دخل لبنان رسمياً في الفراغ الرئاسي الذي لا يتحمّله بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية، فإن فترة ما قبل خروج الرئيس السابق ميشال عون من قصر بعبدا لم تكن كافية لتوافق الأحزاب والأطراف السياسية على مرشح، وكانت سلسلة جلسات مجلس النواب السابقة التي برزت فيها الورقة البيضاء دليل على حجم الفجوات بين الكتل وعدم وضوح الأسماء المرشحة.
لا يزال كلّ طرف في البلد يضع فيتو على اسم، لا سيما فريق 8 آذار الذي يرفض قطعاً رئيس حزب القوات اللبنانية كرئيس للجمهورية، أو يطرح “مبادرات” للحوارات الثنائية أو الجماعية للتوافق على اسم محدّد قبل الذهاب الى مجلس النواب والتصويت. وقد انحسرت في الفترة الأخيرة المبادرات الرئاسية بين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، ورئيس مجلس النواب نبيه برّي، والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي.
باسيل لم يؤيد اسماً مطروحاً بعد!
في تصريحاته الإعلامية الأخيرة، لم يؤيّد باسيل أن يكون الاسم المرشح للرئاسة هو رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهو موقف “معروف من الأساس”، على حدّ قول باسيل الذي لم يقطع سبل الحوار بل قدّم اقتراحاً بالاجتماع مع فرنجية والاتفاق معه على اسم ثالث، ولفت “أنا اليوم مع فكرة الوصول لرئيس توافقي”.
كما رفض باسيل تسمية قائد الجيش جوزيف عون أيضاً، الذي قد يعتبر اسماً توافقياً في لبنان نظراً لانه ابن المؤسسة العسكرية أو بناءً على “تسوية” معينة، مشيراً الى أن الاخير “كان متفرجاً على انقلاب 17 تشرين”. أمّا حول اسم وزير الداخلية السابق زياد البارود الذي يتردد في أروقة ما يسمى “نواب التغيير”، فاعتبر باسيل أن “زياد بارود شاب كويس لكن هذا الامر شيء والرئاسة شيء آخر”.
وفي معرض الحديث، كشف باسيل أن السفيرة الأمريكية دوروثي شيا طلبت منه فك العلاقة مع حزب الله وإعلان هذا الموقف في الاعلام مقابل “النجومية”.
بري بين الحوار والتراجع
من ناحية، برّي الذي صرّح أن “البلد لا يمكنه أن يحتمل فراغاً طويلاً في موقع الرئاسة، ولا بد أن من انتخاب رئيس في غضون أسابيع وليس أشهر، لأن الفراغ هذه المرة مكلف جداً على كل الصعد، ولا سيما اقتصادياً”، مطلقاً مبادرة دعا فيها جميع الأطراف الى الحوار في “عين التينة” بعد أن باتت جلسات البرلمان شكلية ومن تمسّكه بفكرة أن “التوافق السياسي أساس لوصول أي مرشح لسدّة الرئاسة”. الا أنه تراجع عن هذه المبادرة، وأوضح مكتبه الإعلامي في بيان أنه “بعد استمزاج الآراء حول الدعوة للحوار بين الكتل النيابية للوصول لرئيس توافقي يعتذر الرئيس نبيه بري عن السير قدماً بهذا التوجه نتيجة الاعتراض والتحفظ سيما من كتلتي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر”.
بكركي: الغطاء المسيحي والمسيحي – الإسلامي
بدروها، لم تسلّم بكركي خط المفاوضات الرئاسية لتأمين غطاء مسيحي شامل للاسم الجديد من جهة مع زعم تأمين غطاء مسيحي – إسلامي من جهة ثانية من منطلق التوافق أيضاً. واعتبر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أن “الحوار الآن هو بالاتجاه إلى البرلمان والتصويت والتشاور للوصول إلى نتيجة”. وأشار الاعلام اللبناني الى أن البطريرك الراعي أجرى وفي الأسبوعين الماضيين جولة من اللقاءات شملت أبرز القيادات اللبنانية الإسلامية والمسيحية. وحصل تواصل مباشر بينه وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية.
رغم اقتناع الجميع بضرورة “التوافق” ألا أنّ البلد لا يزال عالق عند نقطة الصفر، ولا يمكن لأحد من الأطراف التنبؤ كم ستطول فترة الفراغ الرئاسي.
الكاتب: غرفة التحرير