يحدّد المراسل العسكري في صحيفة “هآرتس” العبرية عاموس هرئيل على ضوء المستجدات الأخيرة داخل الكيان نفسه، وعلى الساحتين الفلسطينية والإقليمية التهديدات التي ترافق ولاية رئيس أركان الجيش الجديد هرتسي هاليفي. فينقل “هرئيل” عن ضباط في هيئة الأركان قولهم إن “ولاية هاليفي قد تبتلعها الأحداث على الجبهة الفلسطينية. في الوقت نفسه، هناك خطر من أن يمتد الصراع السياسي العاصف إلى الجيش الإسرائيلي ويؤدي إلى تآكله من الداخل”. ويشير أيضاً في مقاله الى حديث ضباط آخرين عن انتهاء “العصر الذهبي الأمني” للكيان بسبب ضعف التماسك الداخلي وتزايد التهديد الإيراني.
المقال المترجم:
أُقصيت سلسلة المقابلات الهامة لرئيس الاركان المنتهية ولايته، أفيف كوخافي، من العناوين الرئيسية في صحف يوم الجمعة الماضي لصالح الخطاب الحاد لرئيسة المحكمة العليا استر حيوت. ولكن تصريحات كوخافي، التي حذر فيها من بعض التغييرات المخطط لها للحكومة الجديدة في الضفة الغربية، والتي قال إنه نسّقها مع خلفه هرتسي هليفي، لم تمر دون تعليقات اليمين. فوزير المالية بتسلائيل سموتريتش، الذي حسب الاتفاقات سيكون المسؤول عن تنسيق أعمال الحكومة في الضفة، هاجم كوخافي قائلاً رئيس الأركان “مرتبك” بشأن حقيقة أن “إسرائيل هي بلد بجيش، وليس جيش مع دولة”.
هذه السجالات متوقعة بالتزامن مع مراسم تسليم رئيس الأركان الجديد لكنّ الأهم هو ما سيتم الاتفاق عليه في الكواليس. عقد سموتريتش اجتماعين من أجل التخطيط لنقل السلطة إليه، مع هاليفي ومع وزير الدفاع يوآف جالانت. ومنذ أن أدت الحكومة اليمين، حاول الأخير أن يقدّم نفسه كشخص مسؤول في المجال الأمني.
دخلت إسرائيل والفلسطينيون من آذار / مارس الماضي بتصعيد كبير في الضفة الغربية. إن الخطر من أن يؤدي هذا إلى انفجار حقيقي سوف يحوم فوق بداية ولاية هاليفي. لن يساعد قرار نتنياهو بتسليم مفاتيح الضفة الغربية والشرطة لسموتريتش ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير في تهدئة الأمور.
ضباط الأركان يقولون إن ولاية هاليفي قد تبتلعها الأحداث على الجبهة الفلسطينية. في الوقت نفسه، هناك خطر من أن يمتد الصراع السياسي العاصف إلى الجيش الإسرائيلي ويؤدي إلى تآكله من الداخل.
نهاية العصر الذهبي
أدخل رئيس مديرية التخطيط في الجيش الإسرائيلي، الجنرال يعقوب بانجو، تطورا آخرالى المشهد. في مقال كتبه الأسبوع الماضي (مع العقيد نير ياناي والرائد يوناتان نيفو) نُشر في مجلة جيش الدفاع الإسرائيلي “معاراتشوت”، قال إنه على مدى العقود الأربعة الماضية، كانت إسرائيل في نوع من “العصر الذهبي الأمني”، لكنها لم تعد كذلك.
بالنظر إلى أن هذه الفترة شملت انتفاضتين وحربين في لبنان، يجادل الضباط في المقال أنه خلال هذه العقود تمتعت إسرائيل بثلاثة امتيازات: حقيقة أنها كانت تتعامل مع تهديد أمني محدود. الهيمنة الأمريكية، والتي تم التعبير عنها جزئياً من خلال الدعم القوي لإسرائيل. وما أطلقوا عليه روح مشتركة في المجتمع الإسرائيلي. لكنّهم كتبوا أن هناك “تآكل عميق لجميع الامتيازات الثلاثة”. إن قوة الدعم الأمريكي لإسرائيل آخذ في التآكل، كما أن التماسك الإسرائيلي الداخلي يضعف فيما يزداد التهديد الإيراني خطورة. وحذروا أنه في ظل وحذروا من أنه “في ظل هذه الظروف، فإن قدرتنا على التعامل مع التهديد الخارجي ستكلف ثمناً باهظاً”.
التحديات، كما توقعوا، ستبلغ ذروتها خلال العقد الحالي، ولكن للتعامل معها، يجب على إسرائيل الاستعداد من خلال تغيير هيكلية قواتها العسكرية. وتجدر الإشارة إلى أن تصريحهم غير العادي والدقيق حول ضعف التماسك الاجتماعي كُتب عنه حتى قبل اشتداد الأزمة السياسية الحالية بعد أن كشفت حكومة نتنياهو عن خطتها لتدمير النظام القانوني.
الموضوع المؤلم سيقف على جدول اعمال رئيس الاركان الجديد، فالسبت الماضي قتل جندي في لواء “كفير”، الرقيب دنيس زنوفايف، بسبب انفجار قنبلة يدوية في غرفة السكن في قاعدة للجيش في غور الاردن. ثلاثة جنود اصيبوا. من التحقيق الاولي يتبين الاشتباه بأن الجندي القتيل قد وجد القنبلة في منطقة تدريب واخذها الى غرفته، خلافا للتعليمات. هذه الحادثة جاءت استمرارا لسنة مرعبة في هذا المجال: موت قائدين في وحدة “اغوز” بنار ضابط آخر. موت جندي في لواء كفير بنار صديقه في الحراسة وموت جندي في وحدة المعابر بنار صديقه الذي كان يلعب بالسلاح. كل موت واصابة كهذه كانت زائدة، وجميعها تعكس مشكلات صعبة في الانضباط العملي وفي الاجراءات الروتينية في الجيش.
المصدر: هآرتس