في إطار فرض “السيطرة” على كامل القدس المحتلّة وتطويق المسجد الأقصى وتحقيق تفوّق ديموغرافي يهودي مقابل الشعب الفلسطيني، يسعى الاحتلال بشتّى الطرق للاستيلاء على الأراضي والمساحات في بلدات وأحياء القدس. وهو أيضاً ما يقع على رأس أولويات اليمين المتطرّف الذي سمحت له نتائج انتخابات “الكنيست” الأخيرة مطلع شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي بالوصول الى حقائب وزارية منها الأمن الداخلي كما السيطرة على مفاصل الوزرات الأخرى التي ستُستغل من أجل تنفيذ مخططات التوسّع الاستيطاني والتهويد.
إطلالة الأقصى بـ “شيك مفتوح”!
يقدّم الاحتلال في القدس المحتلّة، إغراءات متنوعّة للمقدسيين أصحاب الأراضي والبيوت الجيوستراتيجية التي تقع بمحاذاة المسجد الأقصى. إن منزل المقدسية مريم أبو نجمة الذي يتألف من غرفتين بمساحته 20 متراً فقط لكنه بمحاذاة الباب “المطهرة” ولا يبعد عن المسجد الأقصى سوى 5 خطوات سيراً على الأقدام كان محط أطماع الاحتلال وجمعياته الاستيطانية التي عرضت على “أبو نجمة” شيكاً مفتوحاً مقابل التخلي عن المنزل لكنها رفضت.
على الرغم من أن منزل “أم محمد” بسيط من حيث العمارة فهو لم يُبنى وفقاً لهندسة الحداثة وصغير في المساحة، الا أنه يكتسب قيمته المعنوية والمادية بسبب إطلالته الفريدة على المسجد الأقصى، اذ تظهر قبة المسجد الذهبية بشكل واضح جداً من نافدة المطبخ ما يدّل على قربه الكبير من الأقصى. فكان هدفاً لجماعات الاستيطان التي رشت “ام محمد” بمبلغ وصل الى 200 مليون دولار لكنّ المقدسية رفضت وقالت “لو دفعوا كل فلوس الدنيا لن أتنازل عن بيتي”.
100 مليون دولار من أجل عقارين في الخليل!
توفى في الأسبوع الماضي “صاحب أغلى بيت في فلسطين” (عبد الرؤوف المحتسب)، فقد حاولت جمعيات الاستيطان رشوته بملبغ بدأ بـ 6 مليون دولار أمريكي، ثمّ تصاعد الى 40 مليون دولار ليصل الى 100 مليون دولار مقابل منزله ومتجره في البلدة القديمة بمدينة الخليل. شملت اغراءات الاحتلال، عرضاً لـ “المحتسب” بتأمين سفر له الى استراليا أو ايّ بلد آخر يختاره بنفسه.
يتواجد كلّ المنزل والمتجر اللذين تبلغ مساحتهما 700 متر مربع قرب المسجد الابراهيمي، اذ لا يفصل بين العقارين والحرم سوى حاجز واحد فقط للجيش. حيث يسعى الاحتلال الى بسط سيطرته على محيط الحرم الابراهيمي من أجل إبعاد الفلسطينيين.
لكنّ الراحل “المحتسب” دائما ما رفض التخلي عن عقاراته لصالح المستوطنين والاحتلال، قائلاً “سأرفض كلَّ أموال الأرض، ولن أخون أرضي أو شعبي، المال جيد، لكن فقط عندما يكون نظيفًا”. وقد نعته هيئة مقاومة الجدار ووصفته بأنه “أيقونة المقاومة والتحدي والصمود والرباط في البلدة القديمة في مدينة الخليل”، وأضاف “أنا مواليد 1958 وهم أتوا إلى الخليل في 1967، أنا أقدم منهم هنا”.
تعرّض “المحتسب” لاعتداءات المستوطنين وجنود الاحتلال الذين كسّروا متجره عشرات المرات من بينها حين رفض أن يدخله أعضاء من “الكنيست”. وكان يضطر في الكثير من الأحيان أن يجوب شوارع الخليل حاملاً بضاعته على ظهره حين يمنع الاحتلال من أن يستقّل سيارة للوصول الى المتجر وذلك. كما عانى أبناؤه أيضاً من تضييق الاحتلال. كنوع من الضغط عليه وجرّه نحو التنازل والبيع.
كذلك يحاول الاحتلال توسيع استيطانه في الخليل لأهميتها كمركز لجنوب الضفة الغربية المحتلّة ثمّ من أجل موقعها. فالخليل تقع الخليل على بُعد 35 كليو متراً الى جنوب القدس المحتلّة، وعلى بُعد 46 كيلو متر من غرب نهر الأردن. يربطها طريق رئيسي بمدينتي بيت لحم والقدس، كما تعتبر وسط فلسطين وتربط عبر طرقها الشام بمصر مروراً بسيناء.