بعد أكثر من عقد، بدأ مسار جديد للعلاقات ما بين سوريا وتركيا برعاية روسية، بعدما التقى وزيرا دفاع تركيا وسوريا وقادة أجهزة الاستخبارات التابعة لهما إلى جانب نظرائهما الروس في موسكو يوم الأربعاء الماضي، في أول محادثات بين مسؤولين رسمين على هذا المستوى، منذ اندلاع الحرب الكونية على سوريا.
وبحسب ما ورد فإن الاجتماع ناقش الأزمة السورية، وقضية اللاجئين، والجهود المشتركة لمحاربة جميع الجماعات الإرهابية في سوريا. لكن أغلب المراقبين اعتبروا هذه المحادثات، تمثّل تقدما جديداً على صعيد التقارب التركي السوري، الذي وصل في الكثير من الأحيان سابقاً الى درجة الصدام العسكري المباشر.
وفي سياق متصل، برز تطور آخر في العلاقة ما بين البلدين، تمثّل في طلب الدولة التركية من تشكيلات توصف بالمعارضة السورية متواجدة هناك، بأن تقوم بإغلاق مقارها. وكشفت قيادات في بعض هذه التشكيلات، أنها تبلّغت رفضاً من عواصم دول الخليج التي كانت لها فيها مقار سابقا بما فيها قطر، لطلبات نقلهم المقار من تركيا اليها، وأن بعض التشكيلات حاولت بحث الانتقال مع عواصم أوروبية تعادي دمشق وفشلت في ذلك. كما كشفت بعض المصادر، بأن تركيا أوقفت تمويل ما يُعرف بالائتلاف الوطني المعارض، الذي باتت تعتبره ثقباً أسوداً للمساعدات المالية.
توافق على 7 من أصل 9 نقاط
وبالعودة الى الاجتماع الثلاثي، كشفت وسائل إعلام تركية بأن الاجتماع تناول مسألة عودة اللاجئين الجماعات الإرهابية، وبأن الأطراف توصلت إلى نقاط مشتركة في 7 عناوين تتعلق بهذه المسائل من أصل 9 عناوين. وبالرغم من عدم وضع خريطة طريق لمسألة الجماعات الإرهابية، إلا أن هناك نيّات متبادلة لحلها، وستكون مسألة إدلب أصعب نقطة.
أما على صعيد معالجة موضوع عودة النازحين، فقد أكدت جميع الأطراف في الاجتماع على أنه كان بنّاءً ومهما. حيث طرحت روسيا نماذج العودة من لبنان والأردن، أو أن تكون هناك نماذج وتطبيقات خاصة فيما يتعلق بالعودة من تركيا. وفي الخلاصة أكدت وسائل الإعلام التركية بأن عام 2023 سيكون حافلاً بالمفاجآت، حيث ينتظر أن تشرف أجهزة استخبارات الدول الثلاث على عودة 150 ألف سوري إلى بلادهم، وهذا ما يشكل ضربة قوية للولايات المتحدة الأمريكية التي تسعى الى عرقلة أي عودة للنازحين الى سوريا.
وحول نتائج الاجتماع، كان لافتاً تلميح وزير الخارجية التركي “مولود جاويش أوغلو” بإمكانية انتقال آلية الاجتماع إلى مستوى وزراء الخارجية، وتصريحه بأن بلاده مستعدة لنقل السيطرة بمناطق وجودها في سوريا إلى سلطة الحكومة السورية.
ضربة روسية لأمريكا
في جانب آخر، يشكل هذا اللقاء ضربة روسية قوية لنفوذ الإدارة الأمريكية في هذه المنطقة، حينما استطاعت موسكو جمع الدولة السورية بالجانب التركي على طاولة واحدة، مما يعزز من نفوذها الدبلوماسي دولياً.
ووصف بعض المتابعين، بأن الفترة الأخيرة أثبتت بأن معارضة موسكو وليس معارضة واشنطن، هي التي تتمكن من منع العمل العسكري التركي في منطقة شرق الفرات، بحيث مضت جميع العمليات العسكرية التركية السابقة في شمال وشرق سوريا، بموافقة روسية واضحة مع رفض أمريكي أو قبول على مضض.
وعليه، هنا يطرح السؤال نفسه: هل يشكل تصاعد عمليات داعش الوهابي الإرهابي الأخيرة هو الرد الأمريكي على هذه التطورات؟
الكاتب: علي نور الدين