كشف تقرير استخباري أميركي مسرّب عن مناورة إسرائيلية لم يكشف عنها، تحاكي استهداف البرنامج النووي الإيراني. ويشير التقرير إلى أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية لا تعلم بالفعل نوايا إسرائيل العسكرية تجاه إيران. ويأتي هذا التقرير في وقت تتزايد فيه التهديدات الإسرائيلية دون امتلاك الكيان مقومات البدء بالحرب نتيجة الانقسامات الداخلية الحادّة والأزمات الاقتصادية التي تعصف به.
النص المترجم:
لم يحسم بعد ما إذا كانت تهديدات إسرائيل المتصاعدة بالحرب مع إيران بسبب برنامجها النووي، هي قعقعة السيوف أو شيء أكثر خطورة. وهو لغز حتى بالنسبة لوكالة المخابرات المركزية، وفقاً لجزء من تقرير استخباراتي سري للغاية تم تسريبه على منصة Discord في وقت سابق من هذا العام. فإن عدم اليقين بشأن نوايا أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة يشكك في أساس الدعم لإسرائيل الذي تبنته إدارة بايدن علناً.
ويكشف التقرير – الذي غطته لأول مرة قناة i24 News الإسرائيلية ونشرته لاحقاً مجموعة DDoSecrets، وهي مجموعة تنشر وثائق مسربة – عن مناورة عسكرية لم يكشف عنها أجرتها إسرائيل. “في 20 شباط/ فبراير، أجرت إسرائيل مناورة جوية واسعة النطاق…على الأرجح لمحاكاة ضربة على برنامج إيران النووي وربما لإظهار عزم القدس على العمل ضد طهران…كانت هناك العديد من التدريبات العسكرية الأمريكية الإسرائيلية المشتركة في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك واحدة وصفها البنتاغون بفخر بأنها الأكبر في التاريخ”.
ويضيف التقرير أن “وكالة المخابرات المركزية لا تعرف خطط إسرائيل ونواياها على المدى القريب”. وتكهّن بأن “نتنياهو ربما يحسب أن إسرائيل ستحتاج إلى ضرب إيران لردع برنامجها النووي وتواجه قدرة عسكرية متدنية لعرقلة برنامج التخصيب الإيراني”.
إن إشارة جهاز الاستخبارات الرئيسي في الولايات المتحدة إلى أنه ليس لديه أي فكرة عن مدى جدية التعامل مع تهديدات إسرائيل الطنانة المتزايدة لطهران يعني ان لا علم للبيت الأبيض أيضاً. ولكن على الرغم من عدم الوضوح هذا، لم يعارض بايدن هجوماً إسرائيلياً أحادي الجانب على إيران -وقد ألمح مستشاره للأمن القومي مؤخراً إلى مباركته-.
“لقد أوضحنا لإيران أنه لا يمكن السماح لها أبدا بالحصول على سلاح نووي”، قال جيك سوليفان في خطاب ألقاه في وقت سابق من هذا الشهر، مكرراً خطاب الإدارة الذي يتكرر كثيراً. يعكس الخطاب ما يسميه المخططون العسكريون “الغموض الاستراتيجي”، وهي سياسة عدم اليقين المتعمّد من أجل ردع الخصم. لكن سوليفان ذهب إلى أبعد من ذلك، مضيفاً: “كما أكد الرئيس بايدن مراراً وتكراراً، سيتخذ الإجراءات اللازمة للوقوف إلى جانب هذا البيان، بما في ذلك الاعتراف بحرية إسرائيل في العمل”.
ويمثل تصريح سوليفان أقوى إشارة حتى الآن إلى أن الإدارة لن تعارض اتخاذ إسرائيل إجراء أحادي الجانب. كما ردد مسؤولون آخرون في الإدارة هذا الخطاب. وفي شباط/فبراير، قال السفير الأمريكي لدى إسرائيل، توم نايدس، إن “إسرائيل تستطيع، ويجب عليها أن تفعل، كل ما تحتاجه للتعامل مع إيران ونحن سنساندهم”.
“في السياق الحالي، هذه سذاجة”، قال بول بيلار، ضابط المخابرات الوطنية المتقاعد للشرق الأدنى، عن بيان سوليفان. بيلار هو الآن زميل أقدم في مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورجتاون، وقال “أعتقد أن الإدارة تلعب بالنار بهذا النوع من الخطاب وبالتخطيط العسكري المشترك”. في الأسبوع الماضي، ذكرت أكسيوس أن الولايات المتحدة اقترحت مؤخراً التعاون مع إسرائيل في التخطيط العسكري المشترك حول إيران، لكنها نفت أنها تخطط لضرب البرنامج النووي الإيراني.
“لقد غير بايدن بشكل خطير سياسة أمريكا بشأن العمل العسكري الإسرائيلي ضد إيران”، قال تريتا بارسي، نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، ل The Intercept. لقد أوضحت الإدارات السابقة لإسرائيل –بما في ذلك علنا– أن هجوماً إسرائيلياً على البرنامج النووي الإيراني من شأنه أن يزعزع الاستقرار، ولن يمنع إيران النووية، ومن المرجح أن يجر الولايات المتحدة إلى حرب يمكن أن تكون بحال أفضل بدونها.
وأشار بارسي إلى أن “معارضة أوباما الواضحة لعبت دوراً حاسماً في المداولات الداخلية لمجلس الوزراء الإسرائيلي في عامي 2010 و2011 عندما كانت إسرائيل على وشك بدء الحرب”. في عام 2009، بعد أن قال نائب الرئيس بايدن آنذاك “يمكن لإسرائيل أن تحدد بنفسها … ما يقررون القيام به بالنسبة لإيران”، أوضح أوباما أن إدارته “لم تمنح إسرائيل الضوء الأخضر على الإطلاق” لمهاجمة إيران.
الهجوم على إيران يعني حرباً اقليمية
ويعترف المسؤولون العسكريون الإسرائيليون بأن الهجوم على إيران من المرجح أن يتحول إلى حرب إقليمية أوسع. في وقت سابق من هذا الشهر، ورد أن العميد المتقاعد في الجيش الإسرائيلي أمير أبيبي قال إن “إسرائيل قد تضطر إلى التعامل مع البرنامج النووي الإيراني…هذا سيؤدي على الأرجح إلى حرب إقليمية”.
في كانون الثاني/ يناير، قبل أسابيع فقط من المناورات الإسرائيلية السرية المشار إليها في تقرير الاستخبارات، أجرى الجانبان ما وصفته وزارة الدفاع بأنه أكبر مناورة عسكرية مشتركة في التاريخ. وتضمنت المناورات التي أطلق عليها اسم “جونيبر أوك” “هجوماً إلكترونياً، ومحاولة قمع الدفاعات الجوية للعدو، وتنسيق الضربات والاستطلاع”، والتي قال الخبراء إنها “بالضبط ما ستحتاجه الولايات المتحدة وإسرائيل لشن هجوم حركي ناجح على البرنامج النووي الإيراني”.
المصدر: ذا انترسبت