خلال مؤتمر في العاصمة البريطانية لندن، أعلنت بعض قوى المعارضة الوطنية في البحرين اليوم عن وثيقة حملت اسم “الإعلان الدستوري”، عبّرت فيه عن رؤيتها السياسية لدستور جديد للبحرين من خلال 6 بنود، تضمنت دعوة لاستفتاء شعبي يشارك فيه المواطنون الأصليون حصرًا.
جاءت المادة الأولى والثانية بمثابة إعلان رسمي عن عدم قانونية دستور 2002، وعدم الاعتراف بجميع إفرازاته ومنها الانتخابات. فيما نصّت المادة الثانية على مرحلة انتقالية جديدة لتهيئة الأرضية لإجراء انتخابات لمجلس تأسيسي وفق تقسيم عادل للدوائر الانتخابية، وتحدّثت المادة الرابعة والخامسة عن التصديق على الدستور الجديد من خلال استفتاء شعبي تحت إشراف محلي ودولي مستقل، على أن يتوافق الدستور مع ثقافة الشعب البحريني المسلم. أما المادة السادسة فأكدت على إلزامية الدستور الجديد لجميع الأطراف بعد اجراء الانتخابات والاستفتاء.
وفيما يلي النص الكامل للوثيقة:
الدّيباجة
لقد شهدتِ البحرينُ مخاضاتٍ سياسيّةً عدّةً خلال العقودِ الأربعةِ الماضيةِ اتّسمتْ بنضالٍ شعبيٍّ طويلٍ وإصرارٍ شديدٍ من أجلِ نيْل الشّعبِ استقلالَه وعزّتَه وكرامتَه، وقد ترتّب على مخرجات الاستطلاعِ الذي أجرته الأممُ المتّحدةُ عام 1970 استقلالُ البحرين عن بريطانيا عام 1971، كما خلُص تقريرُ الممثّلِ الشّخصيِّ للأمين العام للأمم المتحدة آنذاك إلى أنّ «الغالبيةَ السّاحقةَ من شعب البحرين ترغبُ في الحصول على الاعتراف بهويّتهم في دولةٍ مستقلّة وذات سيادة كاملة حرّة، وفي أن تقرّر لنفسها علاقاتِها مع الدّول الأخرى». ليستتبعَ ذلك إجراءُ انتخابات لأعضاء المجلس التأسيسيّ المنوطِ به إعدادُ دستورٍ للبلاد، حيثُ أقرّ المجلسُ بتاريخ 9 يونيو 1973 دستورَ دولة البحرين، وهو أوّلُ دستورٍ لها في عصرنا الحالي، لكنّ نظامَ الحكم سارع إلى الانقلاب على التوافقات، وعطّل أحكامَ الدستور المتعلّقةَ بالسلطة التشريعيّة بتاريخ 26 أغسطس 1975، أي – بعد عامين فقط – من بدء العمل به.
وبعد انتفاضة الكرامة في التّسعينيّات من القرن العشرين، والتي قدّم فيها الشعبُ عشراتِ الشّهداء وآلاف السّجناء السّياسيين؛ جرى الاتفاقُ عام 2001 على ما سُمّي «ميثاقَ العملِ الوطني» ليكون مخرجًا وحلاً سياسيًّا للأزمة السّياسيّة المتفاقمة، وذلك بعد أخذ التعهّدات من حاكم البحرين الحالي «حمد عيسى الخليفة» حول حاكميّة دستور 1973 على الميثاق، وأنّ مجلسَ الشورى استشاريٌّ فقط والمجلسَ النّيابي المنتخب هو من يملكُ سلطة التّشريع والرقابة. لكنّ حاكمَ البحرين الحالي قامَ بانقلابٍ جديد – بعد عامٍ واحد فقط – وأصدر دستورَ 2002 بإرادةٍ منفردة، سُمّي بعدها بدستور المنحة، لتدخل البحرينُ نفقًا مظلمًا جديدًا اتّسم بنقض العهود من السّلطة وإقدامِها على المضي في مخططاتٍ سياسيّة خطرة تُهدّد أمنَ البلاد واستقرارَها، أبرزُها مشروعُ التّجنيس السّياسي الذي يرمي إلى إحداثِ تغيير ديموغرافيّ على حساب السكّان الأصليّين.
وعلى إثرِ تمادي النّظام الحاكم في ظلمِه وطغيانِهِ واستبدادِه وانقلاباته؛ كان من الطبيعيّ أن تنطلقَ ثورةُ 14 فبراير المجيدة عام 2011 بمشاركةِ الشّريحة العظمى من أبناء الشّعب، تنشدُ التّغييرَ الجذريَّ وإنهاءَ الحقبةِ السّوداء المظلمة التي عاشتها البحرينُ منذ تسلّطِ عائلةِ آلِ خليفة على رقابِ المواطنين، وقد قوبلت سلميّةُ الشّعب بهمجيّةٍ ورعونة تجاوزتا كلَّ الحدودِ الشّرعيّةِ والقانونيّة، ما جذّر انفصالَ الشّعب عن هذا النّظامِ الديكتاتوريّ المجرم الذي تلطّخت أيدي رموزِه بالدماء وارتكابِ الجرائم والمحرّمات بحقّ شعبنا الأبيّ.
«الإعلانُ الدستوريُ»
إنّ شعبَ البحرين المسلمَ المسالمَ الذي لا يُقدّمُ على حكم الله شيئًا، وقد ارتضى الإسلامَ دينًا وحاكمًا، وقدّم في سبيله ومن أجل تحقيق أهدافِه وتطلّعاتِه المشروعة التّضحياتِ الجسامَ، يستحقُ حياةً هانئةً رغيدة، ملؤُها العزّةُ والكرامةُ وصونٌ للعقيدة، بعيدًا من الظّلم والطّغيان والاستبداد والدّيكتاتوريّة، وإنّنا انطلاقًا من هذه التّضحيات العزيزة التي قدّمها شعبُنا الأبيّ، وترسيخًا للعمل السياسيّ الدؤوب والرامي إلى انتزاع حقِّه السياسيّ وتمكينِه من تقرير مصيرِه بإرادتهِ الحرّة، وتكاملاً مع الجهود التي بذلتها جميعُ القوى الحيّة في مجتمعنا ولا تزال، نُطلقُ وثيقةَ «الإعلانُ الدستوريُ» التي تتضمّنُ أهمّ الأسسِ والمنطلقات التي تمثّل خارطةَ طريق وطنيّةٍ، وتعبّرُ عن رؤية سياسيّة تحظى بقبول واسع من أطياف الشعب وقواه الحيّة، وتُعدّ أساسًا وركيزةً لمواصلة المسيرة الثوريّة الوطنيّة لمعالجة حالة الانسداد السياسيّ المستحكمة في وطنِنا العزيز، وذلك على النّحو الآتي :
المادة الأولى: عدمُ شرعيّة دستور 2002 الذي أصدره حاكمُ البحرين بإرادةٍ منفردةٍ وبتجاوزٍ لكلِّ التوافقات المبرمة بين القيادات المخلصة للشّعب ورموزِ النظام، وبكونِه دستورًا صدر بتجاوزٍ قانونيّ خطرٍ على دستور 1973 الذي تضمّن في الفقرة (أ) من المادة (104) الكيفيّةَ التي يُعدَّلُ من خلالها الدستور.
المادة الثانية: عدمُ الاعتراف بجميعِ إفرازاتِ دستور 2002، ومن بينها الانتخاباتُ الصّوريّةُ، وعدُّها فاقدةً للشّرعيّةِ الدستوريّة والقانونيّة والشّعبيّة، وينبغي مقاطعتُها وعدمُ التّعاطي معها بأيّ شكلٍ من الأشكال التي تُضفي عليها الشّرعيّة.
المادّة الثالثة: وفق مرحلةٍ انتقاليّةٍ جديدة؛ تواصلُ القوى الوطنيّةُ مع أبناء الشعب العملَ من أجل تهيئةِ الأرضيّة والأجواء المناسبة؛ بما يُمهّدُ الطّريقَ لإجراء انتخاباتٍ لمجلس تأسيسيّ وفق تقسيمٍ عادلٍ للدوائر الانتخابيّة، على أن يشاركَ في الانتخابات المواطنون الأصليّون حصرًا – تحت إشراف محليّ ودوليّ مستقلّ – وتكون مهمّةُ المجلس إدارةُ المرحلة الانتقاليّة، وصياغةُ دستور جديد للبحرين يتوافقُ مع تطلّعات شعبنا المسلم والغيور على دينه.
المادة الرابعة: يُصدّقُ بشكل نهائيّ على الدّستورِ الجديدِ أو يُرفضُ عبر استفتاءِ شعبيّ حرّ يشاركُ فيه المواطنونَ الأصليّون حصرًا، وتحت إشرافٍ محليّ ودوليّ مستقلّ.
المادة الخامسة: في حالِ أسفرت نتائجُ الاستفتاءِ الشّعبيِ عن رفْضِ الشعب للدّستورِ الجديد؛ يُجري المجلسُ التّأسيسيُ التّعديلاتِ التي تتوافقُ مع ثقافةِ شعبِنا المسلم وتطلّعاتِه، لتُعرضَ بعد ذلك نسخةٌ معدّلةٌ من الدّستور للاستفتاء الشّعبي من جديد.
المادة السّادسة: تكونُ نتائجُ انتخاباتِ المجلسِ التأسيسيّ ونتائجُ الاستفتاءِ الشّعبي على الدّستور الجديد ملزمةً لجميع الأطراف، وتكونُ للدستور الجديد قوّةً ملزمةً تنسخُ ما قبله من دساتير.
إنّ هذه الوثيقةَ تمثّلُ الضّوابطَ الأساسيّةَ التي نلتزمُ بها أمام شعبنا العزيز، وهي إعلانٌ عن السّعي من أجل تجديد الحركة الدستوريّةِ التي أطلقها الأجدادُ والآباءُ وتطويرِها في سبيل إقامةِ دولةٍ حرّةٍ كريمة، يحكمُها دستورٌ ديمقراطيٌّ وفق الشريعة الإسلاميّة، وينسجمُ مع تطلّعات هذا الشّعب العظيم وثوابتِه وتضحياتِه.
واللهُ وليُّ التّوفيق والسّداد
صادر عن قوى المعارضة الوطنيّة في البحرين:
– حركة أحرار البحرين الإسلاميّة
– ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير
– حركة الحرّيات والديمقراطيّة (حق)