يبدو أن هنالك تطورات كبيرة، تشي بأن روسيا تستعد للإقدام على تحرك عسكري كبير، مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لعمليتها في أوكرانيا. وهذا ما تشير اليه التغييرات التي حصلت في قيادة العملية العسكرية، بالتزامن مع الأخبار عن سقوط مدينة سوليدار الاستراتيجية تحت سيطرة قواتها.
القيادة العسكرية الجديدة
وقد جاءت التغييرات الجديدة لقيادة القوات الروسية العاملة في أوكرانيا، لتطرح تساؤلات عديدة حول أسبابها وأهدافها، وفي الوقت عينه لكي يشن بعض أعداء روسيا، خصوصاً وسائل إعلام عربية تابعة للمحور الأمريكي، هجمات تضليلية وخاطئة في التقدير، على خلفية هذه التغييرات.
فبموجب قرار عسكري أصدره وزير الدفاع الروسي “سيرغي شويغو”، تم تعيين رئيس هيئة الأركان الروسية “فاليري غيراسيموف” قائدا للقوات الروسية في منطقة العملية، وتم تعيين 3 نواب له هم: قائد القوات الجوفضائية والقائد السابق للقوات الروسية في العملية الجنرال “سيرغي سوفوروكين”، وقائد القوات البرية الجنرال “أوليغ ساليكوف”، ونائب رئيس الأركان “أليسكي كيم”. وجاء في بيان الوزير شويغو، بأن رفع مستوى قيادة القوات الروسية في أوكرانيا، مرتبط بتوسيع حجم المهام المنوطة بها، ولتحسين جودة جميع أنواع الدعم وفعالية إدارة مجموعة القوات.
وهذا ما يدلّ على الأمور التالية:
_ هي إشارة على أن العمليات الروسية في أوكرانيا على وشك التوسع. لكن روسيا تريد سلاسةً أكبر في منظومة القيادة والسيطرة، بحيث يكون رأس القرار العسكري، هو القائد المباشر أيضاً لمسرح العمليات. وهذا ما لمح إليه رئيس دونيتسك “دينيس بوشيلين” عندما قال بأن التقدم الميداني في الأسابيع الأخيرة هو مجرد بداية، وعلامة على أن ثمة شيئا جديدا يحضر لمعركة قادمة.
_لا يتعلق هذا القرار بترقية أي ضابط أو تخفيض رتبته، بل إن ما حصل هو رفع مكانة العملية بشكل أساسي. خاصةً وأن سوروفيكين كان مناسبا تماما للقيادة، حيث استقر تحت قيادته خط الدفاع في دونباس، وتم إجلاء القوات من الضفة اليمنى لنهر دنيبر في خيرسون دون خسائر في الأشخاص والمعدات ولا حتى خسائر في المعنويات، بحيث جرى نقلهم الى مناطق أخرى، تم التحقيق نتائج مهمة فيها مثل مارينكا وأرتيموفسك وسوليدار.
_هذا التعديل يعني بأن العملية ستشهد دخول وحدات وأسلحة جديدة وربما ذات طابع استراتيجي، مدعومةً بحوالي 300 جندي من قوات التعبئة الجزئية. وفي هذا السياق، يجري الحديث عن انضمام عشرات الدبابات من طراز T-90 المتطورة (حوالي 200 دبابة)، بالإضافة الى تزويد الجيش الروسي بـ 22 قاذفة بصواريخ باليستية عابرة للقارات “يارس” و”أفانغارد” و “سارمات”، و 3 قاذفات صواريخ استراتيجية من طرا Tu-160، والغواصة النووية التابعة لمشروع Borey-A” الإمبراطور ألكسندر الثالث”. كما سيتلقى الجيش 4 غواصات و12 سفينة.
ومن المخطط أيضاً، زيادة عدد أنظمة الصواريخ عالية الدقة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت (فرط صوتية)، مثل “الخنجر – Kinzhal” و”زيركون – Zirkon”، بالتزامن مع مواصلة العمل على نماذج أخرى واعدة.
ما هي أهمية مدينة سوليدار؟
_ تساعد في الهجوم على مدينة باخموت الاستراتيجية، على بعد حوالي 10 كيلومترات (6 أميال) إلى الجنوب الغربي، مما يوفر لروسيا موقع مدفعي آمن في نطاق المدينة.
_ تحتوي هذه المدينة على مناجم ملح عميقة، والتي يمكن استخدامها لنشر القوات وتخزين المعدات، وهي قادرة على تأمين الحماية من الصواريخ الأوكرانية. ولهذه المناجم شبكة واسعة من الأنفاق تحت الأرض، والتي يمكن أن تكون ذات أهمية استراتيجية بحيث ربما تكون صلة وصل مع مناطق أخرى.
الكاتب: علي نور الدين