انتخب الشعب الفلسطيني مرّة ثانية، وفي فترة أقل من سنة، خيار المقاومة ومسار حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين. وأسقط رهانات كيان الاحتلال على اختراق وعيه، وتفتيت جبهته الداخلية. مشهد جديد من وحدة الساحات رسمه مهرجان الجهاد الإسلامي “ثأر الأحرار”، من “أرض الكتيبة” في قطاع غزّة، الى “الملعب البلدي” في صيدا جنوب لبنان، فمخيم “النيرب” بمدينة حلب السورية، ومخيم “جرمانا” في دمشق، حيث التفّت الجماهير الفلسطينية حول ذاك الخيار الأوحد لتحرير كلّ فلسطين، وتقديرًا لجهود سرايا القدس التي أثنى الجميع على أدائها وقيادتها للمعركة.
محور المقاومة حاضر في غزّة
رفعت صور شهداء معركة “ثأر الأحرار” من المجلس العسكري لسرايا القدس الى جانب الشهيدين علي الأسود والأسير خضر عدنان، والفصائل الفلسطينية الأخرى (كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، كتائب المجاهدين). في غزّة، كان اللافت صورة كبيرة لشهداء محور المقاومة، وهم الشهيد القائد قاسم سليماني، الشهيد أبو مهدي المهندس، الشهيد القائد عماد مغنية، والشهيد السيد عباس الموسوي، تجسيدًا لوحدة ساحات محور المقاومة، وفي رسالة للاحتلال أنّ الاستفراد بساحة العدوان لا يفكّ حلقة الترابط، كما لا يمكن فصل الجهاد الإسلامي عما أسست له من تحالفات إقليمية، وسّعت من حضورها في الداخل والخارج. ولطالما تطرّق الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة الى دور الجمهورية الإسلامية الإيرانية وحزب الله على الدعم والاسناد لاسيما في “ثأر الأحرار”.
هناك أيضًا، حضر عوائل الشهداء وأبناءهم رافعين صورهم، تأكيدًا على أنّ التضحيات طبيعية في “طريق ذي الشوكة” ولا تمنع الاستمرار في خيار الجهاد. كذلك حضرت الجوقات العسكرية من مختلف وحدات سرايا القدس، وقد ألصق بعض المجاهدين صورة الشهيد القائد إياد الحسني على سلاحهم وصواريخهم، وخاصة سلاح الدفاع الجوي.
“إسرائيل” تنازلت أمام الجهاد الإسلامي الذي كان ندًا لها
كشف الأمين العام زياد النخالة عن كواليس مفاوضات وقف إطلاق النار التي جرت في العاصمة المصرية القاهرة، ليثبت تطورًا مهمًا على المستوى الدبلوماسي، فقال إنّ: “وقف إطلاق النار تم بناء على موافقة الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، ألم يسأل أحد من هذا الطرف الفلسطيني. الطرف الفلسطيني هو الجهاد الإسلامي فصيل واحد لا يملك سوى مقاتليه وشعب يقف خلفه ومقاومة حاضنة لها. منذ متى كانت تقبل “إسرائيل” أن يكون الفلسطيني نداً لها يجبرها على وقف العدوان ويلجم جيشها عن الإجرام؟ فصيل واحد يقاتل في الميدان ويفاوض لوقف العدوان ويلزم العدو بوقف جرائمه وحتى لو لم يلتزم بذلك لاحقاً. إن العدو كان يكذب ويقول إنه انسحب من المفاوضات وهذا غير صحيح نحن الذين رفعنا أكثر من مرة جلسات المفاوضات. في اليوم الخامس من العدوان قدمنا نص الاتفاق وقلنا لهم إما أن يقبل العدو به أو ننسحب من المفاوضات.
الرد وقصف “تل ابيب”: معادلتان ثابتتان
حفظت مبادرة سرايا القدس والمقاومة الفلسطينية نحو المعركة ورفض ابتلاع دماء الشهداء، معادلات الصراع مع كيان الاحتلال، اذ “خرج مقاتلونا ليعيدوا ترتيب المعادلات مرة أخرى”، وليثبتوا “للعدو” أنهم على استعداد دائم لخوض المعركة تلو الأخرى دفاعاً عن الشعب ومنعًا لاستباحة الدماء”، فإنّ “أي عملية اغتيال سيكون ردنا عليها قوياً وواضحاً ومؤلماً… ولن تكون “تل أبيب” وغيرها من مدن الكيان الصهيوني بعيدة عن مرمى صواريخنا”، وفق ما شدّد النخالة.
ولفت النخالة الى دور الغرفة المشتركة لفصائل المقاومة الفلسطينية فـ ” حضور الغرفة المشتركة الدائم واستعدادها للدخول في المعركة كان عاملا مهما في تقصير أيام العدوان”. فيما حذرت الغرفة المشتركة في كلمتها خلال المهرجان، العدو من أي “عملية اغتيال أو حماقة”، قائلةً ” فنحن عند وعدنا وعهدنا بالرد بكل قوة في عمق العدو وبشكل موحد وبلا أي تردد، وقد خبرنا العدو جيداً”.
خرجت حركة الجهاد الإسلامي وجناحها العسكري سرايا القدس، على الرغم من عظيم التضحيات والجراح، أكثر قوّة وصلابة وتماسكًا وحكمة في فهم وإدارة الميدان العسكري، وفي إدارة طاولة المفاوضات وفرض أوراق القوّة. فتحفظ “أسماء الشهداء وصاياهم، وأحلامهم جيلاً بعد جيل، لتكتبها في يوم آتٍ لا محالة على أسوار القدس ومسجدها وأبوابها”، نختم بكلمات النخالة، ولا تُختتم المواجهة فإنّ الاشتباك، باسم الشهداء، مستمر.
الكاتب: مروة ناصر