“بطل العبوات الناسفة، وأسد الاشتباكات”، هكذا رثى الشهيد نضال خازم، رفيق دربه الشهيد تامر النشرتي. فالشهيدان ترافقا في العمل الجهادي في صفوف كتيبة جنين، تغذيةً للعمل المقاوم المتصاعد في الضفة الغربية المحتلّة، والذي بدأ نواته في جنين ومخيمها، وانتقل من الحجر والرصاص الى العبوات وأخيرًا الكمائن المُحكمة. وقد اختصّ الشهيد النشرتي في تصنيع تلك العبوات التي قلبت الموازين في عملية “بأس الأحرار” في جنين في التاسع عشر من شهر حزيران / يونيو 2023.
السيرة الجهادية للشهيد تامر النشرتي
هو ابن الـ 23 من العمر، من الجيل الفلسطيني الجديد الذي أعاد إحياء خيار المقاومة المسلّحة في الضفة الغربية المحتلّة متبرئً من خيارات السلطة الفلسطينية ومسار التسويات. هو الأسير المحرر والجريح، ومن أوائل المنتسبين الى صفوف كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، التي تأسست على يد الشهيد جميل العموري ومجموعة صغيرة من أبناء جنين، وظهر فعلها في الميدان بعد عملية تحرّر الأسرى الـ 6 من سجن “جلبوع” (عملية “نفق الحرية في 6 أيلول / سبتمبر من العام 2021).
كما أكّدت كتيبة جنين في بيانها عقب استشهاد القائد النشرتي، أنّه كان من “أبرز مقاتليها الشجعان الذين لبوا نداء الدين والوطن في مقاومة الاحتلال المجرم، وأحد أعضاء اللجنة التنظيمية في مخيم جنين “. ونشر الإعلام الحربي للكتيبة صورة الشهيد النشرتي برفقة الشهيد فاروق سلامة خلال عودتهما من التصدي لإحدى اقتحامات جيش الاحتلال لمدينة جنين.
الشهيد تامر النشرتي برفقة الشهيد فاروق سلامة
أضافت الكتيبة أنّ الشهيد النشرتي “تولى أكثر من مهمة جهادية”. فيما كان أبرزها تحمّل مسؤولية وحدة الهندسة في الكتيبة، فقد عمل الشهيد النشرتي على تصنيع العبوات الناسفة وتجهيزها من أجل نصب الكمائن لقوات الاحتلال تصديًا لعدوانها على جنين ومخيمها.
بثّ الإعلام الحربي لكتيبة جنين جانبًا من تجهيزات الشهيد القائد النشرتي العبوات الناسفة ضمن كمين كانت تعدّه الكتيبة لجيش الاحتلال. وبهذه المسؤولية الجهادية، ارتقى القائد شهيدًا في التاسع عشر من شهر كانون الأول / ديسمبر من العام 2022، متأثرًا بإصابته أثناء عمله في مخيم جنين. لكنّ عمله هذا نضج ميدانيًا على أيدي مجاهدي الكتيبة بعد أقل من شهر على شهادته.
عبوة “التامر”
كشفت كتيبة جنين عن “عبوة التامر”، تيمنًا بقائدها تامر النشرتي، وهي صُنعت محليًا في جنين، وأدخلت الى الخدمة الميدانية خلال تصدي الكتيبة لاقتحام قوات الاحتلال لبلدة “كفردان” غربي جنين، مطلع شهر كانون الثاني / يناير من العام 2023. وفي بيان خاص قالت الكتيبة: “نكشف عن عبوة ناسفة محلية الصنع، نسبة للشهيد تامر النشرتي، ونعلن عن استخدمها في التصدي لقوات الاحتلال أثناء اقتحامها بلدة كفردان، قبل أيام، ونعلن مسؤوليتنا عن إطلاق النار تجاه معسكر سالم”. (في 11/1/23023). كما شدّدت الكتيبة عقب استشهاد النشرتي في رسالتها للاحتلال، “أننا أعددنا لكم ما لا يسركم، فاليوم نحن بكامل جهوزيتنا القتالية والدفاعية، ولقد أعددنا لكم أصنافًا من الموت”.
أمّا في التاسع عشر من شهر حزيران / يونيو عام 2023، شكّلت عبوة “التامر” الحدث المفصلي الذي أكّد على تحوّل كبير في مسار المقاومة في الضفة الغربية وتحديدًا في جنين. وقعت آليات الاحتلال المعروفة باسم “النمر”، بكمائن كتيبة ومجاهدي جنين والتي استخدمت فيها عبوات “التامر” ضمن عملية “بأس الأحرار” التي جاءت امتدادًا لمعركة “ثأر الأحرار” التي خاضتها سرايا القدس في قطاع غزّة ردًا على اغتيال الاحتلال لـ 6 من أعضائها، ومن بينهم مسؤول ملف الضفة في حركة الجهاد الإسلامي طارق عز الدين في التاسع من شهر أيار / مايو 2023.
أحدثت هذه العبوات بـ “النمر”، هي ناقلة للجند (تتسع لـ 8 جنود) تعتبر الأكثر تحصينًا من بين آلياته المستخدمة في هذه الاقتحامات في الضفّة، الأضرار الكبيرة وأعطبت آليات الاحتلال مما أجبر الجيش على سحبها ونقلها في صور بقيت شاهدة على “مجزرة الآليات” في جنين، وهزيمته.
تشييع عسكري وجماهيري
لمّا كانت جنين ملهمة لنهضة المقاومة في مختلف مناطق الضفة الغربية ولاسيما في الشمال، ولمّا كانت هذه الكتائب المنتشرة من جنين الى نابلس وطوباس وطولكرم، ورام الله وغيرها متلاحمة، أقام أصدقاء الشهيد النشرتي تشيعًا له في نابلس قرب مخيم البلاطة، في طريق الجثمان من مستشفى في رام الله حيث نقل اليها الشهيد للعلاج، قبل إيصاله الى جنين. وهناك أقامت الكتيبة الى جانب التشييع الجماهيري، عرضًا عسكريًا تضمّن مئات المقاتلين بكامل عتادهم. وأكدت حينها الحركة في بيان أن دماء نشرتي وبقية الشهداء “سوف تشعل مزيدًا من وقود الانتفاضة المتواصلة على امتداد الساحات”.
تشييع الشهيد تامر النشرتي في مخيم جنين
الكاتب: مروة ناصر