11 عاماً احتاجت تركيا، كي تصل حكومتها الى أن الحلّ في سوريا يجب أن يكون سياسياً وعبر الحوار، بين من سمّتهم بالمعارضة والنظام. وهذا ما كان يدعو اليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، منذ بدايات الحرب على سوريا. لكن على ما يبدو فإن الدولة التركية قد تغيّرت مصالحها، حتى تغيرت مواقفها بشكل جذري.
ففي ذلك الحين، كان رئيس تركيا رجب طيب أردوغان يتوعد بأن صلاته في الجامع الأموي في دمشق وزيارته لقبر صلاح الدين الأيوبي باتت قريبة. متوعداً أحزاب المعارضة التركية التي “نصرت” الدولة السورية بالخجل في القريب العاجل، فيما هو سيذهب مع أعضاء حزبه إليها (سوريا) ليلتقوا بأخوتهم (أي المجموعات الإرهابية المسلحة)، ويتلون “سورة الفاتحة فوق قبر صلاح الدين الأيوبي”.
أما الموقف التركي الحالي، فهو ما عبّر عنه وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو مؤخراً، حينما أكّد على ضرورة إيجاد حل سياسي للقضية السورية، مضيفا بأنه من أجل استمرار وحدة سوريا وسلامتها، يجب أن تتوصل المعارضة المعتدلة والنظام إلى اتفاق على خريطة طريق يستثنى منها من وصفهم بـ”الإرهابيين”، مشيرا إلى أن هذا هو السبيل الوحيد لتأسيس الوحدة واللحمة في سوريا. مشدداً على أهمية بدء العملية الانتقالية في سوريا التي تكون عبر إجراء عملية انتخابية وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي. وخاطب جاويش أوغلو المنزعجين من هذا الطرح قائلاً: “أخبرونا إن كان هناك حل آخر؟ هل تقبلون أن تستمر هذه الحرب الأهلية 50 عاما أخرى؟!”.
فإلى ماذا دعا السيد نصر الله في أول خطاب له منذ 11 عاماً؟
أما السيد نصر الله، فمنذ ما بعد آذار / مارس العام 2011، وفي كل خطاباته أو لقاءاته الإعلامية التي كان يتطرق فيها الى الموضوع السوري، كان يكرّر بأن الحلّ الوحيد المطروح لحل الأزمة هو بتوقف المجموعات التي تدّعي المعارضة عن القتال، لصالح إجراء الحوار مع الرئيس بشار الأسد.
وفي أول خطاب له بما يتعلق بالأزمة، خلال عيد المقاومة والتحرير في أيار / مايو من العام 2011، أي بعد حوالي شهرين من بدئها، والذي شرح فيه موقف الحزب منها، دعا السوريين إلى الحفاظ على بلدهم وإلى الحفاظ على نظامهم المقاوم والممانع، وأن يعطوا المجال للقيادة السورية بالتعاون مع كل فئات الشعب لكي تقوم بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وأن يختاروا طريق الحوار وليس الصدام. مؤكداً يومها على أن الرئيس بشار الأسد مؤمن بالإصلاح وجاد ومصمم، بل ومستعد للذهاب إلى خطوات إصلاحية كبيرة جداً، ولكن بالهدوء وبالتأني وبالمسؤولية.
وأضاف السيد نصر الله بأن إسقاط النظام في سوريا سيكون فيه مصلحة أميركية وإسرائيلية، بينما سيكون في استقرار سوريا ودولتها مصلحة لها وللبنان وللعرب وللأمة.
وهذا ما دفع بالسيد نصر الله وقتها، الى القيام بدور الوساطة مع الجهات المعارضة خاصةً تلك التي تدور في فلك تركيا، بهدف تجنيب سوريا سيناريو الحرب الذي لن يفيد سوى أعدائها، لكنهم رفضوا وأجهضوا كل محاولات الوصول الى الحوار، بل وصل بهم الأمر الى تهديد المقاومة في لبنان بـ”انتظار دورها”.
وهنا يطرح السؤال نفسه، ماذا استفادت تركيا ومن يتبعها من مجموعات خلال كل هذه السنين من الإصرار على معاداة للشعب السوري ودولته ومنع حصول أي وقف لنزيف الدم هناك، ولمصلحة من؟
الكاتب: علي نور الدين