في الوقت الذي تتزايد فيه الاعتداءات الاسرائيلية على الفلسطينيين بمختلف المناطق وفي السجون، تتزايد خشية الأوساط الأمنية من ردة فعل الشارع الفلسطيني جراء الممارسات التي تعتمد بغالبيتها على الاستفزاز والانتهاكات ومحاولات التهويد والقتل.. وضمن هذا الاطار تقول صحيفة هآرتس العبرية ان الانتهاكات وصلت لمستويات قياسية وأشارت إلى “العدد الأكبر من القتلى الفلسطينيين منذ سبع سنوات.. العدد الأكبر من المعتقلين بدون محاكمة منذ سبع سنوات.. العدد الأكبر من مظاهر عنف المستوطنين، وربما أكثر من أي وقت مضى”. معتبرة ان “لا يوجد شعب يمكن أن يتحمل مثل الشعب الفلسطيني ويصمت. لم يكن هناك مثل هذا الشعب في التاريخ، ولن يكون أيضاً بين رفح وجنين. ما تفعله إسرائيل في الأشهر الأخيرة هو تذكرة باتجاه واحد، وهدفه: الانتفاضة، حتى لو فشلت مثل سابقاتها”.
النص المترجم:
إسرائيل تريد انتفاضة أخرى، ولا شك في ذلك. لا توجد طريقة أخرى لشرح سلوكها منفلت العقال في الأشهر الأخيرة حتى إذا لم يكن من الواضح أي فائدة ستجنيها من سفك المزيد من الدماء عديم الجدوى. نعم، عديم الجدوى، لكن إسرائيل تريده، ما تفعله في المناطق المحتلة مؤخراً سيؤدي حتماً إلى انتفاضة أخرى. إسرائيل تعرف ذلك جيداً.
العوامل الناقصة لاندلاع انتفاضة أخرى لا تنقص إلا في الطرف الفلسطيني. ولكن إسرائيل قدمت ما عليها من أجل اندلاع تجييش الغضب والعنف ضدها.
ما الذي توقعتموه؟ سألني طراد صلاح، والد عدي الثاكل، الفتى ابن الـ 17 الذي أطلق قناص من الجيش الإسرائيلي رصاصة على رأسه ورصاصة على قلبه من مسافة 100 متر في كفر دان. ما الذي كنتم تتوقعونه؟ هذا سؤال بقي معلقاً في فراغ بيته الذي لن يلفه الحداد. من قريته المناضلة قرب جنين، خرج الشابان اللذان قتلا الرائد بار بيلح في حاجز الجلمة الأسبوع الماضي. في نيسان الماضي قتل الجنود شابين غير مسلحين في القرية. الآن قتلوا عدي. بعد بضعة أيام سيقتحم الجيش ويهدم بيت الشابين اللذين قتلا بيلح. أصبح العنوان على الحائط، يمكن البدء بحفر القبور في المقبرة أمام بيت صلاح، الذي يشاهد قبر ابنه من النافذة.
ما الذي كنتم تتوقعونه؟ يجب أن نسأل قادة الجيش الإسرائيلي والشاباك، أنكم سمحتم بأن يفعلوا ما يخطر ببالهم. ما الذي توقعتموه؟ يجب أن نسأل رئيس الحكومة ووزير الدفاع في حكومة التغيير والإصلاح، الذين سمحوا، بل شجعوا، كل ذلك. ماذا توقعتم؟ يجب أن نسأل هذا السؤال لكل إسرائيلي صامت. لا يوجد شعب يمكن أن يتحمل مثل الشعب الفلسطيني ويصمت. لم يكن هناك مثل هذا الشعب في التاريخ، ولن يكون أيضاً بين رفح وجنين. ما تفعله إسرائيل في الأشهر الأخيرة هو تذكرة باتجاه واحد، وهدفه: الانتفاضة، حتى لو فشلت مثل سابقاتها.
العدد الأكبر من القتلى الفلسطينيين منذ سبع سنوات.. العدد الأكبر من المعتقلين بدون محاكمة منذ سبع سنوات.. العدد الأكبر من مظاهر عنف المستوطنين، وربما أكثر من أي وقت مضى. ما الذي تتوقعونه؟ عقاب جماعي بدون أي خجل، عقاب عائلي بدون أي تردد، ما الذي تتوقعونه إذاً؟ ما الذي تتوقعونه من الجيش الذي تفاخر قائده بمستوى قتله، ومن الجنود الذين يعرفون أن كل شيء مسموح لهم؟
من السهولة التي لا تصدق والتي يقتل فيها الجنود المتظاهرون غير المسلحين تقريباً كل يوم، وعدم المبالاة العامة التي لا تصدق والتي يتم فيها استقبال أعمال القتل الجماعي هذه؟
يصعب تقرير البداية، من الأبرتهايد اليومي أو من فلاح فلسطيني حاول الدفاع عن نفسه وممتلكاته من زعران المستوطنين، ويداه الآن محطمتان ومعتقل منذ أسبوعين تقريباً، في حين أن المستوطن الذي هاجمه حر؟ من قتل شيرين أبو عاقلة ثم أعقب ذلك ألاعيب الكذب التي انتهجها الجيش بهدف إزالة عن نفسه كل مسؤولية عن ارتكاب هذه الجريمة القبيحة وحماية الجنود الذين أطلقوا النار على أبو عاقلة في الوقت الذي شاهدوا فيه بأنها صحافية؟
من السهولة التي لا تصدق والتي يقتل فيها الجنود المتظاهرون غير المسلحين تقريباً كل يوم، وعدم المبالاة العامة التي لا تصدق والتي يتم فيها استقبال أعمال القتل الجماعي هذه؟ من قداسة جيش الاحتلال؟ من عبادة السجود المرضي له في وسائل الإعلام، الذي مرة أخرى تقوى مؤخراً ووصل إلى مستويات مخيفة؟ لا يمر يوم بدون مقال مثير للاشمئزاز والقرف عن جندي أو عن وحدة نموذجية. ما الذي تتوقعونه من تحطيم محمود عباس على يد إسرائيل؟ أو من أن يئير لبيد يلتقي مع الملك عبد الله في الأمم المتحدة ويتجاهل وجود عباس وكأنه هواء، وكأننا عدنا إلى أيام الخيار الأردني لشمعون بيرس؟ ماذا تتوقعون من ثمل القوة المتزايد للجيش والمستوطنين؟ من أين سنبدأ؟
من الأسهل تحديد أين سينتهي ذلك. سينتهي بالدماء. المزيد من الدماء. بانتفاضة عنيفة ووحشية. وسيكون بالإمكان تفهم دوافعها وحتى تبريرها بسهولة كبيرة.
المصدر: هآرتس
الكاتب: جدعون ليفي