“كانت المقاومة بكلّ فصائلها جدارًا قويًّا تستندُ إليه مقاومة مقاتلينا الشجعان في سرايا القدس”، هذا ما أكده الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة في كلمته عقب إعلان وقف النار بعد 5 أيام من معركة “ثأر الأحرار”. تحملت الحركة ذلك العدوان الذي استهدف 6 من كبار قادتها وأعضاء مجلسها العسكري لإحباط مشروع كيان الاحتلال الرامي الى تفتيت جبهة المقاومة في فلسطين وبثّ التفرقة بين مكونات بيئتها الحاضنة على اختلاف بعض توجهاتهم الأيديولوجية والعقائدية. فـ ” حافَظْنا رغمَ كلّ الظروف الصعبة والمعقدة على وحدةِ شعبِنا ومقاومتنا.. وتحمَّلنا ما تحمَّلنا منْ أجل أنْ يبقى الموقف موحدًا وقويًّا وثابتًا”، وفق ما شدّد النخالة.
يستلهم النخالة ضرورة الوحدة الفلسطينية والفصائلية في المواجهة مع كيان الاحتلال من إرث المؤسس الشهيد الدكتور فتحي الشقاقي، الذي انشغل طوال سنوات جهاده وعمله السياسي والعسكري على شرح رؤية الوحدة على الصعيد الفلسطيني أولًا، ثمّ على صعيد الأمة الإسلامية والعربية ثانيًا، في مسار هدف موحّد هو القضية الفلسطينية وتحرير كلّ فلسطين. وشكّل ذلك الإرث الثقافي الركيزة الرئيسية لسنّ المبادئ الأساسية للحركة.
الوحدة في خطاب الشهيد الشقاقي
لم يرَ الشهيد الشقاقي سبيلًا لمواجهة المشاريع الصهيونية على أرض فلسطين المحتلّة منذ عام 1948، فقال “إنها حرب إبادة مفروضة، ومن العارِ أن نخوضها متفرقين، فإما أن ننهض جميعًا، وإما أن يقتلونا فرادى”. داعيًا الى “وضع مسألة الوحدة على ذروة جدول أولويات المفكرين والدعاة والعلماء والتنظيمات السياسية والدول ونقل ذلك إلى ارض الممارسة الفعلية”، وذلك الى جانب “العمل ضد كل اتجاهات التجزئة”.
أشار الشهيد الشقاقي الى تحويل هذه الوحدة النظرية الى ترجمة عملية في الميدان، اذ “إن وحدة الحركة الإسلامية مطلب في غاية الأهمية ليس كتكتيك مرحلة بل كقضية استراتيجية.. إذ لا جدوى من الحديث عن فعالية النشاط الإسلامي بدونها فهي تعني وحدة الإرادة الإسلامية ووحدة الوعي الإسلامي ومن ثم وحدة الفعل والفعل الإيجابي على طريق الانتصار”.
الوحدة في مبادئ “الجهاد الإسلامي”
تضع حركة الجهاد الإسلامي “وحدة القوى الإسلامية والوطنية على الساحة الفلسطينية واللقاء في ساحة المعركة، شرط أساسي لاستمرار وصلابة مشروع الأمة الجهادي ضد العدو الصهيوني”.
وفي وثيقتها السياسية، توضّح الحركة رؤيتها للعلاقات الوطنية الفلسطينية، ضمن المحددات الآتية:
1/ الوحدة الوطنية الفلسطينية على قاعدة مقاومة الاحتلال هي الضرورة الأكثر إلحاحاً لمواجهة المخطط الصهيوني، الرامي إلى تحويل الصراع من صراع بين الشعب الفلسطيني والمحتل الإسرائيلي، ليصبح صراعاً داخلياً بين الفلسطينيين أنفسهم.
2/ العمل لتحقيق الوحدة لا يلغي الاختلاف في الرؤى والتباين في الأهداف والوسائل، فيما بين القوى والفصائل الفلسطينية، بل يهدف إلى إرساء العمل الوطني على اللقاء على القواسم المشتركة على قاعدة “تعزيز ما اتفقنا عليه، والتحاور حول ما اختلفنا فيه من أجل حماية الثوابت، ومواجهه مشاريع تصفية القضية”.
3/ تؤكد الحركة على ضرورة التعاون والتنسيق بين قوى المقاومة، وتوحيد جهودها، وتوثيق عرى التحالف بينها، وتبادل الخبرات والإمكانات، من أجل الارتقاء بقدرات المقاومة وسبل المواجهة مع الاحتلال، وكل ما من شأنه تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني وطموحاته.
4/ رفض الحركة مبدأ الصدام أو استخدام العنف، في حل المشاكل الداخلية الفلسطينية، وتعتمد بديلاً لذلك، أسلوب الحوار الهادف والبناء مع الكل الفلسطيني، وتؤكد على ضرورة توجيه كل البنادق الفلسطينية ضد الاحتلال.
الكاتب: مروة ناصر