يأتي حضور زيلينسكي في القمة العربية في جدة في إطار جولة لجمع المال والأسلحة بدأ بها منذ صدور معلومات عن توقف الدعم الأمريكي، خاصة إذا لم تتمكن أوكرانيا من تحقيق إنجاز على ساحة المعركة في الأشهر الخمسة المقبلة. بعد جولة في أوروبا حضر زيلينسكي أمام قادة الدول العربية ليتّهم بعض قادتها بغض الطرف عن أوكرانيا، قبل رحلته إلى قمة G7 في اليابان.
اللافت أن وكالة رويترز قبل ساعات قليلة من انعقاد القمة، أفادت عن نية زيلينسكي السفر إلى جدة وحضور القمة العربية، بناء على دعوة تلقاها من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وهو الأمر الذي يثير التساؤل حول سبب هذه الدعوة، هل هي بهدف وساطة خليجية للسلام تقوم بها السعودية، أم أنّ خلفها ضغطًا أمريكيًا في هذه الفترة الحرجة التي تواجهها إدارة بايدن من عدم قدرتها على المضي بدعم كييف؟ فتعمد إلى دفع دول الخليج إلى شراء السلاح الأمريكي اللازم للهجوم الأوكراني المضاد، وفي هذه الحالة، لا تتخلص الولايات المتحدة من عبء الميزانية الأوكرانية التي تثقل كاهل الخزينة فحسب، بل تكون قد أمّنت ما يدرّ الربح من صفقات الأسلحة على هذه الخزينة. إنه العقل الأمريكي!
إلى ذلك، حضر زيلينسكي في القمة حضور الرجل الواثق، ولم يتوانى عن تقديم ملاحظاته على الأداء العربي في الصراع، الرجل التي تحوّل من زعيم مخيب للآمال في زمن السلم إلى “الأب المؤسس الجديد والشاب والرائع” للعالم الحر، بمساعدة شخصيته كممثل ومؤدٍ سابق أدى خطابًا قال فيه “لسوء الحظ، هناك البعض في العالم وهنا بينكم يغضون الطرف عن أقفاص [أسرى الحرب] وعمليات الضم غير القانونية”. وأضاف “أنا هنا حتى يتمكن الجميع من إلقاء نظرة صادقة، بغض النظر عن مدى صعوبة محاولة الروس التأثير، يجب أن يكون هناك استقلال”. كما أخبر زيلينسكي القادة المجتمعين في جدة أن بلاده تدافع عن نفسها من المستعمرين والإمبرياليين، ويبدو أنها تستدعي تاريخ العالم العربي من الغزو والاحتلال قائلًا إن دولهم ستفهم أن أوكرانيا “لن تخضع أبدا لأي أجنبي أو مستعمر. لهذا السبب نقاتل”. وانتقد إيران لتزويدها روسيا بطائرات هجومية بدون طيار وتحدث عن معاناة التتار المسلمين الذين يعيشون تحت الاحتلال الروسي في شبه جزيرة القرم.
التقى زيلينسكي بمحمد بن سلمان على هامش القمة، وشكره على دعمه لسيادة أوكرانيا، حسبما ذكر بيان صادر عن الرئاسة. وقال مكتب زيلينسكي “شكر الرئيس ولي عهد السعودية على دعم سلامة أراضي وسيادة أوكرانيا”، مضيفًا أنه دعاه إلى زيارة أوكرانيا. وأشار زيلينسكي إلى “المشاركة الناجحة للمملكة العربية السعودية في عودة عشرة أسرى حرب” وقال إنه يأمل في مواصلة الجهود المشتركة بشأن هذه القضية. وخلال الاجتماع، أعرب بن سلمان عن التزام السعودية بدعم المبادرات الدولية للتوصل إلى حل سياسي للصراع الأوكراني الروسي، وأكد على جهود المملكة المستمرة للتخفيف من العواقب الإنسانية للأزمة.
وحضر اللقاء عدد من كبار المسؤولين السعوديين، منهم وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان، ووزير الدولة وعضو مجلس الوزراء الأمير تركي بن محمد بن فهد، ووزير الرياضة الأمير عبد العزيز بن تركي بن فيصل، ووزير الداخلية الأمير عبد العزيز بن سعود، ووزير الحرس الوطني الأمير عبد الله بن بندر، ووزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، ووزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله. وزير الدولة ومستشار الأمن الوطني الدكتور مساعد العيبان، ووزير المالية محمد الجدعان.
كما التقى زيلينسكي برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الذي شكره على “تضامن العراق” و”موقفه الثابت في دعم سيادة دولتنا وسلامة أراضيها”. كما أجرى زيلينسكي محادثات مع رؤساء الوفود من الإمارات العربية المتحدة وعمان والكويت، الذين ناقش معهم صيغة السلام في أوكرانيا. والتي تتضمن الانسحاب الكامل للقوات الروسية واستعادة حدود الدولة الأوكرانية.
وناقش الرئيس الأوكراني القضايا المتعلقة بالتجارة والاستثمار وكذلك “الأمن الغذائي العالمي وعمل مبادرة حبوب البحر الأسود” مع رئيس الوفد الإماراتي. وشدد على “أهمية دعم جهود أوكرانيا السلمية من قبل دول المنطقة” في المناقشات مع الرئيس العماني أسعد بن طارق آل سعيد. وقد أعرب زيلينسكي عن “امتنانه للكويت لدعمها المستمر في سياق التصويت على القرارات ذات الصلة للجمعية العامة للأمم المتحدة”.
الكاتب: غرفة التحرير