تفتح صناديق الاقتراع في كيان الاحتلال غداً (1/11/2022) عند الساعة السابعة صباحاً لانتخاب “الكنيست” الخامس والعشرين منذ قيام الكيان على أرض فلسطين المحتلّة عام 1948. وهذه هي الدورة الانتخابية الخامسة التي يجريها الاحتلال خلال فترة قصيرة، ثلاث سنوات ونصف فقط، وسط أزمة سياسة واختلافات بين الأحزاب اليهودية.
تترك الأزمة السياسة تداعياتها في “المجتمع اليهودي” وعلى قرار الناخبين لا سيما الشباب منهم، فيشير موقع “واللاه” العبري أن “هناك شباب يبلغون من العمر 21 عامًا فقط لكنّهم في إسرائيل لديهم خبرة بالفعل في الحملات الانتخابية وسيصوتون للمرة الخامسة، وهو رقم لا يصل إليه نظرائهم في الدول إلا في سن الأربعين”. وينقل الموقع تعليقات الشباب، اذ يقول البعض “إنه شعور محبط”، فيما يعتبر آخرون أنه “من الغريب جدًا التصويت للمرة الخامسة في سن 21…لكي يتوقف هذا، يتعين على رؤساء الأحزاب أن يخفضوا غرورهم”.
لا تزال نتائج استطلاعات الرأي التي يجريها الاعلام العبري تظهر أن حزب “الليكود” بزعامة رئيس حكومة الاحتلال الأسبق بنيامين نتنياهو يحظى بعدد مقاعد أقرب الى الأغلبية (تتراوح بين 59 أو 60 أو 61 مقعداً) يتجاوز بها عدد المقاعد التي قد تحصل عليها الأحزاب اليسارية)، مع ما تشير اليه الاستطلاعات من تراجع عدد مقاعد حزب “يش عتيد” بزعامة رئيس الحكومة يائير لابيد.
الحصول على الأغلبية في “الكنيست” لا يضمن لنتنياهو تحقيقه لغايته الأساسية، وهي العودة الى منصب رئاسة الحكومة التي خسرها في الانتخابات الرابعة بسبب ائتلاف اليمين واليسار (نفتالي بنيت – يائير لابيد)، اذ إن “النظام” في الكيان يحتاج الى تشكيل ائتلافات وتحالفات لتأليف حكومة. تأخد محادثات تشكيل تحالف أسابيع، وفي حال فشلت، يكون الحل بالعودة إلى صناديق الاقتراع مجدداً.
وترى الخبيرة في استطلاعات الرأي داليا شيندلين “أن الناخبين لم يغيروا رأيهم بشكل كبير خلال الدورات الماضية”، لكن مواقف قادتهم يمكن أن تتغير. وتضيف “الشيء المختلف هو شكل الأحزاب، وربما قرارات قادة الحزب الذين سيتعين عليهم تحديد الائتلافات التي سينضمون إليها”، لافتاً الى أن “هذا يتغيّر من انتخابات إلى أخرى، ويمكن أن يتغيّر هذه المرة أيضا”.
“هآرتس” العمليات السيبرانية والوعي ونزع الشرعية: تخشى لجنة الانتخابات والشين بيت من أن تحاول عناصر أجنبية ومحلية تعطيل الانتخابات وتحريض الإسرائيليين على النتائج الحقيقية الليكود يمهد الأرض بمزاعم بأنهم “يسرقون انتخاباتنا”.
دور الأحزاب الدينية في الإطاحة بحلم نتنياهو
يشرح موقع “تايمز أوف إسرائيل: تأثير الأحزاب الدينية اليهودية المتشدّدة على شكل الحكومة المقبلة واسم رئيسها. فـ ” منذ خمسة عشر عاما يلتقي الحزبان الرئيسيان المتشددان “يهدوت هتوراه” لليهود الغربيين (الاشكناز) وحزب “شاس” المتدين المتشدد لليهود الشرقيين (سفرديم) مع حزب “الليكود” اليميني لدرجة أنهما يعتبران الآن حلفيه الطبيعيين”.
لكنّ الأحزاب الدينية المتطرفة “غير راضية عن استبعادها عن السلطة وبقائها في صفوف المعارضة بعد انتخابات 2021”. وفي هذا السياق قال المتخصص في الجماعات اليهودية المتشددة في معهد “الديمقراطية” غلعاد ملاخ أنه “بعد أربع إخفاقات، ثمة احتمال أن تتخلى هذه الأحزاب (المتشددة) عن نتنياهو إذا لم يتمكن الأخير من تشكيل ائتلاف”.
فيما يتصيّد المنافس “الشرس” لنتنياهو على المنصب، وزير حرب الاحتلال بيني غانتس، فزعم “أنا الوحيد القادر على تشكيل ائتلاف وسينضم إلي المتشددون” مشدداً على رغبته في منع نتنياهو من العودة الى السلطة. ويلفت “تايمز اوف إسرائيل” الى أن غانتس ” لعب غانتس ورقة التقارب مع المتدينين في حملته الانتخابية وسلط الضوء على مرشحين في قائمته يعتمرون القلنسوة اليهودية أو يرقصون في مقطع مصور على موسيقى اليهود المتشددين”.
خطة نتنياهو: التشكيك بـ “نزاهة” الانتخابات
إنها السياسة الوحيدة التي يلجأ اليها الزعماء الذين يرفضون فكرة أنهم خسروا الانتخابات وتم استبعادهم من المناصب، اذ أشارت صحيفة “هآرتس” العبرية الى أن الليكود يمهد الطريق بالفعل لمزاعم تزوير نتائج الانتخابات، ويخشى البعض في إسرائيل من إجراء متطرف مماثل لاقتحام الآلاف من أنصار ترامب (الرئيس الأمريكي الجمهوري السابق دونالد ترامب) في مبنى الكابيتول هيل في يناير 2021، في محاولة لمنع تثبيت نتائج الانتخابات”.
ونقلت الصحيفة تحليلاً أجرته Fake Reporter يفيد بأن “يروج الليكود بالفعل على وسائل التواصل الاجتماعي، على نطاق واسع من خلال ملفات شخصية مجهولة بارزة في توزيع الرسائل والنشطاء وأعضاء وسائل الإعلام وقادة الرأي والمسؤولين المنتخبين، لحملة ضد النزاهة ومصداقية وقدرة مفوضية الانتخابات على مراقبة الاستحقاق”. وترى “هآرتس” أن “الحملة تثير الشكوك وتشجع على انتشار المؤامرات والأخبار الكاذبة وتستخدم الإجراءات القانونية في لجنة الانتخابات من قبل ممثل الليكود في اللجنة”.
وعلى الرغم من أن عملية الاقتراع وفرز الأصوات في كيان الاحتلال تتم يدوياً، أوضحت مصادر ميدانية لـ “هآرتس” أن “هناك عدة طرق يمكن من خلالها استخدام الفضاء الإلكتروني لتعطيل يوم الانتخابات، أولاً يمكن محاولة الحاق الضرر بالبنية التحتية مثل الكهرباء أو الإنترنت من أجل خلق الفوضى. ثانياً عبر اختراق موقع مفوضية الانتخابات وتعطيله او بث الصور والرسائل أو معلومات مضللة حول مواعيد إغلاق مراكز الاقتراع ذلك بهدف القول بأن النتائج غير موثوقة، وهو ما حدث فعلاً في انتخابات السابقة اذ انتشرت صور مزيفة لطوابير طويلة في بعض مراكز الاقتراع”.
أمام هذا المشهد المعقدّ سياساً والتنافس الحاد بين الأطراف فإن صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية تتوقع أنه “سنعود إلى نقطة البداية لحملة الانتخابات الأولى. ومرة أخرى، لا يوجد حسم، وإن أياً من الأطراف لا ينجح في تشكيل حكومة. في الفوضى السياسية المتبقية، فإن الانتخابات السادسة تصبح هي الإمكانية الأكثر واقعية”.
الكاتب: مروة ناصر