يصادف منتصف الشهر الجاري، ذكرى مرور عامين على توقيع اتفاقية التطبيع بين كيان الاحتلال والامارات. وعلى الرغم من الوعود التي حصلت عليها أبو ظبي حينها، واولها الحصول على طائرات F35 إلا ان ذلك لم يتحقق بعد. وتقول صحيفة هآرتس العبرية في هذا الصدد بأن إتمام الصفقة لا يبدو قريباً. مشيرة إلى خلاف بين جناحي الكونغرس على خلفية تزويد الامارات بتلك الأسلحة التي تستخدمها في حربها على اليمن من جهة، والتي تخل بتفوق إسرائيل العسكري في المنطقة، من جهة أخرى.
النص المترجم:
بعد سنتين على اتفاقات ابراهم التي وقعت في 15 أيلول 2020 وأدت إلى تطبيع العالم العربي مع إسرائيل، لم تتحقق بعد أي صفقة من الصفقات الجانبية الرئيسية، ويبدو أنها غير قريبة من ذلك. الصفقة التي تضمنت بيع طائرات حربية متطورة للإمارات عالقة منذ كانون الأول الماضي بسبب مخاوف أمريكية تتعلق بالتفوق النوعي العسكري لإسرائيل والمحمي بتشريع في الولايات المتحدة، وبسبب علاقات الإمارات مع الصين.
في الأشهر الأخيرة لإدارة ترامب، أجرت الولايات المتحدة والإمارات مفاوضات لبيع حتى 50 طائرة من نوع إف 35 ومسيرات هجومية متقدمة، وبيع سلاح متطور بمبلغ 10 مليارات دولار من إنتاج أمريكي. التكلفة الشاملة للصفقة كانت 23 مليار دولار.
هذه الصفقة الضخمة كانت ستجعل الإمارات الدولة العربية الأولى في الشرق الأوسط التي تشتري طائرات اف 35 وطائرات بدون طيار من نوع “ام.كيو9”. اشترت 50 طائرة إف 35 من نوع “ادير” من إنتاج لوكهيد مارتن. تتطلع الإمارات خلال سنوات لشراء طائرات أمريكية، ووزير خارجية ترامب مايك بومبيو وصف الصفقة بأنها عامل حاسم في موافقة الإمارات على التوقيع على التطبيع مع إسرائيل.
عند الكشف عن الصفقة، سمعت رسائل غير موحدة من إسرائيل بخصوصها. رئيس الحكومة في حينه بنيامين نتنياهو، نفى في البداية أي علاقة مباشرة بين صفقة الطائرات واتفاقات التطبيع، وقال إنه سيعارض البيع. بعد مرور شهر، قال نتنياهو ووزير الدفاع بني غانتس بأنهما لن يعارضا البيع، حيث إن الولايات المتحدة تعهدت بضمان التفوق النوعي العسكري لإسرائيل. بعد ذلك، قال غانتس إن نتنياهو أخفى عنه وعن كبار جهاز الأمن تفاصيل صفقة الطائرة المتبلورة في موازاة اتفاقات التطبيع.
في تشرين الثاني 2020 أعلنت إدارة ترامب بشكل علني بأنها تنوي التقدم بالصفقة. وفي كانون الثاني، في اليوم الأخير له في البيت الأبيض، وقع الرئيس على الصفقة. من يؤيدون الصفقة نجحوا في التغلب على محاولة وقفها في مجلس الشيوخ، حيث نبع أساس المعارضة كما قلنا من خوف ألا يتم الحفاظ على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل، ومن تدخل الإمارات في الحرب في اليمن.
مثلما في مكونات كثيرة في سياسة ترامب، فضلت إدارة بايدن منذ دخولها إجراء فحص رسمي للصفقة، وعملياً أجلت تطبيقها حتى نيسان 2021. حينها بدأت تُسمع في الولايات المتحدة مخاوف، تم تسريبها لوسائل الإعلام، حول علاقات متطورة للصين مع الإمارات، التي تحولت إلى الشريكة التجارية الرئيسية لبكين في الخليج.
المواجهة مع الصين تقف في مركز السياسة الخارجية لإدارة بايدن منذ دخوله البيت الأبيض. بعد تشخيص طائرات شحن صينية في الإمارات، خافت واشنطن من نية بكين إقامة قاعدة لوجستية أمامية في الإمارات. إضافة إلى ذلك، اتفقت الصين والإمارات في 2019 على وضع تكنولوجيا اتصالات للجيل الخامس من إنتاج هواوي الصينية في الإمارات. خشيت الولايات المتحدة من أن تركيب مئات اللواقط الصينية للهواتف الخلوية قرب قواعد طائرات إف 35 سيساعد الصين على التجسس على الطائرة هذه. بعد ذلك، واصلت الصين إرسال سفن إلى الموانئ للإمارات وعرضت عليها تكنولوجيا عسكرية حساسة، ما وضع الولايات المتحدة في موقف أكثر إشكالية.
العلاقات بين الدولتين تحسنت عند اندلاع كورونا. وقد اتفقتا على إقامة مصنع لإنتاج اللقاحات الصينية في الإمارات، واستخدام تطبيقات صينية لإدارة التطعيمات في الدولة.
طلبت إدارة بايدن من الإمارات التعهد بأن لا تنقل أي شيء يرتبط بالتكنولوجيا الأمريكية للصين أو أي دولة أخرى، لضمان الحفاظ على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل، والتعهد بألا تستخدم الإمارات منظومات السلاح التي ستباع في اليمن أو ليبيا. استمرت المفاوضات لفترة أبعد من نيسان، حتى صيف 2021، حينها بدأت الإمارات بالتذمر من الإملاءات الأمريكية حول طبيعة استخدام السلاح إلى درجة خرق سيادة الدولة. في تشرين الثاني، أعلنت أمريكا نيتها الدفع قدماً بالصفقة طبقاً لتعهدات الإمارات، لكن الإمارات أعلنت بعد شهر بأنها ستعلق المفاوضات في ضوء “قيود على سيادتها واعتبارات التكلفة/ الفائدة”.
بعد ذلك، وقّعت الإمارات فوراً على صفقة لشراء 80 طائرة من نوع رافال الفرنسية بمبلغ 19 مليار دولار. وهذه الطائرات لا تعتبر بديلاً للطائرة الأمريكية، لكن الحديث كان يدور عن رسالة حول نفاد الصبر تجاه إدارة بايدن وعدم اليقين بخصوص سياسته في الشرق الأوسط.
أعضاء من الحزبين الديمقراطي والجمهوري في واشنطن ضغطوا على بايدن لتنفيذ وعوده حول حقوق الإنسان عند فحص الاعتبارات لبيع السلاح، خاصة في ضوء تدخل الإمارات في حرب اليمن. في حالة طرح الصفقة على الأجندة مرة أخرى فمن المتوقع أن يضغطوا أيضاً في موضوع التفوق النوعي لإسرائيل. على أي حال، قبل أي تقدم آخر، من المرجح أن تطلب إدارة بايدن معرفة ما هي برامج التسلح المستقبلية للإمارات؛ هكذا منعت الولايات المتحدة طائرات اف 35 لتركيا بعد أن تبين أنها تريد استخدامها مقابل شراء منظومات دفاع جوية من نوع إس 400 من روسيا. الولايات المتحدة قلقة من نية الإمارات تطوير منظومة الدفاع الجوية الروسية التي بحوزتها من نوع “بانتشر إس 1”. ورغم التوتر إلا أن تغييراً ظهر في سياسة إدارة بايدن تجاه دول الخليج في الأشهر الأخيرة، وكانت ذروتها وصول الرئيس للقاء القمة في جدة مع زعماء المنطقة. في زيارته المختلف عليها للسعودية في تموز، أكد الرئيس الأمريكي على علاقات الولايات المتحدة مع الإمارات التي دخلت إلى حيز التنفيذ مرة أخرى عند اندلاع أزمة الطاقة العالمية بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
الرئيس الأمريكي ونظيره محمد بن زايد أكدا التزامهما بتعميق التعاون الأمني الذي ساهم في أمن المنطقة واستقرارها. وتعهدت الإمارات بأن الولايات المتحدة هي الشريكة الأمنية الرئيسية، هذا ما تم الإعلان عنه بعد اللقاء.
بعد الزيارة للشرق الأوسط، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية بأنها صادقت على صفقة محتملة لبيع منظومة “تي.اتش.ايه.ايه.دي” المضادة للصواريخ للإمارات بمبلغ 2. 2 مليار دولار. مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض لم يرد على طلب “هآرتس” بخصوص وضع صفقة طائرات اف 35. ورفضت سفارة الإمارات في واشنطن الرد على الطلب. وقال المتحدث بلسان السفارة بأنهم لا يردون على أسئلة حول صفقات بيع السلاح.
المصدر: هآرتس