أعلن جيش الاحتلال مدينة نابلس “منطقة عسكرية” مغلقة حتى إشعار آخر، ومنع الدخول والخروج اليها بعد أيام من التصعيد مع مجموعة “عرين الأسود” التي تمكنّت من قتل رقيب إسرائيلي بالأمس. أمّا شرق القدس المحتلّة فحاصر الاحتلال المخيم منذ ليل السبت الماضي على خلفية العملية عند الحاجز والتي أدت الى مقتّل مجندّة وإصابة آخرين. وتعيش القدس والضفة تصاعداً يومياً في أعمال المقاومة بات أشبه بانتفاضة شعبية بالتزامن مع اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى وممارسة طقوسهم الاستفزازية في باحاته.
الاعلام العبري: المقاومة في القدس هي الأقوى منذ سنوات
امتدت المواجهات الى المناطق كافة، وقد عنونت صحيفة “يديعوت أحرنوت” في افتتاحيتها اليوم أن “القدس تشتعل” بعد أن سجّلت الـ 24 ساعة الماضية 55 عملاً مقاوماً بالضفة والقدس. فيما ذكرت صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية أن المقاومة في القدس هي الأقوى منذ سنوات، وقالت إن سيارة رئيس بلدية القدس المحتلّة (موشيه ليون) قد تعرّضت للرشق بالحجارة، كما القى الشباب الفلسطيني الزجاجات الحارقة والمفرقات النارية على قوات الاحتلال في العديد من المناطق أهمها شعفاط، عناتا، العيساوية، سلوان، وادي الجوز، جبل المكبر، الطور، الزعيم، أبو ديس، قلنديا، الشيخ جراح… وأصيب خلال المواجهات ضابطان في الشرطة جراء انفجار عبوة ناسفة.
وأمام حالة الاشتعال الواسعة قرر جيش الاحتلال وضع 10 سرايا احتياط على “أهبة الاستعداد” في القدس المحتلّة.
شعبية المقاومة تتوسّع في الضفة
أمّا في الضفة الغربية، فقد رسمت “عرين الأسود” مشهداً من الوحدة الشعبية والتضامن الواسع، وتوجت برسالة الى المواطنين قالت فيها “احموا ظُهورنا والتزموا بتعليمات العرين مُخيرين غير مُجبرين… نطلب من كافة مُقاتلين الفصائل الفلسطينية الاستنفار فلقد اقتربت المعركة وماهي إلا ساعات”. لبّى الشعب الفلسطيني النّداء ليؤكد أنه حلف المقاومة بل يسير معها وعلى طريقها، اذ أعلن الإضراب العام وأقفلت المحال في نابلس أولاً وفي مناطق أخرى من الضفة والقدس.
فيما حاول الاحتلال كسر هذا الترابط بين المجموعة وبيئتها الشعبية، فأزال إعلانات الإضراب عن المحال التجارية في القدس المحتلة، واتصل بأصحابها وهدّدهم لفتح محالهم لكنّ التهديدات لم تنفع. وفي هذا السياق اعتبر الكاتب دانا بن شمعون في موقع “إسرائيل اليوم” العبري أن “استجابة المدن الفلسطينية لدعوة عرين الأسود بالاضراب العام، يشير لازدياد الدعم المعنوي لتلك المجموعة في مناطق خراج نابلس”.
وبحسب “إسرائيل اليوم” فإن المخاوف في أوساط الاحتلال ليست من تشكيل مزيد من المجموعات على غرار “عرين الأسود” بل من مسألة الدعم الشعبي الذي تحظى به هذه المجموعة وخلايا المقاومة كافة. وترى الصحيفة أن هذه المجموعات لها “حضور بارز على الشبكات الاجتماعية، يقومون بتحميل مقاطع فيديو توثق الهجمات التي يشنونها ضد الجنود وقد لاقت مقاطع الفيديو نجاحًا كبيرًا بين الشباب الفلسطينيين الذين يعتبرونها قدوة”، تسمح للشباب الذين لم يفكروا سابقاً بالاضمام الى هذه المجموعات بالمشاركة.
وقد اندلعت الاشتباكات في الخليل ورام الله وبيت لحم وغيرها من المدن وعند العديد من نقاط التماس. وكانت مجموعة “عرين الأسود” قد أعلنت عن بدء سلسلة “أيام الغضب” دفاعاً عن المسجد الأقصى وخلالها ستستهدف جنود الاحتلال وآلياته.
بدورها أعلنت كتيبة نابلس أنها تمكنّت “من التصدي لقوات وآليات الاحتلال خلال اقتحامها لمدينة نابلس ومحيط مخيم بلاطة”، وأوضحت أن مجاهديها تمكنوا من تفجير عبوة محلية في جيب عسكري في شارع عمان، واستهداف قوات الاحتلال قرب دوار الحسبة بصليات من الرصاص وانسحابهم بسلام. وكانت كتيبة جنبن قد أعلنت مساء أمس، عن جهوزيتها التامة للقيام بواجبها الجهادي في التصدي لقوات الاحتلال التي تحاصر وتهدد أبناء مدينة نابلس.
غانتس: الفترة حساسة للغاية
ومع تصاعد المقاومة في نابلس، اعترف وزير حرب الاحتلال بيني غانتس أن “منطقة نابلس تمثل تحديًا” وأن “الفترة حساسة للغاية”. وتابع إن “التحديات الأمنية لدولة إسرائيل سارية وتصبح معقّدة”.
إنّ أهم ما يميّز مجموعات المقاومة ولا سيما “عرين الأسود” أنها تتشكّل من شباب الضفّة الذين عايشوا معاناة الاحتلال وسئموا من خيارات السلطة الفلسطينية، بل وإنها تتشكّل ايضاً من أبناء حركة فتح أو من بعض عناصر الأمن الفلسطيني، ومنهم استشهدوا في مواجهات مع قوات الاحتلال. لذا يصعب على التنسيق الأمني إخمادهم.
في هذا الإطار ذكرت صحيفة “هآرتس” العبرية “في إسرائيل طلبوا من السلطة العمل ضد “عرين الأسود”، لكن مشكلة السلطة هي أنه خلافا لجنين هناك يحصل المسلحون على الدعم من الجهاد الإسلامي، فان مجموعة عرين الأسود في نابلس هي جزء من بنية فتح والسلطة، التي قررت التمرد. نتيجة لذلك فانه كان من الصعب على السلطة العمل بدون المس بشرعيتها في الضفة. لأنهم في عرين الأسود قالوا إن هدفهم هو حماية السكان في نابلس من جنود الجيش الإسرائيلي الذين يدخلون المدينة”.
وكان الأمين العام لحزب الله قد قال أن ما يجري في الضفة على درجة عالية من الأهمية وشكّل صدمة للاحتلال، وأضاف “ما نشهده من مقاتلي ومجاهدي ومقاومي الضفة شجاعة عالية منقطعة النظير والابداع”.
الكاتب: مروة ناصر