في الوقت الذي ينقل فيه الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين رسائل الإيجابية بين كلا الطرفين، تدرك الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية ان المماطلة او التسويف قد تشعل ناراً يصعب اخمادها، وهو ما نقتله وسائل اعلام عبرية والتي عبرت بالقول: هناك معادلة بسيطة: استخراج الغاز من كاريش بدون اتفاق يعني ان نصر الله سيقرر ضرب منصة الغاز وستبدأ عملية عسكرية”. من جهتها اشارت صحيفة هأرتس في مقال لها إلى ان اسرائيل تستمر في بذل جهودها لإقناع المجتمع الدولي في التوصل إلى اتفاق في موضوع الحدود البحرية وتهدئة “حزب الله” حتى لا تتطور أحداث استثنائية في الشمال”.
النص المترجم:
المبعوث الأمريكي الخاص، عاموس هوكشتاين، عرض الأسبوع الماضي على إسرائيل ولبنان حلاً وسطاً جديداً من قبل الولايات المتحدة في موضوع الخط الدقيق الذي ستمر فيه الحدود البحرية بين الدولتين في البحر المتوسط. يزداد التفاؤل لدى المستوى السياسي في إسرائيل ولدى جهازها الأمني حول احتمالية التوصل إلى التسوية النهائية للخلاف في الفترة القريبة القادمة. تقف في خلفية التقدم استعدادات إسرائيل قبل التنقيب عن الغاز في حقل “كاريش” وتهديدات “حزب الله” بالتشويش على الحفريات إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق.
يتركز اقتراح الحل الوسط على “الخط 23″، وهو الخط الوسط بين طلب لبنان الأكثر جنوباً بشأن تموضع الحدود وبين الخط الإسرائيلي الأكثر شمالاً. الخط المقترح أقرب إلى طلب لبنان. في الاتصالات غير المباشرة، طلبت إسرائيل إجراء التغيير لصالح لبنان في عمق المنطقة وليس قرب الشاطئ، بهدف توفير مجال دفاع أكبر من تهديدات محتملة من البحر قرب الشاطئ.
القيادة العليا في إسرائيل كانت مستعدة لتقديم تنازلات على اعتبار أن الإنجاز الأهم سيكون في استقرار العلاقات بين الطرفين في البحر ومنع احتمالية تصعيد أمني على هذه الخلفية مستقبلاً. صممت إسرائيل على بقاء خزان كاريش داخل حدودها، وهذا ما سيحدث حسب الاقتراح الأمريكي. وقد كانت مستعدة لإظهار سخاء أكبر تجاه لبنان في تحديد مسار الحدود في منطقة حقل “قانا”، شمال شرقي كاريش، على فرض أن البدء في الحفريات سيساعد على تحقيق استقرار بعيد المدى، مثلما صاغ ذلك وزير الدفاع بني غانتس في اللحظة التي ستعمل طوافتان في المكان، إسرائيلية ولبنانية، سيكون للدولتين مصلحة في استمرار نشاطهما بدون تشويش.
شركة “اينرجي” البريطانية كان يمكن أن تبدأ الحفريات في كاريش هذا الشهر. والآن، حسب بيان وزارة الطاقة، يبدو أن فحوصات أولية ستبدأ في الخزان الأسبوع القادم، لكنها ستشمل ضخ الغاز في قناة من الشاطئ إلى الخزان وليس العكس. الحفر نفسه سيبدأ كما يبدو الشهر القادم.
رئيس حزب الله، حسن نصر الله، هدد في أشهر الصيف بضرب الحفريات الإسرائيلية بذريعة أن إسرائيل تنتهك حقوق لبنان في البحر. في تموز أطلق “حزب الله”، في مناسبات مختلفة، أربع طائرات مسيرة قرب الخزان. وهي طائرات أسقطها الجيش الإسرائيلي، وحسب علمنا لم تكن تحمل عبوات ناسفة بل كاميرات. وفُسر إطلاق الطائرات أنه إرسال إشارات تهديد من “حزب الله” لإسرائيل.
ازدادت الحماية لسلاح البحرية وسلاح الجو حول طوافة الغاز على خلفية الأحداث والتهديدات، وتم رفع حالة التأهب في قيادة المنطقة الشمالية. خاف جهاز الأمن من أن يستغل “حزب الله” الخلافات حول ترسيم الحدود كذريعة لأعمال استفزازية ضد إسرائيل. مع ذلك، كان هناك من اعتقدوا بأن حسن نصر الله ينشغل في الحرب على من ينسب له الفضل. حسب هذه الرواية، عرف بأنه ليس للحكومة في بيروت خيار إلا التوصل إلى اتفاق، لأن الوضع الاقتصادي في لبنان مخيف ويحتاج إلى التنقيب في محاولة لتحسين وضعه قليلاً. تهديدات نصر الله، استهدفت ترسيخ استنتاج في وعي الجمهور اللبناني بأن التوصل إلى اتفاق لم يكن ليفيد جميع اللبنانيين إلا بفضل صمود المنظمة الشيعية أمام إسرائيل. يعرض نصر الله منظمته كحامية عن لبنان في الوقت الذي يوجد في الدولة انتقاد كبير على أنه يحافظ على السلاح ولا يخضع لإمرة الجيش اللبناني.
في خطابه الأخير في نهاية الأسبوع، عاد نصر الله وتطرق لقضية الحدود البحرية. اعتبرت إسرائيل صياغة خطابه هذه المرة معتدلة أكثر، وتركت فجوة لاتفاق في الوقت القريب. عاد نصر الله وكرر بأن الخطوط الحمر للحزب، هي موعد بدء إسرائيل في الإنتاج، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق. ولكنه أضاف بأن “حزب الله” يعطي فرصة للتقدم. وقال جهاز الأمن بأن نصر الله يدرك تحفظ لبنان من تصعيد عسكري مع إسرائيل في الوقت الحالي، حيث يمر الاقتصاد في لبنان بمشكلات صعبة. ولم تظهر إيران حتى الآن أي اهتمام بتصادم “حزب الله” مع إسرائيل حول هذه القضية، ولم تشجع نصر الله على القيام بخطوات عدائية.
لا تستبعد إسرائيل احتمالية أن يثير “حزب الله” استفزازاً آخر، لكنها قدرت بأن احتمالية ذلك آخذة في الانخفاض على خلفية اقتراح الحل الوسط الجديد الأكثر سخاء للبنان، الذي نقله الأمريكيون، وإزاء الاعتماد المتزايد للحكومة في بيروت على اكتشافات الغاز على أمل تحقيق تحسن في الاقتصاد.
بذلت الولايات المتحدة مؤخراً جهودها في محاولة لإشراك قطر في التنقيب عن الغاز في الطرف اللبناني للحدود البحرية. في الأصل، تم إعطاء الامتياز لثلاث شركات، إيطالية وفرنسية وروسية. ولكن تم إخراج الشركة الروسية من الصفقة بسبب العقوبات التي فرضها المجتمع الدولي على موسكو لغزوها أوكرانيا. الأمل الآن هو أن يزيد انضمام قطر تدفق الأموال من أجل التنقيب، والإمكانية الكامنة الاقتصادية من ناحية اللبنانيين.
تستمر إسرائيل في بذل جهودها لإقناع المجتمع الدولي في التوصل إلى اتفاق في موضوع الحدود البحرية وتهدئة “حزب الله” حتى لا تتطور أحداث استثنائية في الشمال. في المحادثات التي تجري مع ممثلي دول أجنبية تم تأكيد إسرائيل على موضوع الحدود البحرية وعلى خروقات جديدة للوضع الراهن على طول الحدود من قبل “حزب الله”، على رأسها نشر أكثر من عشرين موقع مراقبة قرب الأراضي الإسرائيلية. في المقابل، كرس المتحدثون الإسرائيليون في الفترة الأخيرة وقتاً أقل على الاتصالات بشأن مشروع دقة صواريخ “حزب الله”، وعلى الجهود التي يبذلها الحزب لإقامة مواقع إنتاج في لبنان بهدف تركيب أجهزة توجيه دقيقة على الصواريخ القديمة التي بحوزته.
المصدر: هآرتس
الكاتب: عاموس هرئيل