تعيش القدس المحتلّة تهويداً جديداً تفرضه المناسبة اليهودية التي تسمى بـ “حانوكا” أو “عيد الأنوار”، وهي المناسبة الأولى بعد صعود اليمين المتطرّف منذ انتخابات “الكنيست” أول شهر تشرين الثاني / نوفمبر الماضي. وسيستغل اليمين المتطرّف هذه المناسبة في محاولة لفرض أجنداتهم الجديدة على المسجد الأقصى ضمن برامجهم في الحكومة المقبلة التي تضع “السيطرة على القدس” والتوسّع الاستيطاني على رأس الأولويات.
تحت ذريعة هذه المناسبة، يستمر عشرات المستوطنين باقتحام المسجد الأقصى وباحاته وأبوابه، خاصة في الفترات الصباحية والمسائية وسط “حراسة” من جيش الاحتلال، اذ عند كل مناسبة تهويدية تتحوّل القدس المحتلّة الى ثكنة عسكرية لتمريرها، ويتجاوز عدد الجنود عدد المستوطنين. ويعتدي جيش الاحتلال على المصلين والمرابطين الفلسطينيين في المسجد الأقصى ويمنعهم من الدخول في بعض الأحيان. وكانت “منظمات الهيكل” المتطرفة ومنظمات صهيونية أخرى قد دعت الى توسيع الاقتحامات خلال هذه المناسبة.
ما هو “الحانوكا”؟
“الحانوكا” كلمة عبرية تعني “التدشين”، يدعي الصهاينة خلال هذه المناسبة إحياء ذكرى “تدشين وبناء الهيكل الثاني” المزعوم في القدس المحتلّة. هذه المناسبة ليس لها مصدر أو أصول وليست من “الأعياد” المذكورة في التوراة إنما هي مناسبة شعبية ارتبطت بالحروب التي خاضها اليهود وزعم عودتهم الى القدس المحتلّة (“انتصار أبناء الحشمونيين – الدولة اليهودية الثانية المزعومة – في ثورتهم ضدّ الإغريق خلال فترة الهيكل الثّاني في العام 164 قبل الميلاد”).
تتزامن هذه المناسبة هذا العام، مع أيام من 18 ولغاية 26 من ديسمبر/كانون الأول الجاري حسب التقويم الميلادي، وعلى مدار 8 أيام يتم إضاءة شمعدانة من 8 شمعات، كل ليلة شمعة على التوالي. وذلك بالاستناد الى الروايات التضليلية، اذ يُزعم أن كمية من الزيت لاشعال شمعدان، والتي كانت من المفترض أن تكفي لإضاءة الشموع ليوم واحد فقط، أنها استمرت وغطّت 8 أيام متواصلة!
الى جانب إشعال الشموع يمارس المستوطنون طقوساً تهويدية منها أداء صلوات تلمودية خاصة عند “حائط البراق”، وأداء الانبطاح والرقصات بالإضافة الى إشعال الشمعدانات الكهربائية في الساحات والمباني ويرفعون “أعلام” الاحتلال.
شارك عضو “الكنيست” ايتمار بن غفير في طقوس هذه المناسبة، كما حضر أيضاً وزير حرب الاحتلال بيني غانتس والسفير الأمريكي لدى كيان الاحتلال توم نيدس لأداء هذه الطقوس.
يستغل الاحتلال فترات “الأعياد” المزعومة من أجل تمرير طقوسه التهويدية، وفرض التقسيم الزماني والمكاني في القدس المحتلّة والمسجد الأقصى، والتضييق والاعتداء على المرابطين والمصلين واستفزاز مشاعر الشعب الفلسطيني. وتحقيق صورة شكلية من “السيطرة الإسرائيلية” على كامل القدس المحتلّة.
في المقابل، تستمر الدعوات الفلسطينية المقدسية والشعبية والفصائلية للحشد في المسجد الأقصى و”شد الرحال” اليه من كل المناطق لصدّ اقتحامات المستوطنين ومواجهة التهويد ومنع تمرير “الأعياد” وطقوسها. وفي هذا السياق دعت حركة المقاومة الإسلامية حماس “للنفير والرباط” في الأقصى منذ اليوم الأوّل للمناسبة.
كما يطلق نشطاء فلسطينيون وإعلاميون حملات الكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي تحت هاشتاغ #الاقصى_في_خطر و#اغضب_للأقصى من أجل فضح مزاعم الاحتلال وكشف حقيقة ما يجري في القدس والمسجد الأقصى.
لكنّ مع صعود اليمين المتطرّف فإن المرحلة المقبلة ستحمل التحديات في الساحة الفلسطينية لمنع تنفيذ هذه المخططات التهويدية.
الكاتب: غرفة التحرير