فارس عودة، طفل ولد في 3 كانون الأول / ديسمبر 1985، عرف في الأوساط الفلسطينية بأنه الطفل الذي تحدى “الميركافا” وأذلها، ووقف أمامها غير مبال بالآلة العسكرية الإسرائيلية خلال الموجهات الشعبية إبان انتفاضة الأقصى عام 2000، ليكون الى جانب محمد الدرّة من أيقونات هذه الانتفاضة التي ارتبطت باستهداف جيش الاحتلال للأطفال.
قتل الاحتلال الطفل عودة في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2000 برصاصة اخترقت رقبته قرب معبر المنطار (حاجز كارني) شرق قطاع غزة بينما كان يرمي الحجارة خلال الشهر الثاني من الانتفاضة على دبابة لجيش الاحتلال. وثّق مصور صحفي من وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية لحظة تصدي ابن الـ 15 عاماً للـ “ميركافا” وتصدرت هذه الصورة آنذاك صفحات الصحف والمجلات العالمية والفلسطينية.
لم تكن تلك المرة الأولى التي تحدّى بها الطفل “عودة” جيش الاحتلال وجنوده، اذ يذكر أنه كان ناشطاً في فعاليات الانتفاضة فكانت له خططه في الاختباء والتخفي. وقرب المدرسة كان “عودة” يخبئ ملابساً يستخدمها يوميا خلال المواجهات، وحين ينتهي يبدلها بملابسه النظيفة التي خرج بها صباحا للمدرسة قبل أن يعود الى بيته.
وفي حديث سابق مع الاعلام الفلسطيني، قالت والدة الطفل (أنعام) “50 مرة أحضرته من مواقع المواجهات، وفي بعض الأحيان يبقى في المواجهات حتى العاشرة مساء، في أجواء ماطرة وباردة”.
وتابعت “صبيحة يوم 8/11 عند التاسعة والنصف اتصل بي مدير مدرسته وأخبرني أن فارس لم يحضر للمدرسة، وفي تلك الساعة كان فارس اصيب برصاصة من العيار الثقيل اخترقت رقبته، واستمر ينزف ساعة كاملة” اذ إن الاحتلال منع الأطقم الطبية من إسعاف الطفل الذي كان عند نقطة قريبة من الدبابة الإسرائيلية.
قتل الاحتلال خلال سنوات الانتفاضة حوالي 826 طفلاً فلسطينياً (لم يبلغوا الـ 18 عاماً)، من أصل 4412 شهيد بالإضافة الى 48 ألفا و322 جريحاً. ومنذ استشهاد الطفل الدرة الى اليوم بلغت حصيلة الشهداء الأطفال 2230 شهيداً، أغلبهم استشهدوا في الحروب الأربع السابقة على غزة، الى جانب 17 طفلاً استشهدوا خلال عدوان الاحتلال على القطاع في آب / أغسطس من العام 2022.
وكانت انتفاضة الأقصى قد اندلعت في شهر أيلول / سبتمبر من العام 2000 بعد اقتحام رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرئيل شارون للمسجد الأقصى، وخلالها عمّت المسيرات والمواجهات الشعبية قطاع غزّة وتحوّلت خلالها هذه الفعاليات الى عمليات واشتباكات مسلحة انتقلت من الحجارة والسكين الى صناعة عسكرية أكثر تطوراً، كما بدأ تبلور التشكيلات العسكرية للفصائل الفلسطينية. استمرت الانتفاضة الثانية حوالي الـ 5 سنوات انسحب الاحتلال على إثرها من قطاع غزّة ليكون أول أرض فلسطينية محررّة منذ قيام كيان الاحتلال على أرض فلسطين عام 1948.
الكاتب: غرفة التحرير