تعيش القدس والضفة الغربية المحتلّة اليوم حالة من المقاومة المتصاعدة التي تتصدى لمشاريع الاحتلال وتقوّض نشاط جيشه. وهي حالة مستمرة تقريباً – ولو تخللها تراجع نسبي في بعض الفترات – منذ العام 2015 حين أشعل الجيل الفلسطيني الشاب انتفاضة عرفت بانتفاضة السكاكين أو انتفاضة القدس وخلالها نفّذت أكثر من 70 عملية طعن ودهس ضد جنود ومستوطني الاحتلال خلال سنتين.
تعود شرارة اندلاع تلك الانتفاضة الى الشاب الشهيد مهند الحلبي، فمن هو؟
ولد مهند شفيق محمد الحلبي في 17 تشرين الثاني / نوفمبر عام 1995 في بلدة “سردا” شمال مدينة رام الله. لكنّه من سكّان مدينة البيرة، وهو ابن عائلة تعود أصولها لمدينة يافا المحتلّة عام 1948.
درس الحقوق في جامعة “أبو ديس” في القدس المحتلّة، وكان أحد أعضاء الرابطة الإسلامية أي الإطار الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي. تأثّر باستشهاد زميله في الجامعة ضياء التلاحمة في أيول / سبتمبر 2015. وكان الشهيد الحلبي قد وعد والد التلاحمة بأنه سيثار له. وفي تلك الفترة كان المسجد الأقصى يتعرّض لانتهاكات الاحتلال ولاقتحامات مستوطنيه في محاولة لتكريس التقسيم الزماني والمكاني، بالإضافة الى حرق المستوطنين لعائلة دوابشة الفلسطينية بمحافظة نابلس.
كتب الشهيد الحلبي عشية استشهاده على صفحته على فايسبوك: “حسب ما أرى، فإن الانتفاضة قد انطلقت، وما يجري للأقصى هو ما يجري لمقدساتنا ومسرى نبّينا، وما يجري لنساء الأقصى هو ما يجري لأمهاتنا وأخواتنا، فلا أظن أنّ شعبي يرضى بالذل، الشعب سينتفض، بل ينتفض”.
في الثالث من شهر تشرين الأول / أكتوبر من العام 2015، اتّخذ الشاب العشرينيّ من سكينه سلاحاً ونفّذ عملية طعن عند باب الأسباط في البلدة القديمة في القدس، واستطاع أن يغتنم قطعة سلاح أحد الإسرائيليين وأطلق النار به. أدّت العملية الى قتل مستوطنين وإصابة 5 آخرين بجروح متفاوتة. وسبق عملية الحلبي، عملية إطلاق نار قرب مستوطنة “إيتمار” تبنتها كتائب القسّام وأدت إلى مقتل مستوطنين.
احتجزت قوات الاحتلال جثمان الشهيد الحلبي لمدة أسبوع ثمّ سلّمته لأهله في 9/10/2015 عند حاجز “بيت سيرا” العسكري غرب مدينة رام الله، كما هدمت منزل عائلته، واعتقلت شقيقه الأكبر محمد.
نعت حركة الجهاد الإسلامي آنذاك الشهيد الحلبي وباركت عمليته التي اعتبرتها “تطور نوعي للمقاومة الفلسطينية، ورد طبيعي على جرائم الاحتلال”. كما باركتها حركة المقاومة الإسلامية حماس مؤكدةً أن “الشعب الفلسطيني لن يسلّم بإجراءات الاحتلال في المسجد الأقصى”. فيما هدّد رئيس حكومة الاحتلال آنذاك بنيامين نتنياهو بعملية عسكرية “كبيرة وواسعة جدا في غضون 72 ساعة”.
الكاتب: غرفة التحرير