خرجت بأمر من أبو خالد محمد الضيف، وبدأنا العملَ وخطونا خطوتِنا الأولى بإشرافِ ومساعدةِ ثلة من القادة، أمثال الشهيد عدنان الغول، والشهيدِ سهيل أبو نحل، والقائد محمد السنوار، وغيرهم الكثير، وسرنا متوكلين على الله في طريق محفوفة بالمخاطر، لا نمتلك سوى قليل من المتفجرات، ومبلغ من الدولارات لا يتجاوز الألف دولار دين”. هذا ما قاله في 5/1/2023 الأسير القائد حسن سلامة الذي كان “بطل” عمليات “الثأر المقدّس” للشهيد القائد في كتائب القسّام ورمز المقاومة المهندس يحيى عيّاش.
أطلقت كتائب القسّام وعدها إثر اغتيال الاحتلال للقائد عيّاش عبر تفخيخ هاتف محمول في غزّة بأن الرّد “سيكون مؤلماً وسريعاً”، وبدأت بتشكيل الخلايا العسكرية أشرف عليها مباشر القائد العام للكتائب “محمد الضيف” الذي تولى أيضاً مسؤولية تأمين التمويل المالي اللازم لتنفيذ العمليات، فيما تكلّف أشخاص آخرون بمهمات نقل المواد المتفجرة من غزّة الى الضفّة الغربية، وكان ذلك يتطلّب مراحل الرصد الليلي والاستطلاع المتواصل وتجاوز إجراءات الاحتلال الأمنية والسياج الفاصل.
وكان القائد حسن سلامة قد طلب أن يكون أحد الاستشهاديين الذين سينفذون العمليات الاستشهادية ردًّا على اغتيال عيّاش، إلا أن قيادة كتائب القسّام أوكلت الى سلامة مهمة التخطيط والاشراف الميداني على سلسلة عمليات الرّد.
استطاع سلامة تنفيذ 3 عمليات أدت الى مقتل 46 اسرائيلياً وإصابة العشرات. وذلك بعد 40 يوماً فقط من استشهاد العيّاش. وقد أسس سلامة لها “مجموعة القدس” التي ضمّت الشباب الاستشهاديين.
_ العملية الأولى، استهدف الاستشهادي مجدي أبو وردة مكان تجمّع الجنود لانتظار الحافلات التي تنقلهم الى الثكنات العسكرية، في القدس المحتلة بتاريخ 25 /2/ 1996.
_ العملية الثانية، جاءت بعد ساعات فقط من الأولى، اذ استهدف الاستشهادي إبراهيم السراحنة حافلة تنقل الجنود الى مواقع خدمتهم العسكرية، في القدس أيضاً.
_ العملية الثالثة، نفذها الاستشهادي رائد الشغنوبي بعد حوالي الأسبوع من العمليتين السابقتين وفي المكان نفسه التي نفّذت فيه العملية الثانية.
أكّدت هذه العمليات الثلاث على قراءة القائد سلامة الصحيحة لتحركات الاحتلال وعقليته، اذ انه اختار يوم الأحد تحديداً والنقطة 18 في القدس المحتلّة لمعرفته بكثافة الجنود، وشدّد على تنفيذ العملية الثالثة في النقطة نفسها لإدراكه أن الاحتلال لن يتوقع عمليتين في المكان نفسه في هذه المدة الزمنية القصيرة، كما أراد القائد سلامة تحقيق ضربة نوعية للاحتلال من خلال تحدي الإجراءات الأمنية التي فرضها الاحتلال بعد العملية الأولى عند النقطة 18.
هذا يفسّر لماذا اختارت قيادة القسّام القائد سلامة لتسّلّم مهمات الرّد، الى جانب سيرته الجهادية أيضاً.
سيرة الأسير القائد سلامة
ولد حسن سلامة يوم 9 أغسطس/آب 1971 في خانيونس في قطاع غزّة. كان من أوائل الذين شاركوا في فعاليات الانتفاضة الأولى عام 1987 ملتحقاً بحركة المقاومة الإسلامية حماس. وقد تدرّج فيها الى أن انخرط في الصفوف العسكرية في كتائب الشهيد عز الدين القسّام.
تعرّض على خلفية نشاطاته في الحركة للاعتقال عدّة مرّات. الأولى في تشرين الأول / أكتوبر عام 1988 وحينها قضى 6 أشهر في الاعتقال الإداري في سجن “النقب”. والثانية في أيار / مايو من العام 1989. المرة الثالثة في كانون الأول / ديسمبر من العام 1990. والمرة الرابعة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1991. والمرة الخامسة في آذار/ مارس عام 1992.
انضم القائد سلامة إلى وحدة “الصاعقة الإسلامية” في حركة حماس، والتي كانت تختص بملاحقة العملاء والمتعاونين مع الاحتلال في قطاع غزّة، وكان مسؤولاً عن مجموعتها في خانيونس.
كما عمل مباشرةً مع القائد محمد الضيف. وفي تلك الفترة توطدت علاقته بالمهندس عيّاش. وقد كان القائد سلامة المسؤول عن التخطيط لعملية الاستشهادي معاوية روكة التي طالت موقعاً عسكرياً للاحتلال في خانيونس ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات بين صفوف الجنود.
عاد الاحتلال الى مطاردته، فخرج من فلسطين المحتلّة مستغلاً هذه الفترة في التدريبات العسكرية في عدّة دول منها سوريا وإيران. ثمّ عاد الى غزّة بموجب مقررات “اتفاق أوسلو” لكنّ السلطة الفلسطينية اعتقلت القائد سلامة لمدّة 6 شهور.
بعد عامين، انتقل القائد سلامة الى الضفة الغربية المحتلّة حيث تابع عمله العسكري الجهادي انطلاقاً من مدينة الخليل، فشارك في تشكيل مجموعات جهادية تابعة لكتائب القسّام. واستمر الاحتلال بمطاردته، وبتاريخ 1996/5/17 نصب الجيش حاجزاً مفاجأً في الخليل، تمكن الشهيد من اكتشاف الحاجز ومحاولة الهرب، لكن الجنود أطلقوا النار فأصيب القائد سلامة وتم اعتقاله.
حكم عليه الاحتلال بالمؤبد 48 مرة، بعد عامين على اعتقاله، وضعه الاحتلال في عزل انفرادي دام 13 سنة، ولم ينتهَ الا بعد أن خاض الأسير سلامة معركة الإضراب عام 2012، وقد رفض الاحتلال إطلاق سراحه خلال صفقة التبادل عام 2011.
تجدر الإشارة الى أن الأسير القائد حسن سلامة أصدر كتابة “حافلات تحترق” مطلع شهر كانون الثاني / يناير الجاري، وفيه كشف الأسير للمرّة الاولى عن أسرار عمليات “الثأر المقدس” وكواليس عمل كتائب القسّام.
الكاتب: غرفة التحرير