في خطاب لقائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي منذ شهر، خلال المراسم المشتركة لتخريج طلّاب جامعات الضبّاط التابعة للقوّات المسلّحة في الجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، بيّن الإمام الخامنئي بأن الجمهورية الاسلامية تواجه حرباً يصطلح عليها اسم “الحرب المركبة”، كما كل الحروب التي تخاض في العالم اليوم.
ويطلق هذا النوع من الحروب على المواجهة التي تُخاض فيها كل أنواع الحروب المعروفة، كالحرب الصُلبة والناعمة والفكرية والثقافية، والحرب بأسلحة مختلفة (اقتصادية، دبلوماسية،…..) والحرب المعرفية وأمثالها مع بعضها البعض، بحيث تكون كلها هي أدوات الهجوم على شعب أو بلد ما.
فما هي أبرز وأهم المعلومات حول هذه الحرب ووسائلها؟
_هي حرب مختلطة أو مشتركة، التي تُعرف بالإنكليزية باسم الحرب الهجينة، وهي استراتيجية عسكرية تمزج ما بين الحرب السياسية والكلاسيكية وغير النظامية، والحرب الافتراضية (عبر منصات الانترنت المختلفة)، والأخبار المزيفة، والدبلوماسية، وحرب الدعاوى أمام المحاكم الدولية، والتدخل في انتخابات الدول، وتعطيل النسيج الديموغرافي، والهجرة، والهجوم الثقافي، وخلق الصراع الديني والإثني وكل ما يمكن استخدامه من إثارة الفتنة.
_ تهدف هذه الإستراتيجية الى إحداث أكبر قدر من الضرر للبلد المستهدف من خلال المزج بين أساليب الاستهداف المختلفة. لكن بطريقة يهدف من خلالها المنفّذ الى تجنب حصول الإسناد والانتقام.
_أول من ابتكر مفهوم هذه الحرب هو مساعد وزير الدفاع الأمريكي الأسبق والخبير في الشؤون العسكرية الاستراتيجية الدكتور “فرانك هوفمان”، نظراً لخبرته الطويلة التي تخطت الـ 43 عاماً، الذي أعدّ دراسة حول هذا الموضوع لصالح معهد بوتوماك لدراسات السياسة في فيرجينيا، وحملت عنوان: “الصراع في القرن الحادي والعشرين: صعود الحروب الهجينة”.
_ الحرب الهجينة تشمل بعض أو أجزاء أو كل الجوانب التالية:
أ) خصم غير كلاسيكي ومعقد ومرن، ويمكن أن يكون الخصم الهجين دولة أو منظمة. والأمثلة على ذلك كثيرة، فبحسب بعض المواقع العسكرية المتخصصة فإن الحرب المركبة كانت خلال: حرب تموز عام 2006 بين الكيان المؤقت وحزب الله، وحرب الدفاع عن سوريا التي بدأت مطلع العام 2011، وحرب تنظيم داعش الوهابي الإرهابي في سوريا والعراق عام 2014، وحرب أوكرانيا 2014، والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا مطلع العام الحالي، والمواجهة مع الجمهورية الإسلامية في إيران منذ العام 1979 حتى يومنا هذا.
ب) استجابة مرنة وسريعة لساحات الهجوم المختلفة، بحيث يتحول التهديد الى فرصة، مثل التطورات التي حصلت في إيران وفي جبهات محور المقاومة المختلفة على الصعيد السيبراني والفضاء المجازي، بحيث بات لديهم اليوم جهات متخصصة ومتطورة في هذه الأنواع من الحروب بشكل استطاعوا من خلاله تحويل المواجهة الدفاعية الى هجومية.
ج) استخدام أنظمة الأسلحة والتقنيات المتطورة: يستدل بعض الخبراء على ذلك، من خلال ما استخدمه حزب الله خلال حرب تموز 2006 من أسلحة عالية التقنية وتكييف تقنيات جديدة أخرى في ساحة المعركة، مثل الصواريخ الموجهة بدقة التي أسقطت طائرة هليكوبتر إسرائيلية، وألحقت أضراراً بالغة بزورق دورية، ودمرت دبابات الميركافا شديدة التدريع، عندما أطلقت هذه الصواريخ من مخابئ مخفية. كما يستدلون على ذلك من خلال استخدامه للطائرات بدون طيار لجمع المعلومات الاستخباراتية، والتواصل مع الهواتف المحمولة المشفرة، ومراقبة تحركات القوات الإسرائيلية بمعدات الرؤية الليلية الحرارية.
د) استخدام وسائل الاتصال الجماهيري للدعاية، وإنشاء وتطوير شبكات تؤمّن الدعاية القوية وأدوات التجنيد. كما يعد استخدام مواقع الأخبار الكاذبة لنشر القصص الكاذبة عنصراً أساسياً في الحرب الهجينة، لكن محور المقاومة وقادته ابتداءً بالإمام السيد الخامنئي (عبر جهاد التبيين) أو الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وغيرهم من القادة، يؤكدون بأن المحور لا يحتاج الى هذا السلاح “الكذب” إطلاقاً، لأن مضاره أكثر من فوائده، فضلاً عن أن الجمهور بفطرته يبحث دوماً عن الحقيقة وليس الخداع.
الكاتب: علي نور الدين