قبل قرابة 40 عامًا، لعبت سلطنة عمان دورًا تاريخيًا في الوساطة بين طهران والغرب، وهذا الأمر له دلالة رمزية ذات أهمية تفوق الزيارات البروتوكولية بين الدول. خاصة أنّ مسقط حافظت على علاقاتها الجيدة مع طهران في أوج الصراع الإيراني الخليجي. موقع عُمان الإقليمي والدولي بالإضافة إلى سياستها الخارجية القائمة على الوساطة بين الدول في ملفات إقليمية ودولية حساسة، من شأنه أن يعيد الملفات العالقة التي من المتوقع أن تتم مناقشتها في الزيارة إلى المضي في مساراتها، وخاصة في خضم انسداد المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة لإحياء الاتفاق النووي.
ملفات على طاولة البحث
مجموعة من الملفات على طاولة البحث بين السلطان هيثم بن طارق آل سعيد وبين الرئيس إبراهيم رئيسي وهي على ثلاث مستويات:
– المستوى الأول وهو علاقات التعاون السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي بين البلدين، وايرام اتفاقيات متعددة في مجال البنوك والملاحة البحرية والموانئ.
– الثاني هو على المستوى الاقليمي من حيث دور عمان غير المنقطع بخفض مستوى التوترات في الخليج وبحر عمان ومضيق هرمز.
– أما الثالث فهو الدور التاريخي لعُمان في مفاوضات إيران النووية مع المجموعة الدولية.
العلاقات الإيران المصرية
رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الإيراني جليل رحيمي جهان أبادي قال إنّ بلاده “ترحب بالجهود والمساعدة العمانية” للرقي بالعلاقات الإيرانية المصرية، مؤكداً أنّ إيران تولي للعلاقة مع مصر اهتماماً كبيراً لاعتبارات تاريخية وسياسية ودينية ترتبط بموقع هذا البلد الجيواستراتيجي وحضارته العريقة وموقعه الديني، لاحتضانه الأزهر الشريف”. وأشار إلى أنّ تطور العلاقات بين إيران ومصر باعتبار أنهما “بلدان إسلاميان كبيران ومؤثران في المنطقة سينسحب إيجاباً على جميع الدول والوضع الإقليمي العام، فضلاً عن تقليص نفوذ الأجانب في المنطقة”.
تحسين العلاقات مع الأردن والبحرين
كشف عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني فدا حسين مالكي، أنّ “ثمة دولاً، بما فيها سلطنة عمان، تبذل جهود وساطة لتحسين علاقاتنا مع المصريين، وحتى مع الأردن والبحرين، وذلك بعدما باتت التوترات الإيرانية العربية استنزافية جداً”، قائلاً إنّ الوضع في المنطقة نتيجة تلك الجهود الدبلوماسية “يتجه نحو إدارة الخلافات والتحديات وتحسن العلاقات بين إيران والدول العربية”.
وأكّد رحيمي جهان أبادي أنّ “تحسن العلاقات الإيرانية مع العالم العربي سيبعث برسالة جيدة للشرق الأوسط والمنطقة” التي قال إنّها “على الرغم من جميع الفرص والطاقات الكامنة فيها لا تتمتع بظروف جيدة في التنمية السياسية والثقافية والاقتصادية”.
الملف النووي الإيراني
الحديث عن الوساطات العمانية يُذكّر بالزيارة التاريخية للسلطان العماني السابق قابوس بن سعيد لطهران عام 2013، التي كسرت الجليد في المفاوضات النووية التي كانت تجري آنذاك بعد نحو عقد من بدئها، حيث تمكن من إقناع صناع القرار الإيرانيين بالدخول في مفاوضات سرية مع الولايات المتحدة الأميركية في مسقط، وهو ما حصل وأفضى في نهاية المطاف إلى إبرام الاتفاق النووي عام 2015 في فيينا. وهذا الدور يتمتع بالثقى لدى صناع السياسة الإيرانيين. ويتم تداول أنّ لدى عمان مقترحات بشأن المفاوضات النووية من المتوقع أنها ثمار لمباحثات سابقة مع الأمريكيين. كما يُرجح أن يحمل السلطان هيثم رسالة أمريكية من شأنها أن تُفضي إلى استئناف المفاوضات النووية.
السلام في اليمن
من المتوقع أيضًا أن يحمل السلطان هيثم ما من شأنه خفض التوتر في اليمن خلال المحادثات خاصةً بعد عدم توصل الزيارة المشتركة العمانية السعودية إلى صنعاء بداية أبريل نيسان الماضي إلى الانفراج المنتظر في اليمن.
تبادل الأسرى بين إيران والدول الغربية
من المتوقع أيضًا تناول ملف تبادل الأسرى بين إيران والدول الغربية، والإفراج عن أموال إيران المجمدة في كوريا الجنوبية. وسبق الزيارة نجاح وساطة عُمانية، الجمعة 26 مايو الجاري، في إبرام صفقة لتبادل الرعايا المتحفظ عليهم بين إيران وبلجيكا، حيث نقل المفرج عنهم من طهران وبروكسل إلى مسقط، تمهيداً لعودتهم إلى بلديهم.
الدور العماني أكثر نضوجًا
يتمّ التعويل على الوساطة العمانية في كل هذه الملفات الحساسة، ذلك أنّ مسقط ظلّت بعيدة عن تباينات المنطقة، ومارست سياسة الحياد مع الدول المتصارعة. وبعد الانفراجة التي حققتها المصالحة السعودية الإيرانية، أصبح الدور العماني أكثر نضوجًا لحلحة الملفات العالقة.
الكاتب: غرفة التحرير