تُطلق الحركة الصهيونية على نفسها اسم “الصهيونية العالمية”، علماً أن الصهيونية ظاهرة أميركية، وذلك لسببين: الأول أن الولايات المتحدة تضم أكبر وأقوى جماعة يهودية في العالم، والثاني أن الولايات المتحدة نفسها هي الراعي للكيان المؤقت. ومن المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة، هناك الاتحاد الصهيوني الأميركي وهو المظلة التنظيمية التي تضم كل المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة، وقد تم تأسيسه عام 1970 بناءً على قرار صادر عن المؤتمر الصهيوني الـ27 في عام 1968 ويدعو إلى تقوية الحركة الصهيونية من خلال إنشاء منظمات أو اتحادات صهيونية قطرية في جميع بلاد العالم.
الاتحاد الصهيوني الأميركي يساند المجهودات الصهيونية في ميادين الشؤون الطائفية والعامة والتعليم والشباب والهجرة إلى “إسرائيل” ويعمل على تنمية ما يُسمى “الثقافة اليهودية” بين عناصر الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة، وعلى تعزيز التزامهم بالأهداف الصهيونية. كما يعمل على التوجه والتفاعل مع المجتمع الأميركي غير اليهودي للدعاية للكيان المؤقت، وتأكيد الانسجام والتطابق بين المصالح الأميركية والإسرائيلية، والرد بشكل فعال على النقد الموجه للكيان المؤقت، كما يقوم بتوجيه أعضائه من خلال الحملات الإعلامية فيما يتعلق بالقضايا التي تمس الكيان المؤقت أو الصهيونية.
يعاني الاتحاد الصهيوني الأميركي، كغيره من التنظيمات الصهيونية الأميركية، من تدهور أهميته وفعاليته بشكل عام، حيث أنه لم يَعُد هناك أيُّ تمييز حقيقي بين المنظمات الصهيونية وغير الصهيونية في الولايات المتحدة، بل أن الأخيرة تتمتع بخبرة تنظيمية أكبر وقاعدة جماهيرية أوسع، ولذا أصبحت هي التي تقوم بالدعاية للكيان المؤقت والدفاع عنه وجمع المال له والضغط من أجله، ذلك إلى جانب تآكل شرعية الصهاينة التوطنيين بسبب عدم هجرتهم إلى “إسرائيل” وما يدور حول ماهية الصهيونية وتآكل الفكر الصهيوني بوجه عام.
الاتحاد الصهيوني الأميركي منظمة معفاة من الضرائب وتضم 16 منظمة صهيونية في الولايات المتحدة والحركات الشبابية المنبثقة عنها، وعضوية الاتحاد الصهيونية مفتوحة أيضاً للمنظمات والمؤسسات اليهودية غير الصهيونية. وهذا يدخل ضمن مجموعتين إضافتين من الأعضاء: أولاً، المنظمات المنتسبة التي تقبل ما يُسمى “برنامج القدس” (سنكتب عنه لاحقاً) مع أن أعضاءها ليسوا بالضرورة من الصهاينة، ثانياً، المنظمات ذات الصلة بالاتحاد، وهي مؤسسات قومية تعنى برعاية صهيونية، وقد كانت دوماً تربطها علاقة فعلية بالحركة الصهيونية وفي العام 1983، قدّر الاتحاد حجم عضويته بأكثر من مليون عضو.
الجدير بالذكر، أن الاتحاد الصهيوني الأميركي ومنذ شباط/فبراير 1993 أتخذ اسماً جديداً هو “الحركة الصهيونية الأميركية” وهذا الاسم لم يؤد إلا إلى المزيد من الغموض والتعمية، لأن كلمة “حركة” في كل الأدبيات السياسية لا تشير الى تنظيم إقليمي بعينه.
والى جانب الحركة الصهيونية الأميركية، وجدت منظمة صهيونية أميركية تأسست عام 1898 باسم اتحاد الصهاينة الأميركيين، وذلك في أعقاب المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897، وقد انتخب ريتشارد غوتهيل والحاخام ستيفن وايز سكرتيراً شرفياً. وقد وُلدت المنظمة ضعيفة وهزيلة ووجدت صعوبة في فرض سلطتها المركزية على المجموعات الصهيونية المنتمية لها، وذلك نتيجة الخلافات التي نشأت بين القيادة المنتمية إلى البورجوازية اليهودية المتأمركة ذات الأصول الألمانية والقاعدة التي تألفت من المهاجرين اليهود الفقراء القادمين من شرق أوروبا ذوي الثقافة اليديشية.
ومع قيام الحرب العالمية الأولى، انتقل مركز النشاط اليهودي إلى الولايات المتحدة وتم تأسيس اللجنة التنفيذية العامة المؤقتة للشؤون الصهيونية عام 1914 تحت رئاسة لويس برانديز التي تولَّت الجانب الأكبر من النشاط الصهيوني في الولايات المتحدة خلال فترة الحرب. ومع انتهاء الحرب، تقرر دمج هذه اللجنة مع اتحاد الصهاينة الاميركيين لتأسيس المنظمة الصهيونية الأميركية تحت رئاسة لويس برانديز الشرفية لتكون منظمة مركزية يهيمن عليها مكتب قومي وتعتمد على العضوية الفردية. وقد رأى برانديز أن الدور الأساسي للمنظمة هو جمع المال من خلال جذب رؤوس الأموال الخاصة لتمويل مشاريع معينة في فلسطين، كما تشكَّك في مدى فعالية إنشاء الصندوق التأسيسي اليهودي الذي كانت القيادات الصهيونية الأوروبية وعلى رأسهم حاييم وايزمان يفضلونه. وقد أدى هذا الخلاف، إلى جانب خلافه الفكري مع وايزمان مفهوم الصهيونية، إلى انسحاب برانديز ومناصريه من المنظمة خلال مؤتمر المنظمة عام 1921. وقد ركزت المنظمة اهتمامها بعد ذلك في جمع المال وإن لم تحرز نجاحاً ملحوظاً في ذلك، علماً بأنها منظمة معفاة من الضرائب، كما أنها تصدر مجلة فصلية ونشرة أسبوعية إعلامية.
ولكن تضاءلت أهمية المنظمة الصهيونية الأميركية بعد تأسيس الكيان المؤقت. يتحدد دورها الآن في الدفاع عن الكيان المؤقت، وكانت تتبنى هذه المنظمة سياسات تحالف الليكود. وتتمسك بالسياسة الإسرائيلية الرسمية، وتحاول تركيز نشاطها في جباية الأموال للكيان المؤقت والدعاية لها والضغط من أجلها في الولايات المتحدة. وهي ترصد نشاطات الكونغرس الأميركي والبيت الأبيض.
الجدير بالإشارة، أنه لم يعُد هناك ما يُميز المنظمات الصهيونية عن المنظمات غير الصهيونية من حيث العمل من أجل الكيان المؤقت والدعاية له وجباية الأموال والضغط من أجله، بل أن المنظمات غير الصهيونية، التي تتمتع بخبرة تنظيمية أكبر وقاعدة جماهيرية أوسع، تقوم بهذا الدور بقدر أكبر من الكفاءة والفعالية.
الكاتب: نسيب شمس