أطلقت مجموعة “عرين الأسود” في نابلس ما أسمته “سلسلة أيام الغضب” ردًا على انتهاكات الاحتلال ومستوطنيه للمسجد الأقصى والقدس المحتلّة خلال المناسبات اليهودية، وقد افتتحها يوم أمس بعملية أدت الى مقتل الرقيب أول، عيدو باروخ، قرب مستوطنة “شافي شمرون” غرب مدينة نابلس. تأتي هذه العملية بعد واحدة نفذها شاب فلسطيني عند حاجز شعفاط شرق القدس وقتل خلالها جندي ومجنّدة. وقد تصاعدت أعمال المقاومة منذ بداية الشهر الحالي لتكون يومية وعند عدّة نقاط تماس. كما سجّل شهر أيلول / سبتمبر الماضي 833 عملاً مقاوماً.
أعطى “عرين الأسود” زخماً كبيراً للمقاومة التي بدأت بكتائب تتمركز بشكل رئيسي شمال الضفة الغربية، من جنين الى نابلس وطوباس وطولكرم، وقد أصبحت في غضون أسابيع صداع إسرائيل”، على حدّ تعبير صحيفة “هآرتس” العبرية”.
ادعى تقرير لموقع “والاه” العبري، أن “عرين الأسود” مجموعة “تتكون من أسرى محررين وشبان قرروا مواجهة إسرائيل وقد تلقوا دعما شعبياً واسعاً”، وزعم التقرير أن النابلسي (الشهيد إبراهيم النابلسي) نجح في تجنيد شبان آخرين لتنفيذ عمليات إطلاق نار على مركبات المستوطنين وجنود الجيش الإسرائيلي في المنطقة”، لافتاً الى أن “القائد الجديد للمجموعة هو محمود البنا”.
ونقل الموقع عن مسؤولين في الجيش أن “المجموعة تضم عشرات الشبان المسلحين بالمسدسات والبنادق، وبعضهم ينتمي للجهاد الإسلامي وحماس والجبهة الشعبية، لكنهم قرروا القتال سوية، وهذا مثال آخر على هشاشة وضع السلطة الفلسطينية”.
يبرز في هذه الأيام أيضاً مخيم شعفاط، الذي يحاصره الاحتلال، كما يحاصر نابلس، منذ حوالي الـ 4 أيام لعزل سكانه واقتحامه بهدف “إحباط” مزيد من العمليات أو اعتقال المشبته بهم في التنفيذ، لكنّ أهالي المخيّم أعلنوا عصياناً ويستمرون بالتصدي، متمثلين بأهالي مخيم جنين، لاقتحامات قوات الاحتلال وسط وقوع الإصابات في صفوفهم.
السيد نصر الله: في الضفة انتفاضة شعبية حقيقية
وقد وصّف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن “ما يجري في الضفة الغربية على درجة عالية جداً من الأهمية وطبعاً هو صادم لكيان العدو، لكل القوى السياسية في كيان العدو، لأنهم اعتبروا خلال العقود الماضية أن الضفة انتهت ودخلت في مرحلة السكون والخمود والركود، ولن يأتي يوم تستطيع هذه الضفة بسبب الصعوبات السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تحيط بها أن تقف على قدميها وتقاتل، اليوم في الضفة الغربية مقاومة شعبية حقيقية وانتفاضة شعبية حقيقية، مقاومة بالسلاح والرصاص وبالعبوات! وهذا تطور مهم حصل في الأيام القليلة الماضية، كان الذي يحصل في الضفة، كل جمعتين أو ثلاثة أو شهر عملية، اليوم كل يوم يوجد عملية وكل يوم توجد عمليتين وثلاثة”.
بدوره اعترف الكاتب البريطاني دافيد هيرست في مقال نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، “إن جيلاً جديداً من الفلسطينيين يتصدر اليوم القتال ضد إسرائيل، موضحاً ان المقاومة في الضفة الغربية باتت “تورث من جيل إلى جيل”.
السيد نصر الله: الضفة تشهد ابداعاً منقطع النظير
يرفع هذا الجيل شعارات متبرئة من ممارسات السلطة الفلسطينية وتصوّب بوصلتها نحو الاحتلال وتحرير الأرض، وتقدّم في كلّ عملية مشهداً جديداً ومفاجئ لمستويات الاحتلال يثبت تطوّر أدائها، وفي هذا السياق، تابع السيد نصر الله أن “ما نشهده من مقاتلي ومجاهدي ومقاومي الضفة شجاعة عالية منقطعة النظير والابداع، وليس فقط شجعان وقبضايات، أيضا مبدعون، بالطريقة التي يقاتلون فيها ويحضرون فيها ويواجهون فيها، وهذا كله يظهر على شاشات التلفزة بالأعم الأغلب، عمليات يومية، شهداء في كل يوم، معتقلون في كل يوم، ومداهمات للبيوت والمدن والقرى والمخيمات ومع ذلك العمليات تتصاعد، والإرادة تتجوهر أكثر، المهم هنا تأثيرات هذه العمليات وهذه الانتفاضة على كيان العدو وعلى مجتمع العدو وعلى جيش العدو”.
استراتيجيات الاحتلال تعود بالنتائج العكسية
أمام هذا الوضع المتطوّر الذي يهدّد “أمن” الاحتلال في منطقة تمثّل إحدى أهم نقاط ضعفه رأت صحيفة “إسرائيل اليوم” العبرية إن “إسرائيل تواجه ذروة موجة من العمليات، لا تبدو نهايتها قريبة”. وانتقدت الطرق التي يتبعها الاحتلال في التعامل مع هذه المقاومة وهي “إغراق المنطقة بالقوات، واعتقال التهديدات المحتملة بناءً على المعلومات الاستخباراتية، والضغط على السلطة الفلسطينية”.
الا أن ذلك لن ينجح فـ” المشكلة هي أنه في بداية العام قُتل أكثر من مائة فلسطيني في حوادث مع قوات جيش الإسرائيلي، وهو أعلى رقم منذ عام 2015. ارتفاع عدد القتلى يؤجج العنف ويؤدي إلى الرغبة في الانتقام. كل هجوم “ناجح” هو تلتها هجمات إضافية مستوحاة منها، وفي الوقت نفسه، على ما يبدو، لا أحد ينجح في كسر الدائرة التي تشكلت”.
وتابعت الكاتبة ليلك شوفيل في مقالها أن “هناك مسار عمل آخر محتمل، والذي يتم استبعاده حاليًا أيضًا من قبل رئيس المؤسسة الأمنية، وهو تكثيف الإجراءات ضد السكان المدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية من خلال الإغلاق والحرمان من تصاريح العمل، وما إلى ذلك. لكن التجارب السابقة تظهر أن إجراءات من هذا النوع تعمل على تأجيج الإرهاب (المقاومة) وتدخل المزيد من الفلسطينيين في دائرة العنف (عمليات المقاومة). وهناك خيار آخر يدعمه بشكل أساسي أولئك الموجودون على يسار الخريطة السياسية، هو تعزيز للعملية العسكرية، لكن هذا الخيار يبدو أيضًا غير منطقي وغير واقعي اليوم”.
الكاتب: مروة ناصر