لا شك ان تفاهم ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع فلسطين المحتلة يتيح فرصة كبيرة للخروج من الازمات التي يمر بها البلد، وبحسب ما قاله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في كلمته يوم 17-9-2022 فإن”.. لبنان أمام فرصة ذهبية وتاريخية قد لا تتكرر، فرصتنا الوحيدة هو أن يتمكن لبنان من استخراج النفط والغاز ليعالج أزمته الاقتصادية والنقدية والمالية والمعيشية…”.
وهنا تطرح تساؤلات هل فعلا سيخرج هذا الامر لبنان من أزماته؟ وهل فعلاً يحدث نقلة نوعية في مسيرته الاقتصادية والمالية؟ وكيف يمكن تسييل كل ذلك على أرض الواقع خاصة في ظل الواقع اللبناني لا سيما بظل الوضع الحالي لإداراته الرسمية حيث تتداخل المصالح السياسية والأبعاد والمحاصصة الطائفية والمذهبية؟
الأكيد ان الآمال من هذه الفرصة كبيرة وواعدة منها:
-دخول لبنان نادي الدول النفطية.
-المساهمة بإخراج لبنان من أزماته المعيشية والاقتصادية.
-رفع مستوى الدخل الوطني والفردي.
-جلب المزيد من الاستثمارات.
-تأمين فرص عمل بنسب عالية للبنانيين ومن ثم للمحيط وغيره من الدول.
وهذا يتطلب:
-حسن إدارة الملف من خلال التعاطي بشفافية ووضوح بعيداً من المحاصصات السياسية والطائفية او حصول عرقلات داخلية لتسجيل مكاسب او نقاط بين بعض الافرقاء او انطلاقاً من النكد السياسي.
-إنشاء صندوق سيادي لحفظ الثروة وتأمين الاستثمارات واستخدامها لاحقاً لتنفيذ الخطط الاقتصادي والمالية اللازمة.
-الاستفادة من هذه الثروة لرفع مستوى القطاعات المختلفة لا سيما المنتجة منها كالصناعة والزراعة.
وحول كل ذلك قال مدير “المؤسسة الوطنية للدراسات والإحصاء” د. زكريا حمودان في حديث خاص لموقع الخنادق إن “للترسيم أهمية كبيرة تتركز على عدة مستويات، حيث حصل ضمن إطار دولي كسر الحصار الاقتصادي على البلد وهذا يعني اننا سنخرج من الحصار الاقتصاد بشكل تدريجي”، وتابع انه “خلال المرحلة المقبلة يمكننا ان نبدأ بالتنقيب (الحصار كان يمنع التنقيب ورغم انهم قالوا ان البلوك رقم 4 لا يوجد فيه كميات نفطية إلا ان الدراسات تؤكد وجود كميات في كل البلوكات)”.
وأوضح حمودان ان “إدخال التنقيب يعني ان بين يديك ثروة قد تقترض على أساسها أو تعيد الثقة للبلد عبرها”، وأشار الى “أهمية عقد مؤتمر اقتصادي او مالي دولي لاقراض لبنان او من خلاله يكون الدعم في الفترة المقبلة”، ولفت الى ان “الداعم الاساسي سيكون الدول والشركات الكبرى التي لديها هدف الاستثمار في لبنان، وحاليا نرى الدور القطري مهما في هذا الاطار وايضا الفرنسي له دول هام”، واضاف “قد يكون هناك دول اخرى لديها مصالح استراتيجية في المنطقة كالروسي والصيني والايراني”، وتابع “يجب التركيز هنا انه لم نعد بحاجة الى دول الخليج بشكل مباشر واذا لم يعقدوا لنا مؤتمرا يمكن اقامته مع غيرهم من الدول، رغم انه مرحب بهم دائما”.
واشار حمودان الى ان “الاستفادة من هذه الثروة يتطلب وضع خطة لهيكلة الكثير من الامور في لبنان كالقطاع المصرفي، كيف سنرد اموال المودعين، سياسة مصرف لبنان وغيرها من التفاصيل”، واضاف “الخطة المالية للمرحلة المقبلة ستكون على عدة مديات: على المدى القصير الحصول على المال، المدى المتوسط يكون لدينا رؤية لهيكلة القطاعات التي ساهمت بالازمة وشكلت ثغرات بالحصار الاقتصادي، المدى البعيد القدرة الاستثمارية والحصول على الاموال لتسديد القروض وإخراج البلد من واقعه المالي السلبي(لا سيما تسديد الديون المترتبة عليه)”، وتابع “بعد إتمام كل هذه التفاصيل يكون لبنان وضع على مستوى مالي أقوى، وتبدأ قدرة الليرة اللبنانية بالتحسن بشكل تدريجي”.