انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة “قاسية” لكفّ القائد في سرايا القدس الشهيد إياد الحسني، وقد بدا عليها آثار أسلحة كيان الاحتلال. رُفعت تلك اليد شاهدًا على جرائم الحرب والانسانية التي يرتكبها الجيش بحق الشعب الفلسطيني. ولم تكن الدليل اليتيم، بل وإنّه خلال معركة “ثار الأحرار”، التي اغتال فيها الاحتلال 6 أعضاء من المجلس العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، الى جانب 27 شهيدًا، و190 جريحًا بينهم نساء وأطفال، كانت صعوبة التعرّف على هوية الجثامين بسبب التضرر الكبير في الأجساد، بالإضافة الى حجم الدمار والاحتراق في الشقق والأماكن المستهدفة، أدلة إضافية على أنّ ما استخدمه الاحتلال لم يكن عاديًا.
لفت المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة أشرف القدرة أنّ “الطواقم الطبية تعاملت مع نوعية مختلفة وجديدة من الحالات التي تصل إلى المستشفيات نتيجة الغارات الإسرائيلية، إذ كانت طبيعة الجثامين تصل أشلاءً متناثرة أو جثثًا متفحمة، فيما تنوعت الإصابات ما بين بتر في الأطراف وحروق شديدة وانتشار الشظايا في جميع أرجاء الجسم.
وأضاف “طبيعة وأعداد الضحايا تدلل على أن الجيش الإسرائيلي استخدم القوة المفرطة وأسلحة فتاكة ضد الأهداف وأكثرهم من المدنيين، وهذه النوعية من الحالات لم نعهد التعامل معها من قبل، ويبدو أنها نتيجة أسلحة جديدة دخلت في الخدمة العسكرية، وهذا يعني ارتكاب جريمة ترقى لجرائم الحرب”.
بدوره أشار رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، صلاح عبد العاطي، الى أنّ الاحتلال استخدم أسلحة محرمة دوليًا. وحوّل قطاع غزّة الى مختبر دائم للسلاح، اذ استخدمت القنابل الفراغية أمريكية الصنع وأسلحة وصواريخ مجنّحة تحتوي على مادة اليورانيوم المنضب، وطائرات مسيرة انتحارية، بالإضافة الى صواريخ شديدة التفجير كما حدث في دير البلح حيث أبيدت منطقة كاملة”. (في حديث مع “روسيا اليوم”).
تعرضّ قطاع غزّة في العدوان الأخير في التاسع من شهر أيار / مايو الجاري الى 277 طنًا من المتفجرات من الأنواع شديدة التأثير. هذا الكمّ الكبير أطلقي بواسطة الأسلحة الهجومية ذات القدرة التدميرية العالية، على أضيق مساحة جغرافية محاصرة (365 كم²)، يسكنها أكثر من مليوني شخص، ضمن كثافة سكانية تصنّف الأعلى عالميًا. وكان الاحتلال قد كثّف عدد غاراته على القطاع إذ نفّذ في عدوان 2014 بين 25 و30 مرة في اليوم، لكن في 2021 وصل عدد الغارات الجوية إلى نحو 250 مرة في اليوم.
من أبرز الأسلحة والمواد الفتاكة وبعضها محرّم، التي استخدمها الاحتلال في “ثأر الأحرار”، كانت
قنابل MK
هي على أنواع بدءً من MK – 82 وصولًا الى MK- 84 التي يستخدمها الاحتلال مؤخرًا في غزّة، وفي معركة “ثأر الأحرار”. هي قنابل متعددة الأغراض حرّة الاسقاط غير موجّهة تصنّع بأوزانٍ مختلفة تبدأ من 150 كيلو غرامًا وتصل الى ألف كيلو غرام. وتُعرف باسم “المطرقة لقوتها التدميرية، فهي تقتل كل ما هو حي ضمن دائرة بقطر 800 متر وتتسبب في تشظي قاتل إلى دائرة نصف قطرها (370 متر). وقادرة على تدمير المركبات في نطاق 21 مترٍا من انفجارها.
صاروخ “سبايك”
مضاد للدروع والتحصينات والخنادق والافراد، مجهز برأس حربي ترادفي شديد الانفجار Tandem-charged HEAT warhead، مزود بتقنية “أطلق و انسى” Fire and Forget (يواصل الصاروخ رحلته بمفرده نحو هدفه -حتى لو تحرك الهدف- بدون الحاجة لتدخل الطاقم). أهم مميزات “سبايك” هو مداه القتالي، اذ يصل مداه العملياتي الدقيق الى 25 كلم.
منظومة JDAM
ذخائر الهجوم المباشر المشترك، ليست بحد ذاتها سلاح، بل هي مجموعة توجيه تثبت على القنبلة، ويحولها من قنابل غير موجهة إلى قنابل دقيقة التوجيه. تمكن JDAM من استخدام أسلحة جو – أرض دقيقة ضد الأهداف الثابتة والقابلة للنقل. يتم استخدم هذا النظام للقنابل الموجّهة ضد البنية التحتية مدينة كانت أو عسكرية، ويسمح للقنابل بإحداث حفرة انفجارية ضخمة جدًا، واختراق الأرض حتى 4 أمتار.
قنابل مجنّحة من نوع GBU39
هي قنابل صغيرة القطر موجهة بدقة ومنزلقة. تطلق من طائرات F16، وتوجه لاستهداف شقق سكنية أو منازل، ومخصصة لاختراق التحصينات ونسفها من الداخل مثل المستودعات والملاجئ الخرسانية، وتسمى القنبلة الآمنة، حيث إنها تدمر فقط محتوى الهدف من الداخل دون إلحاق أضرار بالجوار. يصل مداها القاتل والتدميري الى نحو 200 متر، قادرة على اختراق المباني المستهدفة من فوهات صغيرة، ثم تدمير وإحراق ما بداخله بشكل كامل. والهدف من صنعها توفير القدرة للطائرات على حمل أكبر عدد من القنابل.
Hellfire 114-AGM
هو صاروخ أرض – أرض، تطور ليصبح أيضًا سلاح جو- أرض دقيق ويحمل (45 كيلو غرام من المواد شديدة الانفجار، وموجه بالليزر. ألقاه الاحتلال خلال المعركة بواسطة الطائرات الهجومية. أدخل عليه العديد من التعديلات، اذ بدأ عام 1982 كمضاد دروع يصل الى 8000 متر، وصل في السنوات الأخيرة (2017، 2019…) الى صاروخ شفرات (6 غالبًا) منبثقة تطير بسرعة عالية، ويستخدم ضد أهداف بشرية محددة، لسحق وقطع الشخص المستهدف.
استخدم جيش الاحتلال خلال معركة “ثأر الأحرار” أيضًا سفينة حربية وأطلق منها قذائف متوسطة المدى. بالإضافة الى القذائف المدفعية التقليدية، ومنها مدفع “هاوتزر” القادر على إطلاق 5 قذائف في الدقيقة من عيار 155 ملم، والذي يعتمد على نظام تسديد ليلي ونهاري. كما أطلق الاحتلال القذائف الدخانية والهاون من نوع 120 ملم.
اليورانيوم المنضّب
هو أحد أسلحة الدمار الشامل، له قدرة تدميرية كبيرة على كلّ ما هو حي، من انسان وحيوان ونبات. تعبّأ بها القنابل والقذائف لزيادة قدرتها على الفتك بالهدف، اذ إنه قادر على إذابة المواد الصلبة الخرسانية والمدرعة. يسبب التعرض له خطرًا على الصحة إذا دخلت المادة إلى الجسم، من خلال الشظايا أو عند الاستنشاق. ومن بين الأضرار، مشاكل في الجهاز التنفسي أو مشاكل صحية في الكبد والكلية وفقدان الذاكرة والصداع والتعب المستمر والحمى وانخفاض ضغط الدم.
قنابل “الدايم” ومعدن “التنجسن” المسرطن
أكد قسم الإرشاد والتدريب في هندسة المتفجرات في الشرطة الفلسطينية في غزّة، بعد فحصه لمخلفات العدوان عام 2021 (معركة سيف القدس)، أنه تم تحييد قنابل “الدايم” (تطلقها طائرات الاستطلاع المسيرة)، هي نوع من الذخيرة يحتوي على آلاف من القطع الحديدية والمواد الخارقة، وقد يؤدي إلى بتر الأعضاء ولاسيما السفلية تاركة علامات على الحرارة والحروق قريبا من خط البتر، اذ يشبه عملها دور المنشار الآلي. عندما تنفجر القنبلة تنطلق المكعبات الحديدية لتقتل وتجرح كل من هو موجود في دائرة 60 مترًا.
كما اكتشفت الشرطة الفلسطينية أن تلك القنابل احتوت على معدن “التنجسن”، وهو عنصر كيميائي المسرطن، وخاصة للكبد، والكلى، والعظام. وهو من الأنواع المحرمة دولياً، والذي يؤدي استنشاقه إلى تهيج الرئتين والأغشية المخاطية. كما يحدث أضرارًا في العين والجلد. وإن ابتلاعه وخاصة بكمية كبيرة تؤدي نحو الغثيان.
الفوسفور الأبيض
ألقى جيش الاحتلال على قطاع غزّة في حروبه الذخائر المسمارية والفوسفور الأبيض. يعتبر الأخير مركب كيماوي مضاد للأفراد قادر على إحداث حروق شديدة تتسبب بتلف أنسجة الجسد. ينتشر الفوسفور الأبيض سريعًا في الجسم، لانه يذوب في الدهون بسرعة، مما يوسّع الضرر ويصعّب شفاء الإصابات، مما يعرّض لخطر التشوّه أو تلف كل الجسم وبقاء العظم فقط. يسبب استنشاق دخانه الوفاة أيضًا او المشاكل في القصبة الهوائية والرئتين، وقد يؤدي الى كسر عظمة الفك.
حرّمت اتفاقية “جنيف” الصادرة عام 1980، استخدام الفوسفور الأبيض ضد السكان المدنيين أو حتى ضد الأعداء في المناطق التي يقطن بها مدنيون، وتصنّف استخدامه جريمة حرب. كما تعرّف الاتفاقية الأسلحة الحارقة بأنها “كل سلاح أو ذخيرة تشعل النار في الأشياء أو تحدث لهبا أو انبعاثا حراريا يسببان حروقاً للأشخاص”.
جاهر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، باستخدام أسلحة الدمار الشامل، بعد انتهاء العدوان (الدرع والسهم) اذ قال “الجيش والمخابرات استخدموا أجهزة حديثة وتكنولوجية، أتاحت تنفيذ أكبر ضربة لحركة الجهاد الإسلامي واغتيال قادتها في آن واحد، خلال ثانيتين فقط”.
الكاتب: مروة ناصر