تحت حراسة أمنية مشددة، زار الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ، البحرين، كأوّل رئيس لكيان الاحتلال يزور البلاد. وفي الوقت الذي قطعت فيه الاحتجاجات البحرينية المنددة بهذه الزيارة، الطريق أمام “التغنّي بعملية السلام” المزعومة، سلّطت وسائل الاعلام العبرية الضوء، على “هشاشة” هذه الخطوة، ولم تصفها بـ “التاريخية” على عكس وصف هرتسوغ نفسه.
صحيفة “تايمز اوف إسرائيل” العبرية، اشارت ان الزيارة تأتي، في وقت يشهد فيه الخليج احتجاجات مناهضة “لإسرائيل”. وقال الصحفي لازار بيرمان، ان “مظاهر الدعم الواسع للتطبيع في كل من البحرين والإمارات، تتصدّع. وعلى الرغم من ان معارضة السياسة الحكومية الرسمية نادرة في كلا البلدين اللذين تديرهما أنظمة استبدادية، لكن التأييد لاتفاقيات أبراهام آخذ في التراجع في كلا المكانين”.
وخصصت الصحيفة مساحة للحديث بشكل تفصيلي عن الاحتجاجات التي رافقت الزيارة، مشيرة إلى الشعارات والهتافات التي كانت تنادي بـ “الموت لإسرائيل”. فيما حمل آخرون صوراً لهرتسوغ موسومة بعبارة “المجرم” و “شعب البحرين لا يرحب بالمجرم. فيما احرق البعض الاخر العلم الإسرائيلي قبل ان يدخلوا بمواجهات مع الشرطة التي حاولت قمعهم.
القناة 12 الإسرائيلية بدورها، أفادت ان جهاز الشاباك، اتخذ إجراءات أمنية خاصة بـ “رئيس الدولة”، على حد تعبيرها، خلال هذه الزيارة، على خلفية ما وصفتها بـ “التهديدات التي طالت شخص الرئيس”، بعيد الحملة التي أطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي، التي تضمنت بغالبيتهم عبارة “التطبيع خيانة” و “لا تأتي”.
من جهة أخرى، اعتبر مراقبون بأنه يمكن وضع الزيارة ضمن اطار، محاولة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الاستفادة من وضع هرتسوغ “الجامع”، لتهدئة الأوضاع في المنطقة، قبيل تشكيل حكومته اليمنية المتطرفة، التي تشهد انتقادات واسعة، قبل تشكيلها. وبحسب موقع “زمان إسرائيل”، فإنه “خلال الحكومة السابقة، برئاسة نفتالي بينيت ويائير لبيد، شكّل هرتسوغ عامل استقرار، خاصة بالنسبة لجهات دولية أدركت أن هذه الحكومة توشك على السقوط في وقت مبكر من ولايتها وتناوب بينيت ولبيد بعد سنة على ولايتها. كما اعتبر أن لهرتسوغ خبرة سياسية أكبر من كليهما”.
ويضيف التقرير، بأن “نتنياهو سيتوجه إلى هرتسوغ عندما يحتاج إلى كفاءاته الدبلوماسية. فحكومة نتنياهو ستعتبر عنصرية وقومية وتحريضية، وسيحتاج إلى الوجه اللطيف والمتنور للدولة… وفي هذا السياق، سيكرر نتنياهو تجربة سابقة له، عندما اعتمد كرئيس حكومة، في الأعوام 2009 – 2012، على الرئيس حينذاك، شمعون بيرس، الذي استعان به نتنياهو بمهمات دبلوماسية إلى دول العالم، حاول خلالها بيرس إقناع زعماء بأن وجهة نتنياهو نحو حل الدولتين”.
بالنسبة للبحرين، وعلى الرغم من انضوائها تحت مظلة التبعية للسعودية والامارات، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأميركية-الإسرائيلية، إلا ان المنامة شكّلت حالة خاصة بالتعامل مع هذا الملف. ففي الوقت الذي حاولت فيه كل من الرياض وأبو ظبي، تهيئة الظروف المواتية او مراعاة بعض الحيثيات الاجتماعية خوفاً من شعوبها، تعاملت المنامة بمنتهى المغالاة، ما أظهر الهوّة العميقة بين شعبها وأنظمتها، وبشكل لافت. فعلى الرغم من ان العلاقات بين الطرفين لم تنطلق مع توقيع اتفاقية التطبيع، فإن مجاهرة حمد بن عيسى آل خليفة، “برغبته تعزيز العلاقات مع الكيان”، ما وصف بأنه “هرولة بحرينية إلى تل أبيب”، سرّعت وتيرة اللقاءات المتبادلة، اذ انه لم يتردد في إبداء معارضته للمقاطعة العربية لإسرائيل في لقاء مع قادة يهود في الولايات المتحدة، عام 2017، مُعرِبا عن آماله في أن “يتمكَّن البحرينيون يوما ما من السفر إلى إسرائيل بحُريّة”.
لناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، طارق سلمي، قال في تصريح صحفي:” إن زيارة هرتسوغ لأي دولة عربية أو إسلامية هي طعنة للشعب الفلسطيني، وخذلان كبير لقضية العرب والمسلمين الأولى… هذه الزيارة وغيرها تغطية على عدوان الكيان وارهابه، وعلى تصاعد جرائم القتل والإعدام التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس”.
الكاتب: غرفة التحرير