على عكس الضبابية الراكدة في المشهد اليمني، التي تخرقها اشتباكات مسلحة على بعض الجبهات، تضج القنوات الدبلوماسية باتصالات ولقاءات بغية التوصل إلى اتفاق تمديد الهدنة، بعدما عكست التصريحات الصادرة أمس عن كلا الجانبين -صنعاء والرياض- حجم الهوة بينهما المبنية على اللاثقة.
اذ ان الجولات التفاوضية التي اتسمت بالسرية قبل أسابيع، والتي تناولت مختلف وجهات النظر وأكدت خلالها صنعاء على شروطها، باتت اليوم تخاض علانية على وسائل الاعلام، وهو ما فسره مطلعون على ان السبل للتوصل إلى اتفاق باتت شبه مغلقة.
لم تأخذ الولايات المتحدة موقف الحياد، وكعادتها، سعت لحفظ مصالحها في هذه اللحظة الحرجة التي تمر بها على أبواب الانتخابات النصفية للكونعرس. اذ اعتبر المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، ان صنعاء “تطرح مطالب مستحيلة وينبغي إبداء المزيد من المرونة”. مشيراً إلى ان “المساعي الدبلوماسية الأميركية والأممية مستمرة”. لافتاً إلى انه “سيزور المنطقة قريباً لهذا الغرض”.
ولأن صنعاء وضعت شروطها لتنفذ لا لتساوم عليها، أكد نائب وزير الخارجية حسين العزي، أنّ شروط صنعاء ليست صعبة أو تعجيزية، كما يقول المبعوث الأميركي. وفي تغريدةٍ له على “تويتر”، قال العزي إنّ “تحالف العدوان والمجتمع الدولي تعودوا على سلب حقوقنا، حتى ظنوا أننا شعب بلا حقوق، وأنّ ثرواتنا الوطنية ملكية خاصة لمن يبيعون وطنهم على الرصيف، وهذا غير صحيح”، مؤكداً أنّ “احترام حقوق شعبنا هو مرتكز العبور نحو السلام”.
الشركات النفطية تبلغت رسمياً بضرورة الانسحاب
أكدت اللجنة الاقتصادية العُليا في صنعاء، بعد التوجيهات التي صدرت عن رئيس المجلس السياسي الأعلى، مهدي المشاط، متابعة توجيه الرسائل النهائية إلى الشركات المتورطة في نهب الثروة اليمنية، من أجل التوقف النهائي عن أعمال النهب، وفقاً للمهلة المحددة.
حيث قامت اللجنة الاقتصادية العليا بتوجيه إشعارات إلى كل الشركات والكيانات، مفادها أنّ عليها التوقف نهائياً عن أعمال النهب. وقالت في بيان صادر عنها أنه قد “تمّ تحرير المخاطبات النهائية وإرسالها إلى جميع الشركات النفطية المحلية والأجنبية، وإلى شركات الخدمات النفطية وشركات الملاحة”. وأشارت إلى أنّ “المخاطبات تضمّنت أيضاً إجراءً قانونياً يستند إلى الدستور والقوانين اليمنية النافذة، والتي تُلزم بالحماية والصيانة للثروات الوطنية واتفاقيات المشاركة التي أقرها مجلس النواب، والقرارات الأممية ذات الصلة”. محذرة من “مغبة عدم التزام القرارات التي تضمَّنتها، حفاظاً على مصالحها”، مؤكدةً استمرار “الرصد والمتابعة لمدى امتثال الشركات بتلك القرارات، وأنّه سيتم رفع أي مخالفة إلى الجهات المخوّلة الدفاع عن ثروات الشعب اليمني”.
وتؤكد المعلومات الواردة ان قطر وعمان قد دخلا على خط الوساطة، إلا ان السعودية ترفض الاستجابة لشروط تعطي نجاحاً ما لصنعاء، يبنى عليه في المرحلة المقبلة. ولذلك فإن المرونة التي تتهم صنعاء بعدم إبدائها، هي في الحقيقة عدم تخليها عن ملف صرف المرتبات للموظفين كافة، بينما مَن يتوجب عليه إبداء المرونة هي الرياض، اذ انها ليست مطالبة إلا بكف نهب النفط والموارد اليمنية التي تؤمّن إيرادات المرتبات وتفيض لتأمين الاحتياجات الإنسانية والاقتصادية الأخرى.
في حين ان قرار أوبك+ الذي يقضي بخفض انتاج النفط مليوني برميل يومياً، يزيد المشهد تعقيداً بالنسبة لواشنطن. حيث انها باتت معنية أكثر من أي وقت مضى بالحفاظ على الهدنة بل وتوسيعها ايضاً لضمان استقرار الملاحة البحرية والأسواق المالية والنفطية، خاصة بعدما لوّحت صنعاء بأن الحرب المقبلة ستكون “حرب الطاقة”. وبهذا قد نكون امام مفاوضات مكثفة، تجبر الرياض بطريقة أو بأخرى على الاستجابة على ما تصفه الآن بـ”المطالب المستحيلة”.
الكاتب: غرفة التحرير