الرئيسية / إقليمي دولي / الانتحار في السجون الأميركية: 7000 سجين قضوا قبل تنفيذ حكم الاعدام

الانتحار في السجون الأميركية: 7000 سجين قضوا قبل تنفيذ حكم الاعدام

تضم الولايات المتحدة 5% من سكان العالم، و25% من سجنائه. وبحسب منظمة هيومن رايتس ووتش، يقبع أكثر من 2.5 مليون سجين خلف القضبان، وهم بتزايد مستمر. وتزامناً مع ارتفاع معدل الجريمة في الولايات الخمسين، حيث سجلت أرقاماً تاريخية وصلت إلى 21 ألفاً و570 جريمة قتل خلال عام 2020 بحسب تقرير FBI، لم تنجح السجون وعقوبات الإعدام في تشكيل رادع للحد منها. اذ يختار المحكومون بالإعدام في بعض الأحيان، اللجوء إلى الانتحار وحقن أنفسهم بمواد قاتلة قبل تنفيذ الحكم بهم.

زنزانة الموت: 1 من كل 7 سجناء لديهم أعراض ضائقة نفسية خطيرة

في إطار حديثه عن اللامبالاة التي يجري التعامل بها مع السجناء، وعدم معالجة الظروف في السجون، يروي الصحفي ماكس بلاو، ما جرى في إحدى سجون جورجيا. ويقول في تقرير نشر في The Pew Charitable Trusts، أنه في أيلول/ سبتمبر عام 2019، أخبر أحد السجناء، الضابط المسؤول، أن “لديه ميولاً انتحارية. ليرد عليه الأخير بـ “انا كذلك”. وبحسب إفادة زميله في السجن، فإن السجين انتحر بعد 24 ساعة.. “انا سأطلب التحقيق في ذلك”.

تفتح هذه الحادثة، باب “زنزانة الموت”، كما يستسيغ للصحفيين تسمية بعض السجون الفيدرالية. فبحسب إحصائيات وزارة العدل الأميركية، قتل أكثر من 7000 شخص أنفسهم داخل السجون الأمريكية والسجون إلى عام 2014. فيما زادت حالات الانتحار في السجون بشكل مطرد. يقول عمدة مقاطعة ليك، في ولاية كاليفورنيا، معلّقاً على هذا الأمر: “ترغب في أن يكون لكل سجين ضابط إصلاحي واحد يراقبه في جميع الأوقات. ولكن عندما يكون لديك منشأة تضم 300 شخص، مع وجود 4 أو5 موظفين، يصبح الأمر صعباً”.

ساهم في تهيئة الأرضيّة لتأزم الأوضاع في السجون أمران: الأول، في كثرة الحالات التي تصدر بها المحاكم الأميركية عقوبة السجن المؤبد. وتشير مجلة Aeon الرقمية، إلى انه خلال عام 2012، تمت إصدار حكم المؤبد بحق 10 آلاف شخص في الولايات المتحدة، دون ان يرتكبوا جرائم عنفيّة. فيما يقضي حوالي 50 ألف شخص في السجون الأميركية أحكام المؤبد دون إخلاء سبيل مشروط. وبمقارنة الأحكام نفسها مع ما يجري في بريطانيا، نجد أن عدد هؤلاء قد يتقلّص عددهم إلى 50 سجين فقط. والأمر الثاني، هو عدم وضع السجون في قائمة الأولويات، بل والاعتماد في تمويل جزء كبير من نفقاتها على الضرائب، في الوقت الذي ينظر الأميركيون إلى هذه النفقات غير ضرورية. حيث تشير أستاذة العدالة الجنائية بجامعة ستوكتون بنيوجيرسي، كريستين تارتارو، في هذا الصدد، إلى ان “دافعو الضرائب يفضلون ان يدفعوا أموالهم مقابل الخدمات العامة مثل الطرق والمدارس والمكتبات والحدائق العامة. قالت: “إذا كنت دافع ضرائب تستخدم كل شيء آخر -باستثناء السجون- فإن الناس لا يريدون أن يسمعوا عن جعل السجن أجمل”. ويضيف مدير مشروع السجن الوطني التابع لاتحاد الحريات المدنية الأمريكي، ديفيد فتحي، “إنه نتيجة لذلك، يمكن تعريض حياة السجناء للخطر دون داع”.

قال فتحي إنه عندما يتجاهل المسؤولون مسؤوليتهم عن توفير مستويات كافية من علاج الصحة العقلية للنزلاء والسجناء، فإنهم ينتهكون حظر التعديل الثامن “للعقوبات القاسية وغير العادية”. والنتيجة يمكن أن تكون وفيات يمكن منعها والتقاضي المكلف…يجب أن تكون الصحة النفسية أولوية وأن يتم تمويلها بشكل كافٍ – وليس مجرد وضع علامة في المربع…ولكن ليس هناك الكثير من الولايات القضائية التي تريد إنفاق الأموال عليها”.

ووفقًا للتحالف الوطني للأمراض العقلية، فإن 1 من كل 7 سجناء في الولايات لديهم أعراض ضائقة نفسية خطيرة، بالإضافة إلى 1 من كل 4 سجناء في السجون الفيدرالية. على الرغم من أن السجون هي أكبر مكان لمقدمي خدمات الصحة العقلية في العديد من الولايات، إلا أن معظم السجناء يفتقرون إلى العلاج اللازم. ويقول خبراء العدالة الجنائية إن قلة الموظفين والاكتظاظ قد عَقّدا وظائف الضباط والأطباء الممارسين المكلفين بمنع الانتحار. في حين ان الاكتفاء بتوزيع ملابس وبطانيات مضادة للمياه، لمنع تمزيقها واستخدامها كحبل مشنقة، هو أمر لا يكفي للحد من الحوادث.

وفي مقال نُشر في صحيفة نيويورك تايمز، عام 2017، ذُكر أن وضع السجين في السجن الانفرادي لأكثر من 15 يوماً، لا يزيد فقط من خطر الانتحار المتزايد، بل تزيد أيضًا من فرص عودة السجين للإجرام بعد إطلاق سراحه. وبحسب منظمة الأمراض العقلية، فإن البيانات تظهر أن السجناء في السجن الانفرادي يمثلون حوالي نصف حالات الانتحار في السجون.

وعن اتخاذ الإجراءات بعد فوات الأوان، الذي ينتج في بعض الأحيان عن التقصير في المبادرة، يقول قاضي المقاطعة الأمريكية في المقاطعة الوسطى في ألاباما، مايرون طومسون، انه “صحيح لا يمكن منع جميع حالات الانتحار…لكن هذا الواقع لا يبرر بأي حال من الأحوال أوجه القصور الكبيرة والمنتشرة في منع الانتحار. ما لم يتم الوفاء بالتعهدات، ستستمر المآسي التي يمكن تجنبها”.

كما تأتي في طليعة الأسباب التي تجعل من الأوضاع تزيد سوءاً، هو توظيف اشخاص ليس لديهم الحد الأدنى من مؤهلات علاج الصحة العقلية، غالباً ما يكونوا ضباط إصلاحيات من الرتب المنخفضة. وتقول Aeon، انه على سبيل المثال، إن سجون أريزونا عانت من عدم كفاية جهود منع الانتحار، بما في ذلك الضباط الذين وجدوا أنهم نائمون بدلاً من المراقبة. إضافة لعدم خبرتهم الكفاية بذلك، مثل موظف الصحة العقلية الذي قام بإيقاف سجين عن محاولته بالانتحار بعد دقيقتين من مباشرته بها. ويشير كلايبورن: “أظهر الموظفون مستوى صادمًا من التجاهل يمكنك القول إن لديك سياسات. ولكن إذا لم يكن لديك عدد كافٍ من الأشخاص، فإن السياسة مهما كانت جيدة، لكنها تبقى حبراً على ورق”.

التمييز بين السود والبيض في الأحكام

وتشير التقارير، إلى ان التمييز العنصري بين السود والبيض في الولايات المتحدة، متجذر أيضاً في نظام العدالة الجنائية. فإن الأميركي من أصول افريقية، وهو في منتصف الثلاثينات من عمره، فاحتمالية زيارته للسجن -ولو لفترة قصيرة- تبلغ حوالي 70%. وعلى الرغم من ان عدد الرجال من ذوي البشرة البيضاء، ممن يتعاطون المخدرات، تزيد عن 5 أضعاف، إلا ان عدد الأحكام الصادرة لتجريم ذوي البشرة السوداء، تتعدى الـ 10 أضعاف عن البيض.

الكاتب: مريم السبلاني

شاهد أيضاً

ميزانية تشبع اليمين فقط: نتنياهو يهمل الواقع الاقتصادي للكيان

“6 أشهر من الفشل”، هكذا وصفت صحيفة “هآرتس” العبرية أداء حكومة اليمين المتطرّف برئاسة بنيامين …

الاشترك بخدمة الخبر العاجل