لا شك ان ترسيم الحدود البحرية للبنان مع فلسطين المحتلة هو انتصار كبير للبنان وسيحقق له الكثير من الفوائد الاقتصادية والسياسية التي ستظهر تباعاً مع مرور الوقت، بدءاً من دخول لبنان نادي الدول النفطية وصولاً لرفع المستوى المعيشي للشعب بعد الخروج من الأزمات المالية والاقتصادية التي يعاني منها.
وما سبق ذكره يستلزم التأكيد بشكل مستمر، وحين تستدعي الامور ان المقاومة على جهوزيتها لمواجهة أي عدوان إسرائيلي على لبنان، او محاولة عرقلة استخراج النفط من مياهه بأي شكل من الاشكال، أي ان المقاومة التي كانت عنصر قوة ودافع اساسي للوصول الى تفاهم ترسيم الحدود ستكون دائماً هي “ضابط الايقاع” لمنع العدو الاسرائيلي من محاولة التعدي لاحقاً على حقوق لبنان النفطية والغازية.
وبهذا الاطار، أكد الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته يوم السبت 29-10-2022 حيث قال “.. لن يستطيع أحد أن يستخرج نفطاً وغازاً، وحتى لو استخرجه، لن يستطيع أن يستمر في استخراج النفط والغاز وبيع النفط والغاز إذا مُنع لبنان من استخراج نفطه وغازه..”.
كما يجب التأكيد لمن إلتبس عليهم الأمر ان التفاهم الذي حصل ليس باتفاقية بين دولتين وانما هو مجرد تفاهم بين طرفين لتحييد النفط في البحر سواء في المياه الاقليمية والمنطقة الاقتصادية للبنان او تلك التي لفلسطين المحتلة، وهو شبيه بتفاهم نيسان 1996 حيث تم وقتها تحييد المدنيين من الاستهداف العسكري، وبالتالي فلا مجال للحديث عن شبهة تطبيع مع العدو الاسرائيلي او اعتراف به بأي شكل من الاشكال من قبل لبنان.
واللافت انه فيما يتعلق بتفاهم نيسان 1996 لم يتحدث أحد وقتها عن مثل هذه الامور (تطبيع او اعتراف) خاصة ان الاعمال العسكرية كانت قائمة، بينما اليوم ما جرى مرحلة اكثر تطوراً في ردع المقاومة للعدو من خلال إجباره على الدخول في هذا التفاهم بدون إطلاق رصاصة واحدة او صاروخ واحد وبدون إراقة نقط دم، ما يؤكد المستوى المتقد لمعادلات الردع التي رسمتها المقاومة بمواجهة العدو الاسرائيلي، والأهم ان كل ذلك حصل بدون فرض أي شيء على لبنان بل استطاعت الجهات الرسمية من تحصيل كل ما أرادته غير آبهة بالضغوط الاميركية المفترضة.
يبقى ان نشير الى ان المقاومة التي كانت العنصر الاساسي في تحقيق ما تحقق لن تقبل بالتراجع والتنازل، وبالتالي هي ستعمل على حماية هذه الثروات لمصلحة لبنان، الحماية هنا كما هي من العدو الخارجي ستكون من الأخطار الداخلية التي تطل برأسها والمتمثلة بالفساد المستشري في الكثير من إدارات الدولة، لذلك دعا السيد نصر الله الى تشكيل صندوق سيادي بخصوص النفط، حيث قال في كلمته خلال ذكرى المولد النبوي الشريف في 11-10-2022 “نحن نحترم كل من يعبر عن خوفه وقلقه ونحن منهم،.. هذا ماذا يرتب؟ يرتب مسؤولية وطنية الآن بالدرجة الأولى على مجلس النواب، وأنا أعرف أنه بدأ نقاش في اللجان المختصة في مجلس النواب حول اقتراحات تقدمت بها عدد من الكتل النيابية حول هذا الموضوع بالخصوص فكرة تشكيل صندوق سيادي”.
وبنفس السياق، قال عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض “.. نحن في كتلة الوفاء للمقاومة الجسم النيابي الذي يشكل امتداداً لهذه المقاومة، مزمعون بكل جدية على المستوى التشريعي أن نتابع هذه المعركة، ونحن عاقدون العزم بكل فاعلية وإصرار كي نحمي هذه الثروات، ونوفر على من خلال القوانين والرقابة والمتابعة أعلى درجات الشفافية والضمانة التي تحمي هذه الثروة التي ينتظرها اللبنانيون، كي لا تذهب هدراً تحت أقدام الهدر والفساد والمحاصصة وسوء الإدارة وقلّة التخطيط، ونعتقد أن هذه المهمة هي مهمّة وطنية جليلة في هذه المرحلة”.
الكاتب: غرفة التحرير