“كان ثورياً واقعياً وصاحب رؤية ثاقبة وجريئة، لعب دوراً محورياً في تطوير الفكر السياسي الثوري الواقعي في الساحة الفلسطينية”، هكذا تصف الأوساط الفلسطينية صلاح خلف المشهور بلقبه “أبو إياد” بعد أن كرّس فترة من حياته للعمل المسلّح وتطويره لمواجهة كيان الاحتلال لكنّ حدثاً مفصلياً غيّر من سيرة الرجل.
سيرة “أبو إياد”
_ ولد صلاح مصباح خلف في مدينة يافا بتاريخ 31أغسطس/آب 1933م، واسمه الحركي “أبو إياد”، ومع الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية عام 1948 اضطرت أسرته إلى اللجوء نحو قطاع غزة عن طريق البحر، حيث أكمل خلف دراسته الثانوية ونشط في بعض الفعاليات الوطنية رغم صغر سنه.
_ في عام 1951، انتقل “أبو إياد” إلى مصر لإكمال دراسته الجامعية وحصل على إجازة في التربية وعلم نفس من جامعة القاهرة. وتخرج أيضاً من كلية دار العلوم – قسم الفلسفة عام 1957.
_ خلال فترة دراسته في مصر، التقى “أبو إياد” بالرئيس الراحل ياسر عرفات، وتوطدت العلاقة بينهما من خلال تأسيس الاتحاد العام لطلبة فلسطين، وكانت أول نشاط فلسطيني. في 28 فبراير/ شباط 1954 شن الاحتلال غارة عسكرية على غزة، فنظم الطلاب الفلسطينيون في مصر على أثرها مظاهرات، وكان صلاح خلف على رأسها حيث تقدموا إلى السلطات المصرية بثلاث مطالب، وهي، إلغاء نظام التأشيرات لدخول غزة والخروج منها، إعادة المواصلات الحديدية بين القاهرة وغزة، وفرض تدريب عسكري إجباري على الفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم.
_ عاد “أبو إياد” الى قطاع غزّة وعمل مدرساً في العديد من المدارس واستمر في النشاط السياسي الذي بدأ بالتحوّل نحو العمل المسلّح.
_ غادر “أبو إياد” الى الكويت في العام 1959 للعمل مدرساً أيضاً، وكان ” أبو عمّار” قد سبقه قبل سنتين في العام 1957، لتبدأ الأفكار الأولى لحركة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) تتبلور بين الرجلين ومعهما أيضاً القائد خليل الوزير “أبو جهاد”.
_ كانت عملية تفجير نفق “عيلبون” داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة الذي نفذها الرجال الثلاث وأحمد سلامة الذي استشهد خلالها هي الانطلاقة الرسمية للحركة في الأوّل من كانون الثاني / يناير عام 1965. أدت العملية الى إصابة جنديين إسرائيليين بجراح.
_ فرّغ “أبو اياد” نفسه للعمل المقاوم، فشارك في معركة الكرامة عام 1968 (بين القوات الأردنية والى جانبها منظمة التحرير ضد جيش الاحتلال في منطقة الكرامة الأردنية). خلال وجوده في قيادة الثورة الفلسطينية آنذاك، تسلم “ابو اياد” العديد من المسؤوليات المهمة ومنها رئاسته لجهاز الأمن في منظمة التحرير الفلسطينية. كما شارك في قيادة العمليات خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في السبعينيات الى أن خرج من العاصمة بيروت عام 1982 حين غادرت المنظمة من البلد، وانتقل الى تونس.
بدأ مسار التسويات
على الرغم من أن “أبو اياد” من بين قادة المنظمة المشجعين على الخيار المسلّح ضد الاحتلال الا أنه كتب مقالاً تحت عنوان “عودة السيف إلى غمده” الذي نشر في مجلة السياسة الخارجية الأمريكية في عددها رقم (78) في العام 1990. وفي المقالة “برّر” أبو إياد خيار التسوية و”السلام” التي اختارته فتح في مؤتمرات مدريد مع كيان الاحتلال، ودعم “حل الدولتين” مع انتقاد الانحياز الأمريكي نحو الكيان ومصالحه.
الاغتيال
في 14 كانون الثاني/ يناير من العام 1991، وخلال اجتماع “أبو إياد” مع اثنين من قادة الحركة هما هايل عبد الحميد وفخري العمري في تونس، كان “موساد” الاحتلال قد زرع عميلاً بينهم تمكّن من اختراق الاجتماع وإطلاق العديد من الرصاصات على جسد “أبو اياد” ثمّ القائدين الآخرين.
الكاتب: غرفة التحرير