ميسم رزق – الأخبار
«الحكومة عادت إلى غرفة الانتظار». هذه هي خلاصة آخر جولة للوساطة فعّلها حزب الله بينَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بعدما عاد أطراف التأليف الملف إلى تبادل الاتهامات بالعرقلة، فيما يلتزم حزب الله الصمت مصراً على محاولته الوصول إلى حل.
وقالت مصادر مطلعة إن الرئيس ميشال عون قال أمام زواره إنه أبلغ الرئيس نبيه بري موقفه من تأليف الحكومة، ونفي الاتهامات له بالعرقلة، مؤكداً لرئيس المجلس «أنني منفتح على التغيير، وما فعلته هو أنني قلت للرئيس ميقاتي: تعال وقل لي تصورك». وأضاف «تراجعت عن فكرة التوسيع بإضافة ستة وزراء، فطلب ميقاتي تغيير الوزيرين عصام شرف الدين وأمين سلام، فتجاوبت معه على قاعدة أن الجهة التي سمت هذين الوزيرين هي من يسمي بديليهما، ويمكن اختيار أشخاص لا يشكلون استفزازاً لأحد». وأضاف: «لكن ميقاتي عاد ليتحدث عن تغيير أربعة وزراء، مصراً على أن يشارك هو في اختيار البدائل بطريقة تضرب التوازن الموجود في الحكومة، فرفضت لأنهما ليسا من حصته، ولما قال ميقاتي إنه يريد تغييراً أوسع لأنه يريد إبعاد وزراء يعتبرهم غير منتجين أو لا ينسجمون معه أو لا يناسبون الوضع الحكومي، أجبته بأنك تفتح الباب لكي تقوم كل جهة بمراجعة تمثيلها داخل الحكومة. وأنا لدي ملاحظات على وزراء وأريد استبدالهم».
وبحسب المصدر فإن عون أكد لبري، أنه «في حال أراد ميقاتي إدخال تغييرات وسطية أو كبيرة، فليكن الأمر وفق معايير موحدة وليس وفق مزاج هذا أو ذاك. ولا وجود لفيتو على تغييرات شاملة إنما على قاعدة ثابتة بأن يختار كل فريق إن كان يريد التغيير ويقدم هو الترشيحات للأسماء البديلة».
وحول موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، قال المصدر إن الأخير «يعرف أن تغيير الحكومة أمر ضروري، وهو واثق بأن الجميع بات على قناعة بأن تشكيل حكومة جديدة أمر ضروري لأنه في حالة الشغور الرئاسي سيكون من الصعب على الحكومة الحالية أن تقوم بأي عمل». ولفت المصدر إلى أن لباسيل وجهة نظر في تشكيل الحكومة أبلغها لوسطاء ناقشوه في ما سمي بالعراقيل التي يتهمه بها ميقاتي وبري، وقال باسيل بصراحة إن «التغيير الحكومي لا يرتبط برغبته بل لمواجهة أزمة قد تعطل المؤسسات كافة. بالتالي فإن تغيير الحكومة يتم وفق توازن القوى القائم حالياً. وفي حال أراد ميقاتي وبري والآخرون الحصول على توقيع رئيس الجمهورية قبل مغادرته القصر الجمهوري، وعلى ثقة الكتلة النيابية التي يقودها باسيل، فهذا لن يتم من دون الأخذ في الاعتبار المطالب التي يعتقد باسيل أنها عادية»، علماً أنه «لا يعترض على بقاء التوزيع الطائفي كما هو اليوم، كما لا يمانع حصول مقايضة إذا كان الرئيس ميقاتي يريد أن يسمي بديلين عن الوزيرين عصام شرف الدين وأمين سلام».
*بري وميقاتي يخشيان أن يكون طلب جنبلاط الخروج من الحكومة مقدمة لعدم منحها الثقة*
وحول موقف حزب الله، قال المصدر إن «الحزب تواصل مع جميع المعنيين بالملف الحكومي، من زاوية إدراكه صعوبة أن تتمكن حكومة تصريف الأعمال الحالية من إدارة البلاد في حالة الشغور الرئاسي، وإن الحزب لا يمانع تشكيل حكومة تنضم إليها قوى جديدة ممن تم انتخابهم في المجلس النيابي. وهو يرى أن إمكانية التغيير سواء كان محدوداً أو موسعاً يجب أن يُراعي التوازنات، وإن المساعي التي يقوم بها الحزب مع بري وميقاتي وباسيل، تركز على خفض السقوف التي لا تقود إلا إلى مواجهة لا إلى حلول».
ميقاتي ولائحة باسيل
وفي معلومات مصادر متابعة للملف الحكومي، فإن الرئيس ميقاتي قال إن العرقلة ليس سببها فقط المطالبة بتغييرات وزارية من هنا أو هناك، متهماً عون وباسيل بـ«طرح شروط شبه تعجيزية على ميقاتي تتضمن ما لا يقل عن 15 التزاماً، من بينها مرسوم تجنيس لحوالي 4000 شخص بعضهم من أميركا الجنوبية، وتعيين عمداء الجامعة، ومرسوم الضباط والتشكيلات الديبلوماسية ومراسيم القناصل الفخريين»، فضلاً عن «السير في مرسوم الهيئة العامة لمحاكم التمييز وتعيين محافظ جبيل وكسروان وإقالة رياض سلامة واستكمال التدقيق الجنائي»، وهي شروط يعتبرها ميقاتي وآخرون أنها «تعجيزية أو لا مبرر لها، وحتى لو التزم ميقاتي بها فإن معارضة أي وزير في الحكومة ستعطلها».
جنبلاط: اعتذار أم مساومة؟
وحول موقف النائب وليد جنبلاط، قال المصدر إنه «يمر بفترة حساسة جداً على صعيد تموضعه العام في البلاد والمنطقة. وهو اتخذ موقفاً في الملف الرئاسي أخذ فيه في الاعتبار الطلب السعودي بدعم ترشيح النائب ميشال معوض، لكنه قال إنه مستعد لمناقشة الأمر في حال كانت هناك إمكانية لتسوية جديدة وجدية». ويرغب جنبلاط في الخروج من الحكومة الحالية، وقد طلب من بري وميقاتي السماح له بسحب الوزير عباس الحلبي، لكنه طلب في الوقت نفسه أن يتم اختيار وزيرين درزيين مستقلين عنه وعن المرجعيات الدرزية الأخرى، وقدم لائحة بأسماء رجال أعمال وشخصيات درزية معروفة بعلاقاتها الجيدة مع كل المرجعيات الدرزية. لكن بري وميقاتي يرفضان موقف جنبلاط ويخشيان أن يكون طلبه الخروج من الحكومة مقدمة لعدم منحها الثقة، بعد ما نقل عن رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي تيمور جنبلاط بأنه «لم يسم ميقاتي ولن يشارك في الحكومة ولن يمنحها الثقة».