منذ إعلان بن سلمان عن شروطه للتطبيع مع الكيان المؤقت، بدأت وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية بتكثيف استخدام مفردتي “إسرائيل” و”السعودية” جنبًا إلى جنبًا على كافة المنصات. وقبل أن ينسى الناس قضية زيارة بين الطرفين هنا أو لقاء سري هناك، يتم بثّ معلومات من قبيل تصريحات متقاربة، أو مثلًا طائرات إسرائيلية تقوم بمناورات قرب الحدود السعودية. وهكذا حتى تصبح الجماهير أكثر تآلفًا مع فكرة التطبيع قبل إعلانه.
مبادرة جديدة تكشف عنها الصحافة العبرية
بعد كشف الصحافة العبرية الشهر الماضي، في نهاية عام 2022، عن وثائق رسمية تنقل عن لسان كبار المسؤولين السعوديين بأن “التطبيع مسألة وقت فقط”، نشر بتاريخ 10 كانون الثاني / يناير، تعليقات عن لسان كبار القادة السعوديين لوفد يهودي زار الرياض مؤخرًا، ترأسه جون حنا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس السابق ديك تشيني. وهو يعمل اليوم في المعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي.
في أول مقابلة رسمية له حول الرحلة، قال حنا لـ ALL ISRAEL NEWS، إنه التقى مع ولي العهد، ووزير الدفاع، ووزير الخارجية، كما التقى بقائد البحرية، وقائد القوات الجوية، والمسؤولون عن التحول الدفاعي بوزارة الدفاع. والمسؤول عن صناعاتها العسكرية، وقال في المقابلة عبر تطبيق زووم نشرت على يوتيوب “لقد رأينا شخصًا أعرفه ربما تعرفه جيدًا – لقد قضينا يومًا جميلًا في رابطة العالم الإسلامي مع الشيخ محمد العيسى. ذهبنا بالطبع إلى مركز مكافحة التطرف”.
أما الوفد اليهودي فكان مؤلفًا من ثمانية ضباط متقاعدين يتمتعون بخبرة عميقة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القائد السابق في القيادة المركزية الأمريكية والسفير الأمريكي السابق لدى المملكة العربية السعودية تحت قيادة ترامب، الجنرال جون أبي زيد. والمدير السابق لوكالة الأمن القومي الأدميرال مايك روجرز؛ المدير السابق لوكالة استخبارات الدفاع، اللفتنانت جنرال بوب اشلي؛ واخرين.
وعلى الرغم من أن القواعد الأساسية للاجتماعات تمنع حنا وزملائه من الاقتباس مباشرة من قادة سعوديين محددين التقوا بهم، إلا أنه قال إنه يتمتع بحرية التعبير عن انطباعاته عما شاهدوه وسمعوه.
نتنياهو: لاندماج إسرائيلي مكتمل
يعوّل الاسرائيليون اليوم على التطبيع مع السعودية باعتباره اندماج إسرائيلي مكتمل في المنطقة خاصة في مبادرة الحزام والطريق. كان نتنياهو أكثر وضوحًا بشأن “توسيع دائرة السلام” في مقابلته في 15 كانون الأول /ديسمبر مع قناة العربية: “إنني أشير إلى ما يمكن أن يكون سلامًا تاريخيًا رائعًا حقًا مع المملكة العربية السعودية. ضع في اعتبارك أنني ملتزم بتعميق وتعزيز اتفاقيات إبراهيم الرائعة التي عقدناها مع جيراننا، لكنني أعتقد أن السلام مع المملكة العربية السعودية سيخدم غرضين. ستكون نقلة نوعية لسلام شامل بين إسرائيل والعالم العربي. سيغير منطقتنا بطرق لا يمكن تصوره”.
من جانبهم، أعطى كبار المسؤولين السعوديين عدة وفود أمريكية زائرة ثلاثة شروط لعلاقات أكثر وضوحًا مع الكيان، وجميعها تعتمد على الإجراءات الأمريكية:
رفع مستوى العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية وتأمين التزامات مكتوبة للعمل الأمريكي إذا تعرضت المملكة للهجوم.
ضمان تدفق موثوق للأسلحة الأمريكية، بما في ذلك تسليم المشتريات الحالية واستئناف مبيعات الأسلحة الهجومية، التي توقفت في فبراير 2021.
إقامة تعاون مدني في مجال الطاقة النووية، بما في ذلك القدرة على تخصيب اليورانيوم.
هذه الشروط سيتوسّط نتنياهو لتذليلها مع واشنطن، على الرغم من أنه ليس ثمّة ما يضمن أن الولايات المتحدة ستستجيب لمطالب أكثر طرفين مستفزين لإدارة بايدن، نتنياهو وبن سلمان.
ماذا سيفعل نتنياهو؟
يبدو أن الورقة الفعالة اليوم في يد نتينياهو هي جماعات الضغط اليهودية داخل الولايات المتحدة، لمساندة جماعات الضغط السعودية. جون حنا هو شخصية يهودية مقربة من الحكومة الأمريكية، جاريد كوشنر صهر ترامب يهودي أيضًا يعمل مع جماعات الضغط لصالح السعودية، وترامب يدعمها في السر والعلن، مجمعات صناعية مثل مجمع الصناعات العسكرية هي هيئة تشبه جماعات الضغط وترى أن يجب تحسين العلاقات مع السعودية لتشغيل المصانع الأمريكية.
يمكن أن تنجح هذه الجماعات في بعض البنود خاصة بعدما بدأ العام الحالي 2023 بنوع من التقارب بين السعودية والولايات المتحدة، إلا أنه تقارب لم يرقَ إلى مستوى أن ترفع السعودية مثلًا إنتاج النفط في أوبك، وبالنسبة للأمريكيين فأن امتلاك السعودية للمحطات النووية له تداعيات سياسية معقدة ليس من المتوقع الموافقة عليها. وهو الأمر الذي يمكن أن يضع رفع إنتاج النفط مقابل إنشاء المحطات النووية على طاولة المفاوضات.
الكاتب: زينب عقيل