افتتحت المقاومة في الضفة الغربية العام الجديد 2023 بتكثيف عملياتها، اذ لم ينتهِ يوم دون تنفيذ عشرات الأعمال من إطلاق نار وزجاجات حارقة واستهداف آليات الاحتلال وتصدٍ لاقتحامات القوات ووقوع اشتباكات. يأتي ذلك بعد عام شهد ارتفاعاً ملحوظاً ومقلقاً للاحتلال في عدد العمليات مقارنة بالأعوام الثلاث الماضية، فقد سجّل عام 2022 حوالي 300 عملية. ما دفع بوزير أمن الاحتلال ايتمار بن غفير الى الترويج لـ “قانون إعدام الأسرى” اللذين ينفذون العمليات تمهيداً للتصويت عليه في “الكنيست” بعد أن حصل على موافقة الائتلاف الحكومي.
لكنّ تعليقاً للمراسل العسكري لموقع “واللاه” العبري،أمير بوخبوط، قال فيه إن “كمائن الجيش ليست فعّالة في الأيام الأخيرة بالضفة، لأن الخلايا المسلّحة تطلق النار وتنسحب بسلام”، يشير هذا التقدير الى أن هذا “القانون” – اذ ما مرّره “بن غفير” – لن يمنع المقاومة ويحدّ من العمليات.
بل إن مثل هذا “القانون” قد يدفع المقاومة الى التفكير جدياً في كيفية الانسحاب الآمن بعد التنفيذ وإدراجه ضمن أولوليات خطة العملية. وبالتالي سيشكل هذا التفكير أيضاً تطوراً مهماً في أداء المقاومة وسيرفع من درجة نوعية العملية، ما يعيد الاحتلال الى دوامة المآزق وزيادة الضغط على المستويين الأمني والسياسي في ظل الحكومة الجديدة التي تبحث عن “تثبيت نفسها”.
في سياق التساؤل عن تحديات المقاومة في الضفة أمام سياسات “بن غفير”، رأى اللواء المتقاعد والخبير في الشؤون العسكرية واصف عريقات في حديثه مع موقع “الخنادق” أن ” بن غفير ليس الاول ولن يكون الاخير في السعي لتنفيذ المخططات الاجرامية، فقبله كل الوزراء سعوا ومنهم شارون صاحب القبضة على الجيش والمؤسسات الامنية حيث نفذ عملية اقتحام للضفة الغربية كاملة بالدبابات والمدفعية والطيران وجنود المشاة لكنه فشل بالوصول لاي هدف بسبب صمود الشعب الفلسطيني وتضحياته”.
وتابع إن “بن غفير أضعف بكثير من شارون وعلى خلاف مع المؤسستين العسكرية والأمنية لذلك سيعمد الى تشكيل ميليشيات من المتدينين المتطرفين وهو ما يصعد الموقف ويفجره وسيكون له تداعيات في الداخل الاسرائيلي ومع المقاومين الفلسطينيين وستكون الاحتمالات (التصعيد والتفجير المتدحرج) مفتوحة على الأصعدة كافة”.
يُضاف اعتراف المراسل العبري “بوخبوط”، الى سلسلة من الاعترافات الاسرائيلية السابقة حول تغيير المقاومة لمشهد اقتحام قوات الاحتلال للمخيمات والأحياء شمال الضفة، اذ لم يعد الدخول والخروج سهلاً دون وقوع الخسائر المادية أو البشرية ودون ضغوط على المستويين الأمني والسياسي للاحتلال. كذلك نقل موقع “واللاه” العبري عن مسؤول عسكري قوله، إن التقديرات تشير إلى أن عمليات المقاومة ستتصاعد خلال العام الجاري لافتاً “إلى أن الأمن الإسرائيلي بات يخشى العمل في مخيمات اللاجئين، ولا سيما بنابلس وجنين”.
فيما كشفت سرايا القدس لقناة “الجزيرة” عن آخر تطورات كتيبة جنين والمقاومة في الضفة، فقد قسّم أحد قادة الكتيبة “ابو الحسن” في حديثه الوحدات التي باتت تضمها كتيبة جنين:
_ وحدة الرصد والمتابعة وتقوم برصد تحركات جيش الاحتلال عند الحواجز ومنها “الجلمة” و”سالم” واكتشاف حركة الاحتلال واقتحاماته للمخيم والأحياء.
_ وحدة المتفجرات مهمتها تصنيع العبوات وتجهيزها.
_ وحدة المواجهة والاشتباك.
وأكد القائد أن الكتيبة التي بدأت بمجاهدين “لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة” واللذين أقنعهم مؤسسها الشهيد جميل العاموري عام 2021 بالانضمام اليها وإعادة روح المقاومة الى المخيم، فإن “المئات اليوم من الشباب يريدون الالتحاق بالكتيبة، والدليل أنه لم يبقى قطعة سلاح استشهد صاحبها ولم تجد من يحملها من بعده”. كما كشف مسؤول الدائرة العسكرية في حركة الجهاد الاسلامي والقائد العام لسرايا القدس أكرم العجوري أن “الكتلة الصلبة للكتيبة تتجاوز الـ 100 مجاهد وهم على قدر عالي من التجهيز العسكري والتسلّح وأصبح لديهم خبرة”.
تجدر الاشارة الى أن “الجزيرة” (ضمن برنامج “ما خفي أعظم”) قد عرضت مشاهد من تدريبات الكتيبة في الضفة، تحاكي صناعة المتفجرات والرماية وكيفية التعامل مع الاشتباكات.
الكاتب: مروة ناصر