلك قال بشفقة: “اقتلوهم اثناء هربهم”، هذا لم يتم قوله لمجرد التوصية، هذا كان بمثابة أمر، والامر من القائد هو أمر يجب تنفيذه. الجنود مرة اخرى صفقوا، نعم أيها القائد. هم سيقتلونهم اثناء هربهم. “أيها الاصدقاء، ابتسموا”، امرهم امونة. “من الجدير الاستمتاع بذلك”، قام بتوصيتهم. “حاولوا”، لوح لهم بالإصبع من اجل التأكيد، “حاولوا الاستمتاع بذلك”.
المقدم المستقيل افينوعم امونة قام بحقن السم في الشريان الرئيسي للجنود كي لا يخطئوا ويعتقدوا للحظة بأن العرب هم بشر. جمل مثل “من غير اللطيف جدا هذه الليلة أن تكون عربي” ربما تكون صحيحة، ولكن عندما يقول لهم “أنتم سترونهم طوال الوقت وهم يهربون، اقتلوهم وهم يهربون”، فان هذا أصبح اعتراف بجريمة حرب.
من الممتع القتل بالزي العسكري للجيش الاسرائيلي، نعم، أن تقتل. يحاولون الاستمتاع بذلك. يفعلون ذلك بابتسامة. الحرب بالنسبة لامونة هي نشاط يرفع المعنويات ويفرح القلب. عليه قول للجنود الذين خرجوا من ساحة الحرب مع صدمة نفسية عميقة، ندوب، يحملون تجربة ما بعد الصدمة طوال حياتهم. الحرب هي جهنم. ولكن توجيهاته تدل على أنه بالنسبة له فان الحديث يدور عن استجمام في حقل للرماية.
الحقيقة هي أن عدد قليل جدا من الامور مرعبة أكثر من الحرب. وبناء على ذلك يبررون الحرب من اجل اجتثاث هذه الأمور. ولكن شعار امونة هو ابتسموا، اقتلوا واستمتعوا. الحرب تحدث حسب قوانين الحرب الدولية التي تقتضي درجة اساسية من النزاهة والانسانية والاحترام. في ظل غيابها يكف القتل عن أن يكون شرعي ويتحول الى قتل متعمد. هذه القوانين نصت بشكل صريح على أنه في اللحظة التي يلقي فيها الجندي سلاحه ويستسلم فانه يحظر قتله. تحظر مطاردته بما يتجاوز المعقول. أي خرق لهذه القواعد التي تحدد سلوك المعقول سيعتبر جريمة حرب. “اقتلوهم وهم يهربون”، هذا امر للقتل. من الذين يمكن أن يقتلوا؟ العرب. مهما كانوا. دون تمييز. حيث أنه قيل: من غير اللطيف جدا أن تكون عربي في هذه الليلة. كل عربي. وماذا عن الجنود الاسرائيليين الذين يهربون؟ هم ايضا مسموح إطلاق النار على ظهورهم؟
عندما ستسألون انفسكم في المستقبل كيف يمكن أن تكون كل القيادة العليا في الجيش الاسرائيلي متشابهة بشكل كامل، تذكروا العقيد افينوعم امونة، المحارب الشجاع والقائد اللامع الذي ليس فيه أي عيب والذي قرر الذهاب الى البيت لأنه لم تتم ترقيته.
في المقال الذي نشره امونة في 2015 في مجلة الجيش الاسرائيلي “معارك” بعنوان “قيادة القائد في ساحة المعركة”، وصف اضحكوا، اقتلوا واستمتعوا بـ “كلمات تحفيز”. وماذا سيحدث إذا مات جنوده؟ “يجب على القائد أن يوضح بأنه يوجد مبرر لهذا الثمن الباهظ “.
المصدر: هآرتس