لم يستطع أعداء الجمهورية الإسلامية في إيران، مهما حاولوا من مرات في ضرب نسيجها الوطني، عبر إنشاء ودعم مجموعات إرهابية تابعة لهم، سواءً في بلوشستان أم في كردستان. وهذا ما عبّر عنه قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي في خطابه بالأمس الثلاثاء، حينما قال بأن أعداء الجمهورية الإسلامية وعلى رأسهم أمريكا، يخطئون عندما يحاولون توجيه الضربات لإيران في كل من الشمال الغربي حيث يعيش الشعب الكردي الذي هو من أكثر الشعوب الإيرانية تقدماً. مضيفاً بأن الأكراد مهتمون ببلدهم وبإسلامهم، ومهتمون بنظامهم الإسلامي، وبالتالي ستفشل مخططاتهم.
وهذا ما برهنت عليه أيضاً، العديد من المحطات المفصلية في تاريخ الجمهورية الإسلامية، وأهمها حينما حاولت المجموعات الكردية التابعة لأمريكا وللكيان المؤقت، فصل تلك المنطقة عن البلاد، إبان انتصار الثورة الإسلامية، في تموز / يوليو من العام 1979.
حينها أرسل الإمام الخميني (رض) أحد كبار قادة حرس الثورة الإسلامية الشهيد محمد بروجوردي، الذي لُقب فيما بعد بـ “مسيح كردستان”، لكي يساعد أهالي تلك المنطقة في إفشال مخططات وطرد هذه المجموعات الإرهابية، من خلال تأسيس منظمة البيشمركة الكردية المسلمة. هذه المنظمة التي نشطت خلال الـ 5 سنوات التالية، واستشهد منها حوالي 1000، واستطاعت بالتعاون مع حرس الثورة الإسلامية والجيش، من تحرير مدن سنندج، كاميران، بانيه، سقز، وبوكان.

فما هي أهم المحطات في مسيرة وجهاد القائد بروجوردي؟
_ من مواليد العام 1954، في قرية “ديري غارغ” في منطقة بروجرد لعائلة تعمل في الزراعة.
_ بعد وفاة والده عندما كان عمره 6 سنوات، انتقل مع عائلته إلى طهران واستقر فيها مع عائلته. ولبضع سنوات، كان يعمل في محل خياطة ويدرس في الصفوف الليلية، لكنه لم يتمكن من إكمال تعليمه الثانوي، لكنه بدأ في حضور الدورات القرآنية والعلوم الدينية في سن الـ 14 من عمره.
_ تزوج في سن الـ 17 وتم استدعاؤه للجيش بعد عام، لكنه هرب من الخدمة العسكرية وهرب إلى الحدود الإيرانية العراقية بهدف مقابلة الإمام روح الله الخميني (رض). لكنه بعد قضائه عقوبته في السجن وتعذيبه على أيدي جهاز استخبارات الشاه – السافاك، عاد إلى طهران وأنهى خدمته العسكرية.
_في السنوات التي سبقت الثورة الإسلامية، التقى ببعض المقاتلين ضد نظام الشاه في طهران، مثل “مهدي عراقي”، وهذا ما دفعه للسفر إلى سوريا ولبنان، حيث تواصل مع الإمام السيد موسى الصدر والشهيد محمد منتظري، والتقى بالشهيد القائد مصطفى شمران، ليبدأ في تعلم المهارات العسكرية وحرب العصابات في معسكرات حركة أمل. ثم عام الى بلاده، وشارك في العديد من العمليات النضالية ضد نظام الشاه وضد المستشارين الأمريكيين.
_ في شباط من العام 1979، وبعد اقتراح كل من مهدي عراقي، والسيد محمد بهشتي، إلى جانب محسن رضائي، تم تكليفه بالمسؤولية عن فريق حماية الإمام الخميني(رض) عند عودته إلى إيران.
_ كان من بين 12 عضو في الهيئة التأسيسية للحرس الثورة الإسلامية، وبالإضافة الى إنشائه للبيشمركة الكردية المسلمة، تولى قيادة مقر حمزة سيد الشهداء التابع لحرس الثورة الإسلامية في تلك المنطقة.
_ لعب أدواراً مهمة في تحرير مدن سردشت وبانيه وبيرانشهر من الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني.
_ كان من القادة الذين استطاعوا صد محاولات جيش صدام حسين في احتلال مدينة “سربل ذهاب”، خلال حرب الدفاع المقدس، التي شارك فيها أيضاً لا سيما خلال عمليتي “طريق القدس” و”الفتح المبين”.
_ عرّف عنه الكثير من رفاقه بأنه شديد اللطف وحسن التعامل مع الناس، بالإضافة الى قوة إيمانه وقدرته على التحمل.
وكثيرا ما قال: “من يحب شعب كردستان يمكنه العمل هناك. أنا مهتم بهؤلاء المحرومين والمضطهدين”. ورأى بأن تطهير كردستان يجب ألا يتوقف للحظة، وبالتوازي كان يؤمن كثيرًا بالأعمال الدعوية والثقافية والاقتصادية والمدنية هناك.
وفي إشارة إلى الانتصارات التي حققها الشهيد بروجردي ورفاقه، قال الإمام الخميني (رض): “إن الإسلام والمسلمين الملتزمين يتابعون انتصاراتك الرائعة ولن ينساها أحد منا. أنتم ابناء الامة، ولقد كان الانتصار الذي حققته فخرًا للأمة”.
_لُقب بـ “مسيح كردستان”، لأنه لعب دوراً مهماً في إنقاذها، ودفن حلم إقامة “إسرائيل الثانية” فيها، من خلال أخلاقه الرفيعة التي استطاعت كسب قلوب الناس هناك.

شهادته
_ في 22 أيار / مايو من العام 1983، وبسبب نقص المركبات، ذهب الشهيد بروجردي إلى قرية دارليك لنقل امرأة حامل إلى المستشفى. وعلى بعد 25 كيلومتراً من الطريق ما بين مدينتي مهاباد ونقده، أطلقوا النار عليه فاصطدمت سيارته بلغم واستشهد مع رفاقه.

الكاتب: علي نور الدين