فراس الشوفي – الأخبار
بعد حادثة العاقبية، في 14 كانون الأول 2022، ومقتل الجندي شون روناي من الكتيبة الإيرلندية العاملة في اليونيفل، تصرّفت القوات الدولية على قاعدة أن لا علاقة لحزب الله بالحادثة، وعقدت لقاءات مشتركة بين الحزب وممثلي دول مشاركة في هذه القوات، نفى خلالها الحزب أي ارتباط له بالحادثة، واضعاً الأمر في عهدة القضاء والجيش اللبناني. كما عبّر ممثلو اليونيفل والدول المشاركة فيها عن اقتناعهم بأن لا علاقة لحزب الله بالحادثة.
مع ذلك، واصلت جهات سياسية وإعلامية الاستثمار في القضيّة والتصويب على الحزب، وآخرها «المصادر القضائية» التي تعمّدت تسريب خبر صدور القرار الاتهامي بحقّ متهمين (أحدهم موقوف لدى الأجهزة الأمنية)، وربط ما أسمته «عصابة الأشرار» بحزب الله.
وقد استغربت قيادة اليونيفل هذه الأنباء، خصوصاً أنها اطّلعت في الأول من هذا الشهر على مضمون القرار الاتهامي الذي لم يوجّه الاتهام إلى الحزب بالوقوف خلف الحادث. وقد عمدت قيادة اليونيفل إلى الاتصال بوكالة الصحافة الفرنسية التي نقلت الخبر المضلّل أول الأمر، وتم الإيضاح للوكالة بأن ما جرى نقله ليس صحيحاً.
وبحسب المعلومات، فقد أثار قائد القوات الدولية الجنرال الإسباني أرولدو لاثارو مسألة طلب الإعدام للمتهمين مع الجانب اللبناني، معتبراً أن اليونيفل بالطبع تريد محاسبة المسؤول عن مقتل الجندي الإيرلندي، لكنها لا تريد توتير الأجواء بما لا يخدم مهمتها في الجنوب، كما أن القوانين الأوروبية تحظّر عقوبة الإعدام. فكان الجواب اللبناني أن قرارات الإعدام تحتاج إلى موافقة من رئيس الحكومة، وأن المسألة ليست محصورة في الجسم القضائي.
وفي سياقٍ موازٍ، لم تهدأ محاولات العدوّ الإسرائيلي منذ أشهر، خصوصاً بعد مناورة حزب الله الشهر الماضي في عرمتى، في ممارسة ضغوط على القوات الدولية في الجنوب وعلى مجلس الأمن الدولي، لاستباق قرار التمديد لمهمة القوة الدولية، طمعاً بتعديل مهامها لتصبح عدائية تجاه المقاومة.
وآخر هذه المحاولات هي الإحاطة التي قدّمتها بعثة العدو الدائمة لدى الأمم المتحدة في جلسة خاصة نظّمتها لعدد من الملحقين العسكريين التابعين للبعثات الدولية في نيويورك حول القرار 1701، في 18 أيار الماضي. وقد قدّم الإحاطة العميد إفي ديفرين مدير إدارة العلاقات الخارجية في جيش العدوّ وأور هوريتز، المحلل السياسي للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. وبحسب المعلومات، استعرض وفد العدوّ ما سمّاه «النشاط العدائي لحزب الله على الحدود»، مهدّداً بأن إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي حيال هذه التهديدات والسلوك الجديد لرجال المقاومة الذين لم يعودوا يخشون الظهور بشكل علني في مواقعهم وعلى طول خط التماس مع فلسطين المحتلة. وهدّد الوفد الإسرائيلي بشن حرب على لبنان، قائلاً للحاضرين: «لا تقولوا لم نحذّركم».
وقال ديفرين أمام الحاضرين إن ما يحصل اليوم هو «تحقق رؤية قائد فيلق قاسم سليماني الذي أراد تطويق إسرائيل من كل الجهات»، وأن «الولايات المتحدة منشغلة بالتركيز على صراعها مع الصين والأزمة الأوكرانية وإسرائيل منشغلة بأزمتها الداخلية». وفي حين أكّد أن «إسرائيل ستدافع عن نفسها»، قال إن «إسرائيل لا ترغب بالحرب مع حزب الله» وأنه كان متواجداً على الحدود مع لبنان في عام 2006، ويدرك معنى هذه الحرب.
واعترض العميد الإسرائيلي على ما أسماه «عدائية ضباط الجيش اللبناني تجاهه وتجاه زملائه خلال الاجتماعات الثلاثية في الناقورة»، حيث يصفون الجيش الإسرائيلي بجيش العدو، محذّراً من أن المؤسسات في لبنان «تضعف إلى حدّ كبير ويقوم حزب الله بالسيطرة على البلد».
من جهتها، استبعدت مصادر دبلوماسية دولية أي تعديل في مهمة القوات الدولية رغم الضغوط الإسرائيلية المستمرة، لأن «الانقسام حول الموقف مع روسيا وتمسّك الصين بعرقلة الخطط الأميركية يمنعان أي تعديل في مجلس الأمن، فضلاً عن أن الدول الأوروبية تخشى على حياة جنودها من المواجهة مع المقاومة اللبنانية والأهالي في حال حصول تعديل عدائي، رغم أن ذلك لن يمنع إسرائيل من الاستمرار في ممارسة الضغوط».