يصادف الثامن والعشرون من شهر أيلول / سبتمبر من العام 2000، ذكرى انطلاق لجان المقاومة في فلسطين، فقد استلزم الدفاع عن هوية القدس المحتلّة والمسجد الأقصى أمام هجمة كيان الاحتلال التهويدية نهوض الشعب الفلسطيني ومقاومته ضمن انتفاضة واسعة شملت القدس والضفة الغربية وقطاع غزّة. وتعزّز الحضور الفلسطيني السياسي والعسكري خلال هذه الانتفاضة.
التأسيس والتوجّه
بدأت النواة الأولى لتشكيل لجان المقاومة تتبلور في ذهن مؤسسها القائد الشهيد جمال أبو سمهدانة مطلع التسعينيات حين التقى بمؤسس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الدكتور الشهيد فتحي الشقاقي في الجزائر، وكان الى جانب سمهدانة، الشهيد ياسر زنون والشهيد مبارك الحسنات والشهيد أبو يوسف القوقا.
انطلقت لجان المقاومة الشعبية من العقيدة الإسلامية و”من فلسطين صوب فلسطين إلى بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، تستمد قوتها من كتاب الله عز وجل وتجمع باقي حجارة هدمتها آليات الاحتلال اللعين لتحولها قنابل وألغاما تتفجر في وجه الغاصبين”، وفق ما جاء في بيانها التأسيسي. وقد جمعت تحت عباءة المقاومة ومواجهة الاحتلال الشباب الفلسطيني من كلّ الأطياف.
تؤمن لجان المقاومة الشعبية بالخيار العسكري لتحرير كلّ أرض فلسطين المحتلّة وعودة اللاجئين، وقد رفضت خيار التسوية الذي انتهجه اتفاق “أوسلو” الموقع مع كيان الاحتلال عام 1993 واعتبرته غرقاً في “مستنقع من المفاوضات العقيمة وغير المنتهية”.
عملت لجان المقاومة على نسج العلاقات الجيدة مع الفصائل كافة والقوى الإسلامية والوطنية في الساحة الفلسطينية، وقد شارك جناحها العسكري “ألوية الناصر صلاح الدين” بالعديد من العمليات العسكرية خلال الانتفاضة ثمّ في التصدي لحروب الاحتلال الخمس (عام 2008، عام 2012، عام 2014، عام 2021، عام 2022) على قطاع غزّة.
تحضر لجان المقاومة في كلّ المواقف السياسية التي تتطلّب الدفاع عن القضايا والثوابت الفلسطينية، فهي ترى في العمليات الفدائية في القدس والضفة رداً طبيعياً ومشروعاً ضد جرائم الاحتلال، وترفض الوقوف مكتوفة الأيدي أمام أي اعتداء من قبل الاحتلال ومستوطنيه بحق المسجد الأقصى. وأشارت لجان المقاومة بعد 74 عاماً على النكبة أن العدو الصهيوني يعجز عن انتزاع شرعية وجوده على أرض فلسطين رغم الدعم الأمريكي والتواطؤ والخذلان العربي والدولي”.
المواقف من محور المقاومة والتطبيع
كما لم تغفل لجان المقاومة عن القضايا الإقليمية ودول محور المقاومة، اذ تعتبر أن “جرائم العدو الصهيوني في فلسطين ولبنان وسوريا وإيران هو استهداف لكل شعوب الأمة واحرارها الرافضين لمؤامرات التطويع والتطبيع”، داعيةً الى “توحد الأمة كلها في خندق واحد لمواجهة ومجابهة الكيان الصهيوني”.
وقد أدانت استهداف القائد في حرس الثورة الإسلامية حسن صياد خداياري بالقرب من منزله في طهران، واعتبرتها “جريمة جبانة وغادرة وتحمل بصمات واضحة للعدو الصهيوني”. وأضافت في بيان أن الجريمة “محاولة يائسة وبائسة للإنتقام من الجمهورية الإسلامية في إيران لمساندتها قضايا الشعوب المستضعفة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية”. كما استنكرت دائماً عدوان الاحتلال على الأراضي السورية.
التأكيد على المبادئ
وفي الذكرى الـ 23 على تأسيسها أعادت لجان المقاومة التأكيد على ثوابتها ومبادئها، فقالت في بيانها إن “صراعنا مع كيان العدو الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين كان وسيبقى صراع وجود لا صراع حدود، ولن تنجح مؤامرات دول التطبيع تشريع اغتصابه للأرض والحقوق، وسيبقى خيار المقاومة المسلحة هو الخيار الاستراتيجي”.
وجددت دعوتها الى “التحلل الكامل من قيود اتفاق اوسلو وملحقاته الاقتصادية والأمنية وفي مقدمتها سياسة التنسيق الأمني وسحب والغاء الاعتراف بكيان العدو الصهيوني والعمل الجدي والحقيقي على استعادة الوحدة الوطنية”، مستنكرة أن ” كل اتفاقيات التحالف والتطبيع مع العدو الصهيوني وندعو إلى إعادة صياغة تحالفاتنا من جديد على قاعدة أن العدو الصهيوني هو العدو المركزي للأمة وكل من يطبع أو يتحالف أو يصطف بجانبه هو عدو للشعب الفلسطيني ولكل شعوب الأمة”.
ودعت الى “دعم وإسناد أهلنا في القدس بكل الوسائل المتاحة وإلى مشاركة أبناء شعبنا في القدس والضفة والداخل الفلسطيني المحتل” وحيّت صمود وجهاد ومقاومة الشعب الفلسطيني في القدس والضفة الثائرة، في جنين ونابلس ورام الله وطولكرم وقلقيلة وخليل العز والفخر وأرضنا المحتلة عام “48”ومخيمات اللجوء في لبنان والأردن وسوريا وفي كل أماكن تواجده”.