يستمر كيان الاحتلال بممارسة سياسة الاغتيالات القائمة على تحييد قادة المقاومة الفلسطينية الذين يشكلون خطراً عليه. ومع تراكم القوة العسكرية للمقاومة، على الرغم من اغتيال كبار قادتها على مر السنين، إلا ان الساسة في الكيان يهربون إليها عندما تتقطع بهم السبل. فما هي عناصر النجاح الأمني لهذه السياسة؟
-عناصر النجاح الأمني:
الجمع المعلوماتي الميداني والبعيد:
-العملاء: ينشط العملاء في قطاع عزة والضفة بشكل كثيف ذلك لسهولة التجنيد نتيجة القرب بين سكانهما وبين الكيان، ونتيجة الضغط الممارس من قبل العدو عليهم إما بالتهديد أو بالأموال وغيرها. لذا فإن العملاء يساعدون الكيان بشكل كبير عبر إيصال المعلومات المتعلقة بحركات المقاومة له. وقد يكون العملاء من المستعربين، الذين هم بالاصل مستوطنين مجندين مندسين بين الفلسطينيين.
-طائرات الاستطلاع والمسيرات: تعمل هذه الوسائل على التقاط تحركات الفصائل في قطاع غزة والضفة عبر تقنيات التصوير والفيديو، بالإضافة إلى أجهزة التنصت على السلكي واللاسلكي.
-السايبر: يمتلك الكيان المؤقت منظومة سيبرانية متقدمة، ومن خلالها يعمل على خرق كل الأجهزة الإلكترونية، التي تتيح له الحصول على المعلومات اللازمة عن الفصائل وتحركاتها.
-الفرق الأمنية: من خلال عمليات تسلل محكمة، يقوم الكيان من خلال فرقه الأمنية المختصة باختراق البيئات الحاضنة للفصائل في الضفة وغزة وذلك للكشف المباشر على الأعمال والتحركات.
-التنصت: من خلال العديد من الوسائل المتقدمة الموصولة إما بالمقاتلات الحربية أو المسيرة أو البوارج البحرية وغيرها من الوسائل التكنولوجية، يعمد الكيان من خلال كل ما ذكر على جمع المعلومات الكافية له من خلال أجهزة التنصت والاستشعار.
عنصر المفاجأة:
-يعمد العدو في عمليات الاغتيال أو العمليات الأمنية، على التكتم الشديد على العملية المنوي القيام بها، لذا يعتمد على المباغتة في توجيه الضربة.
خلفية النجاح الأمني:
بالاستناد على ما ورد أعلاه، يمكن تحديد خلفيات النجاح الأمني الإسرائيلي على الشكل التالي:
-الأجهزة الاستخباراتية المتطورة.
-ضيق المساحة الجغرافية التي تتواجد عليها الفصائل في غزة والضفة، ما يصّعب إخفاء تحركاتها بشكل جيد.
-صعوبة التحرك لدى الفصائل نتيجة المراقبة الإسرائيلية شبه الدائمة، بالاعتماد على الوسائل المذكورة أعلاه.
-التنسيق عالي المستوى بين أجهزة جيش العدو والاستخبارات المراكمة للأهداف في البنك المعلومات والمعتمدة بشكل كبير على تقاطع المعلومات المتوفرة بكثرة.
الأهداف المتوقع تحقيقها من الأعمال الأمنية:
-تحقيق الهدف المباشر للعمل الأمني.
-تعقيد مسارات التقدم لدى الفصائل، إن كان على مستوى تراكم الردع أو القوة.
-تغيير سلوك المستهدف.
-إحداث حالة من الخوف في البيئات الحاضنة للفصائل، ولدى المنتسبين إليها.
بالنظر إلى مسار الصراع القائم بين فصائل المقاومة في قطاع غزة والكيان المؤقت، قام الأخير-خلاله- بالعديد من الأعمال الأمنية وأبرزها كانت أعمال اغتيال قادة الفصائل، ويقوم العدو بهذه الاغتيالات بناءً على تقديراته بأن الشخصية المغتالة هي المشكلة للخطر على الكيان، ما يعني أن التخلص منها سيؤدي إلى ارتداع الفصائل عن التحرك ضد الكيان، إلا أنه وبعد اغتيال كل قائد لدى الفصائل، يحل مكانه شخص آخر ليكمل ما بدأه الذي سبقه، ويعاود الاحتلال اغتيال الشخص الجديد، والأمثلة على ذلك عديدة ومنها اغتيال القيادي “بهاء أبو العطا”، ومن بعده القائد “تيسير الجعبري”، واليوم القادة الثلاث الذي اغتالهم الكيان قبل اندلاع مواجهة “ثأر الأحرار”، ولكن جميع هذه العمليات الأمنية لم تستنزف فصائل المقاومة إلى على صعيد الكادر البشري المتجدد بعد كل عملية.
لذا فإن أهداف هذه العملية تحققت على صعيد اغتيال الشخص المستهدف، إلا أن المقاومة أثبتت في الماضي والحاضر وهو ما يؤكد ما سيجري في المستقبل، أن الأعمال الأمنية لن توقف تحركاتها ومراكمة القوة لديها أو ثنيها عن الصراع، وبالتالي فإن أعمال الكيان المؤقت الأمنية غير ناجعة ولا تؤثر على مسارات الصراع.
وعليه، بناءً على الأهداف المتوقع تحقيقها جرّاء الأعمال الأمنية أعلاه، لم يحقق العدو سوى الهدف المباشر من العملية (الاغتيال)، بينما مسارات التقدم لدى الفصائل ومراكمة الردع والقوة ظلّت قائمة، ولم يتم تغيير سلوك الفصائل إذ إنها ظلّت ترد على عمليات العدو في ظل حاضنة شعبية مؤيدة يزداد صمودها بعد كل اغتيال واستهداف.
المصدر: مركز دراسات غرب آسيا