بعدما وصلت العلاقات السعودية الأمريكية إلى أدناها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، أسقطت الولايات المتحدة تهديداتها بالانتقام من مملكة آل سعود، حيث أشار مسؤولون إلى بوادر على تحسن التعاون بين البلدين في الأسابيع الأخيرة مع انخفاض أسعار البنزين في الولايات المتحدة، ونتائج انتخابات التجديد النصفي للديمقراطيين التي جاءت أفضل من المتوقع، وتزايد المخاوف بشأن إيران من خلاف طويل الأمد امتد إلى العلن عندما رفض السعوديون طلبات البيت الأبيض لتأجيل خفض الإنتاج. أثار قرار الإنتاج مخاوف التضخم قبل شهر واحد فقط من الانتخابات النصفية، وتعهد الرئيس بايدن بالعمل مع الكونجرس لفرض “عواقب” غير محددة على المملكة العربية السعودية.
التعاون الأمني والعسكري
الآن، يقول مسؤولو إدارة بايدن إنه لا توجد خطط لمتابعة هذا التهديد. وبدلاً من ذلك، يقول مسؤولون من كلا البلدين إنهم يمضون قدمًا في مشاريع عسكرية واستخباراتية جديدة وجهود حساسة لاحتواء إيران وسط جهود متعثرة لإحياء الاتفاق النووي الدولي مع طهران. والجدير ذكره أن التعاون العسكري والاستخباري المستمر ضد إيران في فترة الاضطرابات ساعد في الحفاظ على العلاقة السياسية بين البلدين. وبحسب وول ستريت جورنال، تعمل الولايات المتحدة بشكل وثيق مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل ودول أخرى في الشرق الأوسط لتطوير أنظمة دفاع جوي منسقة جديدة وتوسيع التعاون في البحر لما يسمونه ردع إيران. إلا أن اعتماد الولايات المتحدة على علاقتها العسكرية مع المملكة العربية السعودية له حدود. خاصة أن الولايات المتحدة تتلكّأ في التزامات الحماية منذ 15 شهرًا.
القرار السعودي بشأن النفط
قال مسؤولون سعوديون إن خفض الإنتاج ضروري لاقتصادهم ورفضوا أي إشارة إلى أنهم يساعدون روسيا، التي خفضت الإنتاج أيضًا كجزء من تحالف يضم 23 دولة يعرف باسم أوبك +. في حين ارتفعت أسعار النفط بعد القرار، إلا أنها تراجعت في نهاية العام بسبب مخاوف الركود العالمي.
الرئيس التنفيذي لشركة بايونير للموارد الطبيعية في مؤتمر جولدمان ساكس في ميامي رجّح يوم الخميس 5 كانون الثاني/ يناير أن تخفّض أوبك إنتاج النفط مرة أخرى. وقال سكوت شيفيلد إنّ “السعودية لن تسمح لخام برنت بالبقاء عند 75 دولارًا للبرميل”، فالسعودية ترى أن السعر العادل هو 90$ للبرميل. مضيفًا أنه لن يفاجئه “إذا كان لديهم تخفيض آخر”.
ويعتقد شيفيلد أن العقود الآجلة للنفط ستبقى في حالة تخلف في المستقبل، لأنه “لا توجد سيولة في السوق”. قال شيفيلد: لا أحد يقوم بالتحوط، لذلك ليس هناك ما يدعو إلى طرح الأسعار الآجلة. ويرى أن 80$ للبرميل هو الأساس، مع ارتفاع وقدرُه 150 دولارًا.
إلى ذلك، لا تزال السعودية تواجه رد فعل عنيف من أعضاء الكونغرس الذين يريدون منع مبيعات الأسلحة الأمريكية في المستقبل. وبالتالي فإن جلسات الكونغرس لعام 2023 بمثابة عملية تأكيد على إعادة تقييم العلاقات بما يتناسب مع المطالب السعودية العسكرية والأمنية.
قال النائب شون كاستن الديموقراطي، وهو مؤلف مشارك لمشروع قانون تم تقديمه بعد خفض إنتاج النفط السعودي الذي كان من شأنه إزالة القوات الأمريكية والدفاعات الجوية من المملكة العربية السعودية، “إن الولايات المتحدة لا تزال بحاجة إلى إعادة تقييم العلاقة وتسريع دورنا في الطاقة النظيفة المنتجة محليًا”.
المصلحة أولًا
على الرغم من أن بايدن قد أسقط برنامجه الانتخابي وقيمه الديموقراطية بهدف الحفاظ على سعر النفط عام 2023، إلا أن الواقع أنّ أي تقارب ناشئ لا يبدو أنه يمتدّ بعد إلى صنع القرار السعودي بشأن النفط، الذي قال مسؤولو المملكة إنهم يصنعونه من أجل مصالحهم أولًا، لكن مع التأكيد على أن الولايات المتحدة ستظلّ الشريك الأمني الأكبر في المملكة، وهو الأمر الذي يُعتبر بالنسبة للأمريكيين خروجًا عن الفهم المستمر منذ عقود بأن الضمانات الأمنية الأمريكية ستضمن سعرًا منخفضًا نسبيًا للنفط الخام.
الكاتب: زينب عقيل