في زيارة بالغة الدلالات والأهمية لدقة توقيتها، وصل رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني بالأمس الثلاثاء، الى الجمهورية الإسلامية في إيران، في ثالث رحلة خارجية منذ تسلمه المنصب.
وقد استهل الرئيس شياع السوداني الزيارة، بعقده لقاء مع رئيس الجمهورية الإسلامية السيد إبراهيم رئيسي، ثم بلقاء مع قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي. وتخللت هذه اللقاءات إعلان مواقف مهمة وحساسة، في ظل الحرب التركيبية التي تواجهها إيران في هذه الفترة، ودور إقليم كردستان في العراق كمنطلق للهجمات العدائية ضد إيران، كما تخلّلها أيضاً تأكيد على مدى أهمية العراق بالنسبة لها.
فقد أكّد الإمام الخامنئي للرئيس شياع السوداني، أن تقدم العراق وبلوغه مكانته السامية، والحقيقية يعود بالفائدة على إيران. مقدماً التهاني له بانتخابه رئيساً للوزراء، معتبرا انه “من دواعي السرور ان يكون فردا مؤمنا ومقتدرا على رأس الحكومة العراقية”، وواصفاً العراق بأنه “أفضل بلد عربي في المنطقة من حيث ثرواته الطبيعية والبشرية اضافة الى مورثه الثقافي والتاريخي والحضاري”، ومتأسفاً من “عدم استطاعة العراق أن يتسنم مكانته السامية والحقيقية رغم ما لديه من سوابق تاريخية”، معرباً عن أمله في أن “يحقق العراق تقدمه ويحظى بمكانته الحقيقية من خلال وجود رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”. وأضاف الإمام الخامنئي بأن “إحدى الضروريات الاساسية لبلوغ العراق مكانته الحقيقية تتمثل في الانسجام والوحدة بين مكوناته الداخلية”، وأن هناك ضرورة للاعتماد على “المواطنين وقوى الشباب المتحفزة التي خاضت اختبار التصدي لداعش، لأجل التصدي بقوة لإرادة العدو”. منبهاً إياه بأن “هناك أعداء لتقدم العراق قد يخفون هذا العداء لكنهم يعربون عن رفضهم لحكومة كحكومتكم”.
وهذا ما يكشف بأن نظرة الإمام الخامنئي لدور العراق وأهميته، هو عكس ما روجته له الكثير من الأبواق الإعلامية العربية والخليجية خصوصاً، حينما قامت بتفسير خطابه الأخير خلال لقائه بقوات البسيج، والذي تحدّث فيه عن العمق الإستراتيجي لإيران وموقعية العراق فيه. زاعمةً بأنه يفسر كتهديد باتخاذ العراق ساحةً لمواجهة وتصفية الحساب مع أعداء إيران.
وهذا ما تم توضيحه أكثر حينما تطرق الحديث الى المواضيع ذات الطابع الأمني، حينما بيّن الإمام الخامنئي أن رؤية الجمهورية الإسلامية لأمن العراق تتمثل في “أن نجعل من صدرونا دروعا للتصدي لأي جهة تريد ان تزعزع أمن العراق للحفاظ عليه”، مشيراً إلى أن “أمن العراق هو أمن إيران وله تأثير على أمن العراق”. متأسفاً من أن تكون بعض مناطق العراق هي منطلق الهجمات على إيران، مشيراً الى أن الحل يكون ببسط الحكومة العراقية سيادتها على تلك المناطق.
وهذا ما سبق أن قابله الرئيس شياع السوداني في مؤتمره الصحفي المشترك مع السيد رئيسي بالقول بأن بلاده لن تسمح لأي مجموعات أو أطراف بأن تشن هجمات على أراضي إيران انطلاقا من الأراضي العراقية.
الشق الاقتصادي من الأولويات أيضاً
وتطرقت الزيارة التي وصفها السيد رئيسي بأنها ستشكل نقطة تحوّل في العلاقات الثنائية، الى العلاقات الاقتصادية أيضاً، والتي فيها العديد من الملفات التي لا تقل أهمية، كتفعيل جميع التفاهمات الاقتصادية والسكك الحديدية، التي تم إقرارها مع الحكومات العراقية السابقة لكن لم يتم العمل بها. ولذلك أعلن السوداني الاتفاق على تفعيل اللجنة الاقتصادية المشتركة، وضرورة عقد اجتماعاتها في أقرب وقت، وهو ما قد يساعد في تفعيل هذه الاتفاقيات والمعاهدات.
ومن المفيد الإشارة هنا، إلى أن السوداني يطمح بأن تثبت حكومته، مدى قدرتها على تحقيق الإنجازات والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ومكافحة الفساد والهدر. وهذا ما بدأت فيه بالعديد من الخطوات، واستطاعت تحقيق بعض الإنجازات أبرزها التمكن من استرداد حوالي 5% من الأموال المنهوبة في سرقة القرن.
لذلك فإن هذا ما يدعو الى التفاؤل بأن تستطيع حكومة السوداني تفعيل التعاون الاقتصادي بين العراق ودول جواره دون استثناء، لأجل مصالحه ومصالح دول المنطقة بأسرها.