أثارت المواقف الصينية مؤخراً، التي صدرت خلال زيارة الرئيس الصيني “شي جين بينغ” الى السعودية منذ أيام، الكثير من اللغط حول أسبابها وحقيقتها لدى البعض، والكثير من الشماتة غير المفهومة من البعض الآخر. فيما حقيقة هذه المواقف قد لا تكون سوى غيمة صيف عابرة في نظام عالمي جديد يولد. وهذا ما يمكن تقديره بعد التصريحات التي صدرت، عقب لقاء رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد إبراهيم رئيسي بنائب رئيس الوزراء الصيني “هو تشون هوا”.
وقد أشار السيد رئيسي بعد اللقاء، إلى أن بعض المواقف التي أثيرت خلال زيارة الرئيس الصيني الأخيرة للمنطقة، تسببت في استياء وتذمر الشعب والحكومة في إيران. فيما صرّح تشون هوا، بأن بلاده تحترم دائماً سيادة إيران الوطنية وسلامة أراضيها، وتدعم جهود إيران لتأمين مصالحها الأساسية. وكان قد سبق لتشون هوا أن صرح قبل اللقاء أيضاً، بأن عزم بلاده على تعزيز العلاقات الاستراتيجية الشاملة مع إيران لن يتغير أبداً. وبأن الصين تدعم السيادة الوطنية وسلامة أراضي إيران وشرفها الوطني ومكافحتها للتدخل الأجنبي. مشيراً إلى أنه في هذا المجال، يتعين على الجانبين دعم بعضهما البعض بشكل حاسم، وتعزيز التعاون والتنسيق فيما بينهما في مجال مكافحة الإرهاب.
تعزيز للشراكة الاستراتيجية من خلال 16 محور جديد للتعاون الاقتصادي
وفي إشارة إلى خطة التعاون والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي تبلغ مدتها 25 عاماً، قال تشون هوا بأن هذه الإنجازات مهمة وإيجابية للجانبين، وهي نتيجة لجهود مشتركة. مبيّناً بأن بكين ترغب في تعزيز تعاونها وتنسيقها مع طهران، حتى تستمر عملية تطوير العلاقات بين البلدين.
وسرعان ما تأكدت هذه النوايا المشتركة، من خلال اتفاق وفود رفيعة المستوى من الطرفين، على 16 محوراً جديداً للتعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية.
كما كشف وزير الاقتصاد الإيراني “إحسان خاندوزي” عقب لقاءات اللجان المشتركة لتنفيذ التحالف الإستراتيجي، بأن البلدين رغم الضغوطات والعقوبات، قد حققا زيادة بنسبة 20٪ تقريبًا في مجال التجارة، متوقعاً أن تكون النسبة في العام 2023 أعلى بكثير من الوضع الحالي.
آراء مختلفة حول حقيقة الموقف الصيني
_ اعتبر بعض الخبراء والمحللين في مجال العلاقات الدولية، أن المواقف الصينية قد تكون مجرد استرضاء صيني للدول الخليجية، في سعي من بكين لتعزيز ما أقدمت عليه هذه الدول من خطوة لافتة بكل المعايير، ضد مصالح الإدارة الأمريكية.
ومن المهم الإشارة هنا، إلى أن حجم الاستثمارات الصينية في إيران، يتجاوز الـ 300 مليار دولار أمريكي. بالإضافة إلى أن الجمهورية الإسلامية تعد عقدة وصل مهمة للمسارين البري والبحري ضمن مشروع حزام وطرق الاستراتيجي الصيني.
ولذلك هي حرصت وما زالت، على تنمية شراكات متعاظمة مع مختلف الدول في هذه المنطقة، بمعزل عن صراعاتهم وخلافاتهم، لأن من مصلحتها الاستقرار، بعكس مصالح الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تتحقق إلا بالمشاكل والصراعات والحروب.
_ هناك بعض الآراء التي تحدثت عن وجود رضا أمريكي ربما (خاصةً من الدولة العميقة في واشنطن)، لمثل هكذا تقارب صيني خليجي، لإبعاد الصين رويداً رويداً عن إيران، ومنع تشكل حلف ثلاثي قوي بين كلا الدولتين وروسيا، لأن العكس سيصعّب المواجهة على الأمريكيين ضد هذه التهديدات الاستراتيجية حتماً الى درجة الاستحالة.
الكاتب: غرفة التحرير