يبدو أن هناك الكثير من الجهات والشخصيات والدول في المعسكر الأمريكي بمنطقتنا، بدأت تلحظ أهمية بناء العلاقات مع القطب الاقتصادي العالمي الصين، بعدما كانت سابقاً تعترض بل وتسخر على هكذا خيارات.
وأكثر ما يؤكد على هذه التوجهات، هو ما حصل خلال زيارة الرئيس الصيني “شي جين بينغ” الأخيرة الى السعودية، والتي تم خلالها توقيع اتفاقيات استثمارية بلغ حجمها نحو 50 مليار دولار أمريكي، دون أن تتضح تفاصيل الاستثمارات. وهذا مبلغ كاف لإثارة لعاب الكثير من الدول الغربية وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية.
ولذلك برزت بعض الآراء التي تقول، بأن الإدارة الأمريكية سترد بالطبع على هذه الخطوة السعودية، لأنها قد ترضى بإقامة الأخيرة لعلاقات مع كل خصوم واشنطن إلا بكين.
لكن هناك آراء أخرى تقول، بأن الخطوة السعودية قد تكون برهاناً واضحاً على أن الموازين الدولية قد تبدلت، وبأن المرحلة القادمة باتت مفتوحة على جميع الاحتمالات.
العلاقات الاقتصادية ما بين أمريكا والصين
لكن بعيداً عن الرد الأمريكي على خطوة الرياض، من المفيد الإشارة قليلاً، إلى أن أمريكا بحد ذاتها تعتبر من أكثر وأقدم الدول التي تستفيد من العلاقات مع الصين، لا سيما منذ ثمانينيات القرن الماضي، التي شهدت نمو تصاعدياً للعلاقة ما بينهما.
ويكفي أن نستعرض بعض الأرقام والمعطيات، حتى نكتشف بأن أمريكا هي فعلاً من سبقت العالم الى الصين لا العكس.
وأبرز هذه المعطيات:
_ الصين هي أبرز المستثمرين في السندات الحكومية الأمريكية بحوالي 1 تريليون دولار أمريكي (هذه الإحصائية حتى شهر تشرين الثاني / نوفمبر من العام الحالي).
_ انفجرت التجارة بين البلدين في العقدين الماضيين منذ انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية.
_ تستحوذ الولايات المتحدة على حوالي 17.5 % من إجمالي الصادرات الصينية.
_ بلغت واردات الولايات المتحدة من الصين حوالي 541 مليار دولار أمريكي خلال العام 2021، وفقًا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة COMTRADE حول التجارة الدولية، توزعت على أكثر من 98 قطاع اقتصادي، من المواد الغذائية وصولاً الى الأسلحة والطاقة النووية.
_ أكثر من 90% من هواتف شركة أيفون الأمريكية يتم تصنيعها في الصين، عبر شركة Foxcon وتحديداً مصنع مدينة تشنغتو. كما تعد الصين أكبر سوق استهلاكي لهذه الشركة.
_ استطاعت الصناعات الصينية التفوق بشكل كبير ولافت، على العديد من الصناعات الأمريكية.فعلى سبيل الذكر لا الحصر، كشفت إحدى المقالات التي نشرها موقع “Incider” المتخصص عام 2017، بأن قطارات السريعة الصينية أسرع من قطارات أمتراك الأمريكية، وفي نفس الوقت أرخص منها بكثير، مع أنها تبدو في الكثير من المواصفات متشابهة إلى حد كبير.
وهذا ما دفع ببعض الأمريكيين الى السخرية من صناعات بلادهم، وتفضيل الصينية عليها، بل وهناك من تحدث عن إمكانية بناء بكين لخط قطار يصلها بأمريكا.
_ تعتبر واشنطن أن العتبة التكنولوجية لا سيما ما يتعلق بالرقائق الالكترونية هي الأهم لمنع الصين من أن تصبح الأولى عالمياً على صعيد الاقتصاد.
الكاتب: علي نور الدين