منذ 5 سنوات، أطلق قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي خلال لقاءه ببعض الطلاب والمنظمات الطالبية، شعاراً استراتيجياً في مجال الحرب الثقافية والناعمة “آتش به اختيار”، والذي معناه في اللغة العربية تقريباً “أمر النار بيدك”، والذي يصطلح به عسكرياً عندما يترك القرار بإطلاق النار بيد الجندي أو الوحدة العسكرية الموجودة في مكان معين، دون الرجوع لقيادتها لا سيما إذا كانت في الخطوط الأمامية للجبهة وتعذرت الاتصالات، أو واجهت حوادث يكون إطلاق النار فيها قراراً مصيرياً ومحسوماً.
ومما لا شك فيك أن تعبير الإمام السيد علي الخامنئي في حالة الحرب الثقافية، لا يقصد منه سوى زرع المبادرة لدى الشباب أو من يصفهم بضباط الحرب الناعمة، وهذا ما يؤكده حديثه يومها حينما قال: “فلتعمل كل القوى الفكرية والثقافية والعملية والجهادية معًا، بشكل مستقل؛ أطلق النار في الإرادة. لذلك، فإن الواجب الرئيسي والأول لجميع الأفراد هو اتباع ترتيب المقر أولاً. ومع ذلك، إذا كان هناك خلل في ترتيب المقر المركزي، فيمكنك اتخاذ الإجراء بشكل مستقل”.
وقام الإمام الخامنئي بتفسير ما يقصده من هذا القول، حينما تحدث بأن المجال الثقافي كما العسكري والسياسي، يحتاج إلى جهاد فكري وثقافي لصد العدوان الثقافي، عبر القول “الجهاد لا يعني فقط أن أكون في ساحة المعركة؛ لأن أي محاولة لمواجهة العدو يمكن اعتبارها جهاداً”.
وعليه فإن هذا التوجه من الإمام السيد الخامنئي، لم يكن محصوراً بالجمهورية الإسلامية في إيران، بل يجب أن يكون واجباً لدى كل فئة الشباب والمثقفين في دول وساحات محور المقاومة، لأن الغزو الثقافي لم يقتصر على ساحة دون أخرى.
فالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ومن خلفهما المعسكر الغربي كلّه، يهدفون إلى تفتيت كلّ الساحات المواجهة لهم، بكل وسائل المواجهة الخشنة والناعمة، وفقاً لمبدأ: “إضرب، فتّت، سيّطر”.
المواجهة في لبنان مثالاً
وإذا ما فتشنا بين جميع ساحات محور المقاومة، سنجد بأن الساحة اللبنانية هي أخطر الساحات على صعيد الحرب الثقافية، لأنها أكثر الساحات التي يمتلك فيها المعسكر الأمريكي قدرةً على النفوذ. وبالتالي يجب أن تكون “آتش به اختيار” هي الأولوية لدى ضباط الحرب الناعمة في هذه الساحة.
وهذا ما يمكن تحقيقه من خلال عدّة نقاط:
_ تشجيع المبادرة الفردية لدى الفئة الشبابية، وتقديم الدعم للمبادرين لا انتقادهم، ضد كل الأفكار الغربية الهدّامة أوما يروّجون له من مفاهيم وقيم ثقافية غايتها تدمير مجتمعنا.
_دعم أو إنشاء جمعيات شبابية تشبه في أنشطتها وشكل خطابها الإعلامي، ما تقوم به الجمعيات غير الحكومية NGO’s المدعومة من الغرب.
_إيجاد خطط إعلامية ذات طابع هجومي، فهذا النوع من المعارك والحروب، لا يسمح بأن يكون إعلام المقاومة ذو طابع دفاعي بحت، بل يحتاج الى دبّ روح الابتكار فيه، كما كان عليه في ساحة العمل العسكري، من خلال إيجاد برامج وأعمال جديدة.