55 عاماً على انطلاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي عرفها كيان الاحتلال بالعمليات النوعية من اختطاف طائرات وصولاً الى قتل وزير سياحة الاحتلال رحبعام زئيفي عام 2001، ولا تزال الجبهة الشعبية “انطلاقتها مقاومة”، وقد توسّعت وتمددت حسب المتغيرات في الساحة الإقليمية والساحة الفلسطينية منذ ستينيات القرن الماضي الى اليوم.
وحول علاقة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين مع محور القدس والجمهورية الإسلامية الإيرانية، ودورها على الساحة الفلسطينية، يتحدّث مسؤولها في لبنان مروان عبد العال لموقع “الخنادق”.
الشهيد سليماني ساهم في إعادة بنية الجبهة الشعبية
نحن نعتبر أن هناك إضافة مهمة حصلت لم تكن موجودة في السابق، رغم أن المقاومة موجودة منذ أكثر من 130 عاماً ضد المشاريع الغربية قبل قيام كيان الاحتلال، لكن كان تأسيس محور المقاومة يمثّل تشكيل أول جبهة موحّدة ضد الاحتلال وممتدة في أكثر من مكان، وهناك عملية بناء، ورموز قدّمت أرواحها لأجل بناء هذا المحور ولها بصمات كبيرة سواء في فلسطين أو غيرها، مثل الشهيد القائد قاسم سليماني. لا شك أن هذه الشخصية تمثّل رمزية هذا المحور وخاصة بالطريقة التي اغتيل فيها.
وأكّد “عبد العال” أن بصمات الشهيد سليماني، كانت في “إعادة بناء الجبهة الشعبية، الجبهة الشعبية بالأساس هي تنظيم مقاوم ودفعت أثمان كبيرة، الاحتلال كان يراهن على سحقها منذ أن انطلقت وحتى الضباط الإسرائيليين كانوا يقولون في لقاءات عديدة مع أسرى الجبهة الشعبية في السجون أن هذا التنظيم كلما نهض يجب أن يُضرب، ولاحظنا في مسيرتها الكفاحية، في اغتيال القيادات لا سيما الأمين العام الأوّل، أبو علي مصطفى، أو حصار الجبهة الشعبية أو عملية المطاردة لعناصرها، وصلت الجبهة الشعبية الى مرحلة كانت تحتاج فيها الى أن تتنفس، كانت محاصرة، وما قامت به الجمهورية الإسلامية في إيران والدور الذي لعبه الشهيد سليماني كان هو استعادة بنية الجبهة الشعبية وبنية المقاومة”.
واعتبر “عبد العال” أنه “عندما تزاوجت فكرة روح المقاومة القائمة والمستمدة من روح الشعب الفلسطيني مع قيادة جادة وشخص بمواصفات الحاج قاسم، فإن هذا ترك أثراً كبيراً وكان محل تقدير، وحين تُرفع صوره في غزّة، فهذا لأننا نعتبره واحداً من مقاتلينا ضد الامبريالية والصهيونية ووحداً من الرموز، نحن تعودنا على الرموز بجنسيات متعددة، فالجبهة الشعبية شارك فيها من آمن بالقضية الفلسطينية، وحملنا شعار من يقاتل من أجل فلسطين فهو جدير بفلسطين، وقاسم سليماني هو جدير بفلسطين”.
رفعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وجناحها العسكري “كتائب الشهيد أبو علي مصطفى” في أكثر من مناسبة، وخاصة في المسير العسكري في قطاع غزّة بعد معركة “سيف القدس” في أيار / مايو عام 2021 صور الشهيد سليماني وصور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله.
وتابع “عبد العال” أن “الجبهة الشعبية واحدة من فصائل المقاومة الفلسطينية وتعتبر عملياً جزء من استراتيجية دعم المقاومة التي عمل بها محور القدس والشهيد قاسم سليماني، وأن يؤمّن لها كل أشكال الدعم خاصة الذي تحتاجه وهو لا يقتصر على المال، بل أيضاً توفير أدوات المقاومة وامكانيات علمية أيضاً، بالإضافة الى الخبرات الجديدة، ورفع كفاءة عناصر وكوادر العمل المسلّح لدى الجبهة الشعبية”.
على مستوى التنسيق والتواصل مع محور المقاومة، شدّد “عبد العال” أنه “عندما قلنا إن معركة سيف القدس أسست لمرحلة جديدة، فإننا نقصد أيضاً أن دعم محور المقاومة ساهم بشكل كبير في الصمود خلالها. وعلى الرغم من أن قرار المعركة كان قراراً وطنياً صيغ ارتباطاً بالقدس تحديداً، ولكنّه لم يكن معزولاً عن باقي أطراف المحور. لم نطالب المحور أن يعمل على إيقاع ونغمة واحدة، لكل طرف الإيقاع الخاص به لتشكيل الدعم، وهذا شكل من أشكال التكامل”.
الضفة.. نحو مقاومة أكثر تنظيماً
شدّد “عبد العال” على أنّ “الجبهة الشعبية لم تغب، بل مرت بمراحل كفاحية، عندما كانت العمليات من الخارج الى الداخل، كانت تلك مرحلة محددة ولها ظروفها السياسية التي رافقتها، كنا نقوم بالعمليات لنؤجّج في أرواح كل الذين يبحثون عن الحرية في العالم ولدى الشعب الفلسطيني فكرة الصدام مع الاحتلال، لكن عندما ولدت الانتفاضة في الداخل وانتقل مركز المواجهة الى الداخل اختلفت الأمور وأشكال النضال وعلى سبيل المثال المقاومة الشعبية “.
في الضفة الغربية حيث تتنامى مجموعات المقاومة في مختلف المناطق ولا سيما في الشمال، فقد أكّد “عبد العال” أن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هي “شريكة في المقاومة، وتتقاسم الرصاصة مع باقي الفصائل وقد سقط لنا شهيد في الأسبوع الماضي مخيم الدهيشة عمر المنّاع (حراس المخيم)، ولنا في “عرين الأسود” تامر الكيلاني”، لافتاً الى أن الجبهة الشعبية تؤمن بـ ” إدامة الاشتباك مع هذا العدو وتوسيع رقعة المواجهات معه”.
وعبّر “عبد العال” عن رأي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في “تشكيل حاضنة لهؤلاء الشباب المقاومون في الضفة الغربية دون مصادرة دورهم، وأن لا تبقى حالة المقاومة المتصاعدة في إطار العفوية، وما يشغل الجبهة الشعبية هو الارتقاء بالعمل العفوي الى العمل الأكثر تنظيماً”.
غزّة.. الدفاع في أيّ عدوان هو واجبنا
أمّا في غزّة، فقد أجاب “عبد العال” على إشكالية استفراد كيان الاحتلال بحركة الجهاد الإسلامي في العدوان الأخير، معتبراً أن الجبهة الشعبية تؤمن بفكرة جبهة المقاومة الموحدة التي تدير الحرب على صعيد كل فلسطين، لكنها في الوقت نفسه، لا تلزم نفسها بأي إيقاع سياسي ما ظروف محددة أو طلبات دولية.
وأوضح “رأينا أنه كان من واجبنا ان نكون الى جانب حركة الجهاد الإسلامي، والى جانب أي فلسطيني يتعرّض للاعتداء من الاحتلال، نحن لا ندخل في منافسة من يأخذ قرار الحرب، فإن لحظة العدوان الإسرائيلي ليس توقيتاً مناسباً، الاحتلال هو الاعتداء الأول والأخير، وهو الذي بدأ الحرب بالاغتيال ومن الطبيعي أن ندافع عن أنفسنا وأن نكون شركاء في هذه المعركة، ولا نريد لأي فصيل ان يكون وحيداً في أي مواجهة تُفرض مع الاحتلال”. ولفت الى أنه “لا يجب أن لا نترك مساحةً يخترقها العدو للتعامل مع كل فصيل وحده وأن ينفذ من خلالها الى قلب جبهة المقاومة”.
الأمين العام أسيراً!
تتميّز الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بأن أمينها العام أحمد سعدات هو أسير وبل من عمداء الاسرى في سجون الاحتلال، اذ اعتقل منذ العام 2001، لكنّ “وجوده في السجون مقاومة يومية، وهو ليس وحيداً، فدد كبير من قادة الجبهة الشعبية هم داخل السجون، وهم من المفكرين الذين يصنعون قرارات الجبهة”، حسب ما قال “عبد العال”.
وأضاف “جددنا الثقة للأمين العام في المؤتمر الثامن الأخير وهو لا يزال أسيراً، لو وجدنا أن هناك عقبة في كونه أسير كنّا اتخذنا قراراً تنظيمياً آخر، لكن وجوده ورمزيته وإضافته للمعنوية لم يحجبها السجن، والجبهة الشعبية ليست بعيدة عنه وتصلنا آراءه وأفكاره بغض النظر عن الطريقة، لكنها تشكّل دائما دليلاً العمل والقيادة تتكامل وليست محصورة في فرد. وبالنظر لأن فلسطين محتلة فمن لا يتوقع أن يكون قادته في السجون أو شهداء”.
وقد أحيت الجبهة الشعبية الذكرى الـ 55 لانطلاقتها عبر تنظيم احتفالات مركزية وفرعية في جميع الأقسام في سجون الاحتلال (مجدو وعوفر والنقب وريمون ونفحة).
تحرير فلسطين ممكن أكثر من أي وقت مضى
ختم “عبد العال” حول تطورات المرحلة وتحرير فلسطين أن “الجبهة الشعبية سألت منذ انطلاقتها، هل من المستحيل تحرير فلسطين أم أنه يمكن؟ اليوم، بعد 55 عاماً، وأمام تعاظم دور المقاومة والشعب الفلسطيني والصدى العربي والعالمي حول وحشية هذا الاحتلال، نحن نرى أن تحرير فلسطين ممكناً واليوم أكثر من أي وقت مضى”. وذكّر بأن “محكمة” الاحتلال أصدرت حكماً بالسجن على الأمين العام سعدات 30 عاماً، لكن هل ستكون إسرائيل موجودة بعد 30 عاماً”؟
الكاتب: مروة ناصر